للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَيْلُهَا عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ الْمُسَمَّى بُلُوغُهَا إلَيْهِ بِحَالَةِ الِاسْتِوَاءِ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ فِي الظَّاهِرِ لَنَا بِزِيَادَةِ الظِّلِّ عِنْدَ تَنَاهِي نَقْصِهِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ، أَوْ حُدُوثُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَا نَفْسُ الْمَيْلِ فَإِنَّهُ يُوجَدُ قَبْلَ ظُهُورِهِ لَنَا وَلَيْسَ هُوَ أَوَّلَ الْوَقْتِ، فَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ ظُهُورِهِ ثُمَّ اتَّصَلَ الظُّهُورُ بِالتَّحَرُّمِ عَلَى قُرْبٍ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفَجْرِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ مَوَاقِيتَ الشَّرْعِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ كَمَكَّةَ وَصَنْعَاءَ الْيَمَنِ فِي أَطْوَلِ أَيَّامِ السَّنَةِ دَلَّ عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا بِمَا تَقَدَّمَ خَبَرَ «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْجَوَامِعِ لِلْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ) أَيْ لَا عَلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى لَوْ أَوْقَعَ التَّحَرُّمَ بَعْدَ مَيْلِهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَبْلَ ظُهُورِهِ لَنَا لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَلِيٌّ بَلْ أَوْ مَعْصُومٌ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ مَوَاقِيتَ الشَّرْعِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِالزَّوَالِ فَلَا وُقُوعَ وَإِنْ عَرَفَ ذَلِكَ بِالْمِيقَاتِ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ وَإِنْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ أَيْضًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ حُدُوثُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ.

وَقَوْلُهُ: فِي أَطْوَلِ أَيَّامِ السَّنَةِ.

قَالَ حَجّ: وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهِ فِيهَا فَقِيلَ يَوْمٌ وَاحِدٌ هُوَ أَطْوَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَقِيلَ جَمِيعُ أَيَّامِ الصَّيْفِ، وَقِيلَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا، وَقِيلَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ قَبْلَ انْتِهَاءِ الطُّولِ وَمِثْلُهَا عَقِبَهُ، وَقِيلَ يَوْمَانِ يَوْمٌ قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَيَوْمٌ بَعْدَهُ بِسِتَّةٍ وَعِشْرِينَ وَمَا عَدَا الْأَخِيرَ وَالْأَوَّلَ غَلَطٌ، وَاَلَّذِي بَيَّنَهُ أَئِمَّةُ الْفَلَكِ هُوَ الْأَخِيرُ، وَقَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إنَّ صَنْعَاءَ كَمَكَّةَ فِي ذَلِكَ لَا يُوَافِقُ مَا حَرَّرَهُ أَئِمَّةُ الْفَلَكِ لِأَنَّ عَرْضَ مَكَّةَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَعَرْضُ صَنْعَاءَ عَلَى مَا فِي زيج ابْنِ الشَّاطِرِ خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً تَقْرِيبًا، فَلَا يَنْعَدِمُ الظِّلُّ فِيهَا إلَّا قَبْلَ الْأَطْوَلِ بِنَحْوِ خَمْسِينَ يَوْمًا وَبَعْدَهُ بِنَحْوِهَا أَيْضًا، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيُوَضِّحُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ» ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَبَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا جِبْرِيلُ بِهِ كَانَتْ صَبِيحَةَ يَوْمِ فَرْضِهِ لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ وَأَنَّهُ صِيحَ بِالصَّلَاةَ جَامِعَةً: أَيْ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمْ يُشْرَعْ بِالْمَدِينَةِ بَعْدُ وَأَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ بِأَصْحَابِهِ: أَيْ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِمْ وَمُبَلِّغًا لَهُمْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ السَّابِقَةِ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ بَيَانَ الْأَوْقَاتِ إنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَحَصْرُهُ ذَلِكَ بَاطِلٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَإِنَّمَا تَقَدَّمَ جِبْرِيلُ وَصَلَّى بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ مِنْهُ لِغَرَضِ التَّعْلِيمِ، لَا يُقَالُ: كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْتَدِيَ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُعَلِّمَهُ التَّبَعِيَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْقَوْلِ أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِهِ إمَامًا وَيُعَلِّمُهُ جِبْرِيلُ مَعَ كَوْنِهِ مُقْتَدِيًا بِالْإِشَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا.

لِأَنَّا نَقُولُ: لَعَلَّ إمَامَةَ جِبْرِيلَ أَظْهَرُ فِي التَّعْلِيمِ مِنْهُ فِيمَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ جِبْرِيلُ وَعَلَّمَهُ بِالْإِشَارَةِ أَوْ نَحْوِهَا.

وَقَوْلُهُ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ: أَيْ فَلَمَّا جَاءَ الْغَدُ صَلَّى بِهِ الظُّهْرَ. فِيهِ أَنَّ أَوَّلَ الْيَوْمِ التَّالِي لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ هُوَ الصُّبْحُ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَقُولُ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ صَلَّى بِي الصُّبْحَ إلَى آخِرِ الْعِشَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ: أَيْ بَعْدَ الْيَوْمِ الثَّانِي صَلَّى بِي الصُّبْحَ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ.

قُلْت: يَجُوزُ أَنَّهُ جَعَلَ الْيَوْمَ مُلَفَّقًا مِنْ يَوْمَيْنِ فَيَكُونُ الصُّبْحُ الْأَوَّلُ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالصُّبْحُ الثَّانِي مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: «فَصَلَّى بِي الظُّهْرَ» ) أَيْ إمَامًا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُعَلِّمِ، قِيلَ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ صِحَّةَ شَرْطِ الْقُدْوَةِ الْعِلْمُ بِذُكُورَةِ الْإِمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ لَا يَتَّصِفُونَ بِالذُّكُورَةِ وَلَا بِالْأُنُوثَةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ اعْتِقَادِ الْأُنُوثَةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي حَقِّ الْمَلَائِكَةِ لِذَمِّ اللَّهِ مَنْ سَمَّاهُمْ إنَاثًا، ثُمَّ هُوَ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ يَعْرِفَ كَيْفِيَّتَهَا فُرُوضًا وَسُنَنًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا، وَكَوْنُهُ عَلَّمَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ صَلَّى بِهِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ مِنْ نَقْلٍ صَحِيحٍ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِعْلُهُ لَا يَكُونُ عَلَى مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ يُرَدُّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[وَقْتُ الظُّهْرِ]

قَوْلُهُ: وَذَلِكَ يُتَصَوَّرُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ حُدُوثِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>