للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ) الدَّعْوَى وَ (الْبَيِّنَةُ) عَلَيْهِ (وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ مَنْ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ) لِسُهُولَةِ إحْضَارِ الْقَرِيبِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ عَلَى غَائِبٍ فَبَانَ كَوْنُهُ حِينَئِذٍ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ تَبَيَّنَ فَسَادُ الْحُكْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَدَعْوَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كَلَامِهِمْ الصِّحَّةُ مَمْنُوعَةٌ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ بَانَ كَمَالُهُ، وَلَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ وَقَالَ وَلَوْ بِلَا بَيِّنَةٍ كُنْت بِعْت أَوْ أَعْتَقْت قَبْلَ بَيْعِ الْحَاكِمِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ بَانَ الْمُدَّعَى مَوْتُهُ حَيًّا بَعْدَ بَيْعِ الْحَاكِمِ مَا لَهُ فِي دَيْنِهِ، قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الْيَمَنِيُّ: بَانَ بُطْلَانُهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا لِتَبَيُّنِ بَقَائِهِ لَا حَالًّا لِأَنَّ الدَّيْنَ يَلْزَمُهُ وَفَاؤُهُ حَالًّا انْتَهَى. وَإِنَّمَا يُسَلَّمُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْحَالِ إذَا بَانَ مُعْسِرًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَ الْمَبِيعِ أَوْ يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَظَهَرَ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعِ الْمَبِيعِ لَوْ ظَهَرَ لَهُ الْحَالُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الرَّهْنِ، وَلَوْ بَانَ أَنْ لَا دَيْنَ بَانَ أَنْ لَا بَيْعَ كَمَا لَا يَخْفَى (وَهِيَ) أَيْ الْبَعِيدَةُ (الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ (مُبَكِّرٌ إلَى مَوْضِعِهِ لَيْلًا) أَيْ أَوَائِلَهُ وَهُوَ مَا يَنْتَهِي فِيهِ سَفَرُ النَّاسِ غَالِبًا، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي إيجَابِ الْحُضُورِ مِنْهَا مَشَقَّةً بِمُفَارَقَةِ الْأَهْلِ وَالْوَطَنِ لَيْلًا، وَإِنَّمَا عَلَّقْنَا مِنْهَا بِمُبَكِّرٍ لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْمُرَادِ عَلَيْهِ مَعَ جَعْلِ إلَى مَوْضِعِهِ مِنْ إظْهَارِ الْمُضْمَرِ: أَيْ لَا يَرْجِعُ مُبَكِّرٌ مِنْهَا لِبَلَدِ الْحَاكِمِ إلَيْهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ بَلْ بَعْدَهُ، فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ تَعْبِيرُهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ مِنْهَا يَعُودُ لِلْبَعِيدَةِ وَهِيَ لَيْسَتْ الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا بَلْ الَّتِي لَا يَصِلُ إلَيْهَا مَنْ يَخْرُجُ بُكْرَةً مِنْ مَوْضِعِهِ إلَى بَلَدِ الْحَاكِمِ، فَلَوْ قَالَ الَّتِي لَوْ خَرَجَ مِنْهَا بُكْرَةً لِبَلَدِ الْحَاكِمِ لَا يَرْجِعُ إلَيْهَا لَيْلًا لَوْ عَادَ فِي يَوْمِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُحَاكَمَةِ لَوَفَّى بِالْمَقْصُودِ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِالْيَوْمِ الْمُعْتَدِلِ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ زَمَنُ الْمُخَاصَمَةِ الْمُعْتَدِلَةِ مِنْ دَعْوَى وَجَوَابٍ وَإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ حَاضِرَةٍ أَوْ حَلِفٍ وَتَعْدِيلِهَا وَأَنَّ الْعِبْرَةَ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ لِأَنَّهُ الْمُنْضَبِطُ (وَقِيلَ) هِيَ (مَسَافَةُ الْقَصْرِ) لِاعْتِبَارِهَا فِي الشَّرْعِ فِي أَمَاكِنَ. وَرُدَّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ فِي وِلَايَةِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا سَمِعَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةَ وَحَكَمَ وَكَاتَبَ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ النُّوَّابُ أَوْ الْمُسْتَقِلُّونَ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَحُدَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ فَطَلَبَ مِنْ قَاضٍ مِنْهُمْ الْحُكْمَ عَلَى مَنْ لَيْسَ فِي حَدِّهِ قَبْلَ حُضُورِهِ حَكَمَ وَكَاتَبَ لِأَنَّهُ غَائِبٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ خُصُوصًا إنْ لَمْ تَفْحُشْ سَعَةُ الْبَلْدَةِ (وَمَنْ بِقَرِيبَةٍ) أَيْ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ وَلَوْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ

(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ فَسَادُ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: بَانَ كَمَالُهُ) أَيْ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَى وَلِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ وَلَوْ بِلَا بَيِّنَةٍ) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا وَكَافِرًا وَهَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى يَمِينٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَحْلِيفُهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَنْتَهِي فِيهِ سَفَرُ النَّاسِ غَالِبًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا يَرْجِعُونَ إلَّا فِي نَحْوِ ثُلُثِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ]

فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ

(قَوْلُهُ: لِسُهُولَةِ إحْضَارِ الْقَرِيبِ) أَيْ الَّذِي فِي وِلَايَتِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) الَّذِي مَرَّ إنَّمَا هُوَ إذَا بَطَلَ الدَّيْنُ بَعْدَ حُضُورِهِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَانَ أَنْ لَا دَيْنَ إلَخْ) قَدْ قَدَّمَ هَذَا وَنَبَّهَ عَلَى مُخَالَفَةِ الرُّويَانِيِّ فِيهِ (قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ فِي وِلَايَةِ الْحَاكِمِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا، وَأَنَّ مَحَلَّهُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَمَنْ بِقَرِيبَةٍ كَحَاضِرٍ إلَخْ، أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ هَذَا أَصْلًا وَلَا إلَى نِسْبَتِهِ إلَى الْمَاوَرْدِيِّ لِأَنَّهُ عَيْنُ قَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>