للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِالْإِقْرَارِ لَزِمَهُ بَيَانُهُ، وَلَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ لِقَبُولِ الْإِقْرَارِ لِلسُّقُوطِ بِدَعْوَى أَنَّهُ عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ فَيَطْلُبُ يَمِينَ خَصْمِهِ فَيَرُدُّهَا فَيَحْلِفُ فَيَبْطُلُ الْإِقْرَارُ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَنْعُ لِأَنَّ الْآخَرَ إنَّمَا يَقْضِي بِقَوْلِهِمْ وَالْمَذَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ فَرُبَّمَا لَا يَرَى الْقَضَاءُ بِقَوْلِهِمْ وَلَا حَاجَةَ فِي هَذَا إلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي (وَالْكِتَابُ بِالْحُكْمِ يَمْضِي مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ) وَبُعْدِهَا (وَبِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ عَلَى الصَّحِيحِ لَا فِي مَسَافَةِ قَبُولِ شَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ) فَيُقْبَلُ مِنْ الْحَاكِمِ وَهِيَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى الْآتِيَةِ لِسُهُولَةِ إحْضَارِ الْحُجَّةِ مَعَ الْقُرْبِ، وَأَخَذَ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ تَعَسَّرَ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ لِنَحْوِ مَرَضٍ قُبِلَ الْإِنْهَاءُ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْمَسَافَةِ بِمَا بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ لَا بِمَا بَيْنَ الْقَاضِي الْمُنْهِي وَالْغَرِيمِ، وَالْمُتَّجَهُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَكَّمِ.

(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِمَحَلِّ وِلَايَةِ الْحَاكِمِ أَمْ لَا وَلِهَذَا أَدْخَلَهُ عَلَى التَّرْجَمَةِ الْمُنَاسَبَةِ لَهَا، وَلَا فَرْقَ فِيمَا يَأْتِي بَيْنَ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَغَيْبَتِهِ إذَا (ادَّعَى عَيْنًا غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ) وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا مَرَّ (يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا كَعَقَارٍ وَعَبْدٍ وَفَرَسٍ مَعْرُوفَاتٍ) بِالشُّهْرَةِ أَوْ بِتَحْدِيدِ الْأَوَّلِ (سَمِعَ) الْقَاضِي (بَيِّنَتَهُ وَحَكَمَ بِهَا) عَلَى حَاضِرٍ وَغَائِبٍ (وَكَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ لِيُسَلِّمَهُ لِلْمُدَّعِي) كَمَا يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ وَيَحْكُمُ بِهَا عَلَى الْغَائِبِ فِيمَا مَرَّ، وَغَلَّبَ غَيْرَ الْعَاقِلِ عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ الْأَكْثَرِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: ١] فَدَعْوَى أَنَّهُ خِلَافُ الصَّوَابِ غَيْرُ صَحِيحٍ (وَيَعْتَمِدُ فِي) مَعْرِفَةِ (الْعَقَارِ حُدُودَهُ) الْأَرْبَعَةَ إنْ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِهَا، وَإِلَّا فَالْمَعْرِفَةُ فِيهِ لَا تَتَقَيَّدُ بِهَا فَقَدْ يُعْرَفُ بِالشُّهْرَةِ التَّامَّةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ حَدٍّ وَلَا غَيْرِهِ، وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ حُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ يَكْتَفِي بِثَلَاثَةٍ وَأَقَلَّ مِنْهَا، فَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا يَكْفِي ثَلَاثَةٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَمَيَّزَ بِهَا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ تَمَيَّزَ بِحَدٍّ كَفَى، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا ذِكْرُ بَلَدِهِ وَسِكَّتِهِ وَمَحَلِّهِ مِنْهَا لَا قِيمَتِهِ لِحُصُولِ التَّمَيُّزِ بِدُونِهَا (أَوْ لَا يُؤْمَنُ) اشْتِبَاهُهَا كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِمَّا ذُكِرَ (فَالْأَظْهَرُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ) عَلَى عَيْنِهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ لِيُمَيِّزَهَا بِالصِّفَةِ مَعَ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى إقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهَا كَالْعَقَارِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ (وَيُبَالِغُ) حَتْمًا (الْمُدَّعِي فِي الْوَصْفِ) لِلْمِثْلِيِّ بِمَا يُمْكِنُ الِاسْتِقْصَاءُ بِهِ لِيَحْصُلَ التَّمْيِيزُ بِهِ الْحَاصِلُ غَالِبًا بِذَلِكَ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَجْعَلُ الْغَائِبَ كَالنَّاكِلِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِالْإِقْرَارِ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَى إقْرَارِ الْغَائِبِ.

(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَدْخَلَهُ فِي التَّرْجَمَةِ) وَهِيَ قَوْلُهُ كِتَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَحْدِيدِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) أَيْ أَمْرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ السِّكَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَنْ يَكُونَ الْمُخَالِفُ لَا يَرَاهُ حُكْمًا مُعْتَدًّا بِهِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ نَقْضُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ فِي هَذَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْإِنْهَاءُ بِمُجَرَّدِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ.

[فَصْلٌ فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ]

(فَصْلٌ) فِي غَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا أَدْخَلَهُ فِي التَّرْجَمَةِ) أَيْ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. وَقَدْ كَتَبَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ عَلَى هَذَا مَا لَفْظُهُ يُتَأَمَّلُ فَأَشَارَ إلَى التَّوَقُّفِ فِي هَذَا الْكَلَامِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) كَانَ الظَّاهِرُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذُكِرَ) شَمَلَ الْعَقَارَ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ قَدْ لَا يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهُ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ نَحْوِ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ فَتُفِيدُ أَنَّ الْعَقَارَ لَا يَكُونُ إلَّا مَأْمُونَ الِاشْتِبَاهِ: أَيْ إمَّا بِالشُّهْرَةِ وَإِمَّا بِالْحُدُودِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: عَلَى عَيْنِهَا) الْأَوْلَى حَذْفُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>