للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَقْوَى مِنْ حَدِيثِ جِبْرِيلَ لِأَنَّ رُوَاتَهُ أَكْثَرُ وَلِأَنَّهُ أَصَحُّ إسْنَادًا وَلِذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ دُونَ حَدِيثِ جِبْرِيلَ.

وَلَهَا خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ: وَقْتُ فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَوَقْتُ جَوَازٍ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ، وَوَقْتُ عُذْرٍ، وَقْتُ الْعِشَاءِ لِمَنْ يَجْمَعُ، وَوَقْتُ ضَرُورَةٍ، وَوَقْتُ حُرْمَةٍ.

وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ نَقْلًا عَنْ التِّرْمِذِيِّ وَوَقْتُ كَرَاهَةٍ وَهُوَ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِ الْجَدِيدِ ظَاهِرٌ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ.

(وَالْعِشَاءُ) يَدْخُلُ وَقْتُهَا (بِمَغِيبِ الشَّفَقِ) الْأَحْمَرِ لَا مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَصْفَرِ ثُمَّ الْأَبْيَضِ، وَيَنْبَغِي نَدْبُ تَأْخِيرِهَا لِزَوَالِ الْأَصْفَرِ وَنَحْوِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَمَنْ لَا عِشَاءَ لَهُمْ لَكِنَّهُمْ فِي نَوَاحٍ تَقْصُرُ لَيَالِيهمْ وَلَا يَغِيبُ عَنْهُمْ الشَّفَقُ تَكُونُ الْعِشَاءُ فِي حَقِّهِمْ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَغِيبُ فِيهِ الشَّفَقُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، وَقَدْ سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ بَعْدَ فَجْرِهِمْ أَوْ لَا؟ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِلَيْلٍ لَهُ وَجْهٌ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورَ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الشَّفَقَيْنِ لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ فِي بَيَانٍ فِي دُخُولِ وَقْتِ أَدَائِهَا، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ أَوْقَاتِ صَلَوَاتِهِمْ إلَّا وَقْتَ الْعِشَاءِ، إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ لَزِمَ مِنْهُ اتِّحَادُ أَوَّلِ وَقْتَيْ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي حَقِّهِمْ وَلَزِمَهُمْ أَنْ يُبَيِّنُوا أَيْضًا أَنَّ وَقْتَ صُبْحِهِمْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَضِيلَةٍ وَاخْتِيَارٍ) عَدَّهُمَا وَاحِدًا لِاتِّحَادِهِمَا بِالذَّاتِ وَلِذَا جَعَلَ أَوْقَاتَهَا خَمْسَةً وَلَك أَنْ تَجْعَلَهَا سِتَّةً لِاخْتِلَافِ وَقْتَيْ الْفَضِيلَةِ وَالِاخْتِيَارِ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا عِشَاءَ لَهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَفِي بِلَادِ الْمَشْرِقِ نَوَاحٍ تَقْصُرُ لَيَالِيهِمْ فَلَا يَغِيبُ الشَّفَقُ عِنْدَهُمْ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ: فِي بِلَادِ إلَخْ، بِخِلَافِ الَّذِينَ يَغِيبُ الشَّفَقُ عِنْدَهُمْ فَوَقْتُ الْعِشَاءِ لَهُمْ غَيْبُوبَتُهُ عِنْدَهُمْ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْ غَيْبُوبَتِهِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ تَأْخِيرًا كَثِيرًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْكَلَامِ اهـ.

أَقُولُ: وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ كَوْنُ الْبَاقِي مِنْ اللَّيْلِ بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ عِنْدَهُمْ زَمَنًا يَسَعُ الْعِشَاءَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ شَفَقُ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْعِشَاءِ.

[تَنْبِيهٌ] لَوْ عُدِمَ وَقْتُ الْعِشَاءِ كَأَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ كَمَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ اخْتِلَافٍ فِيهِ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَوْ لَمْ تَغِبْ إلَّا بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، فَأَطْلَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُهُمْ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ، وَفَرَّعَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ فِي الصَّوْمِ لَيْلَهُمْ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ ثُمَّ يُمْسِكُونَ إلَى الْغُرُوبِ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ، وَمَا قَالَاهُ إنَّمَا يَظْهَرُ إنْ لَمْ تَسَعْ مُدَّةُ غَيْبُوبَتِهَا أَكْلَ مَا يُقِيمُ بِنِيَّةِ الصَّائِمِ لِتَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِمَا عِنْدَهُمْ فَاضْطُرِرْنَا إلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَسِعَ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا حِينَئِذٍ كَأَيَّامِ الدَّجَّالِ لِوُجُودِ اللَّيْلِ هُنَا وَإِنْ قَصُرَ وَلَوْ لَمْ يَسَعْ ذَلِكَ إلَّا قَدْرَ الْمَغْرِبِ، أَوْ أَكْلَ الصَّائِمِ قَدَّمَ أَكْلَهُ وَقَضَى الْمَغْرِبَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ حَجّ.

وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم قَوْلُهُ وَجَبَ قَضَاؤُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ لَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ صَوْمِ رَمَضَانَ هَلْ يَجِبُ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَهُمْ أَوْ يُعْتَبَرُ قَدْرُ طُلُوعِهِ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَوَالِي الصَّوْمِ الْقَاتِلِ أَوْ الْمُضِرِّ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ تَنَاوُلِ مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ لِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ الْغُرُوبِ زَمَنًا يَسَعُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهُوَ مُشْكِلٌ بِالْحُكْمِ بِانْعِدَامِ وَقْتِ الْعِشَاءِ بَلْ قِيَاسُ اعْتِبَارِ قَدْرِ طُلُوعِهِ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ بَقَاءُ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَوُقُوعُهَا أَدَاءً فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ مَا نَحْنُ فِيهِ: أَيْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ فِي الصَّوْمِ لَيْلَهُمْ بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّانِي)

ــ

[حاشية الرشيدي]

[وَقْتُ الْعِشَاء]

قَوْلُهُ: لَا مَا بَعْدَهُ) مِنْ الْأَصْفَرِ ثُمَّ الْأَبْيَضِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُنْسَبُ الدُّخُولُ إلَيْهِمَا لِسَبْقِهِ عَلَيْهِمَا، وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا نَفْيُ مَذْهَبِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْوَقْتَ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِمَغِيبِهِمَا (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ) أَيْ وَهَلْ قَوْلُ مَنْ قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: اتِّحَادُ أَوَّلِ وَقْتَيْ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ) لَفْظُ أَوَّلِ لَيْسَ فِي فَتَاوَى وَالِدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>