للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِفَاضَةُ وَمِثْلُهَا الِاسْتِصْحَابُ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّيبَةِ وَالتَّرَدُّدِ بَطَلَتْ أَوْ لِتَقْوِيَةِ كَلَامٍ أَوْ حِكَايَةِ حَالٍ قُبِلَتْ وَكَيْفِيَّةُ أَدَائِهَا أَشْهَدُ أَنَّ هَذَا وَلَدُ فُلَانٍ أَوْ وَقْفُهُ أَوْ عَتِيقُهُ أَوْ مِلْكُهُ أَوْ هَذِهِ زَوْجَتُهُ مَثَلًا لَا نَحْوَ أَعْتَقَهُ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ تَزَوَّجَهَا لِأَنَّهَا صُورَةُ كَذِبٍ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ وَشَاهَدَهُ لِمَا مَرَّ فِي الشَّهَادَةِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ

(وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مِلْكٍ بِمُجَرَّدِ يَدٍ) لِأَنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُهُ، نَعَمْ لَهُ الشَّهَادَةُ بِهَا (وَلَا بِيَدٍ وَتَصَرُّفٍ فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ (وَتَجُوزُ) الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ إذَا رَآهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَبِالْحَقِّ كَحَقِّ إجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِهِ أَوْ أَرْضِهِ أَوْ طَرْحِ الثَّلْجِ فِي مِلْكِهِ إذَا رَآهُ الشَّاهِدُ (فِي) مُدَّةٍ (طَوِيلَةٍ) عُرْفًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ امْتِدَادَ الْأَيْدِي وَالتَّصَرُّفَ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ يُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ الْمِلْكَ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ الْغَاصِبَ وَالْمُكْتَرِي وَالْوَكِيلَ أَصْحَابُ يَدٍ وَتَصَرُّفٍ، فَإِذَا انْضَمَّ إلَى الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ الِاسْتِفَاضَةُ وَنِسْبَةُ النَّاسِ الْمِلْكَ إلَيْهِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ قَطْعًا وَإِنْ قَصَرَتْ الْمُدَّةُ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُ الشَّاهِدِ رَأَيْنَا ذَلِكَ سِنِينَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقُ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ السَّمَاعُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ لَهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَكَثْرَةِ اسْتِخْدَامِ الْأَحْرَارِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ التَّصَرُّفِ الْمُفِيدِ لِمَا ذُكِرَ (تَصَرُّفُ مُلَّاكٍ مِنْ سُكْنَى وَهَدْمٍ وَبِنَاءٍ وَبَيْعٍ) وَفَسْخٍ وَإِجَارَةٍ (وَرَهْنٍ) لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ، وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ، وَلَا يَكْفِي التَّصَرُّفُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يُثِيرُ الظَّنَّ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ وَمَرَّتَيْنِ وَمِرَارًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ (وَتُبْنَى شَهَادَةُ الْإِعْسَارِ عَلَى قَرَائِنِ وَمَخَايِلِ الضُّرِّ) وَهُوَ سُوءُ الْحَالِ (وَالْإِضَاقَةِ) مَصْدَرُ ضَاقَ: أَيْ ذَهَبَ مَالُهُ لِتَعَذُّرِ الْيَقِينِ فِيهِ فَاكْتُفِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ قَرَائِنِ أَحْوَالِهِ فِي خَلَوَاتِهِ بِصَبْرِهِ عَلَى الضِّيقِ وَالضَّرَرِ، وَهَذَا شَرْطٌ لِاعْتِمَادِ الشَّاهِدِ وَقَدَّمَ فِي الْفَلَسِ اشْتِرَاطَ خِبْرَتِهِ الْبَاطِنَةِ وَهُوَ شَرْطٌ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِ أَوْ أَنَّ مَا هُنَا طَرِيقٌ لِلْخِبْرَةِ الْمُشْتَرَطَةِ ثَمَّ.

(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ وَهِيَ أَعْنِي الشَّهَادَةَ تُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ تَحَمُّلِهَا وَعَلَى نَفْسِ أَدَائِهَا وَعَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي النِّكَاحِ) لِتَوَقُّفِ انْعِقَادِهِ عَلَيْهِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ أَثِمُوا، وَلَوْ طَلَبَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ إلَى ذَلِكَ السَّمَاعُ مِنْ النَّاسِ) أَيْ فَلَا يَكْفِي السَّمَاعُ مِنْ ذِي الْيَدِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ مِنْ النَّاسِ وَلَا عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: وَمَخَايِلِ الضُّرِّ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ.

(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

(قَوْلُهُ: وَأَدَائِهَا) إنَّمَا قَدَّمَهُ عَلَى كِتَابَةِ الصَّكِّ فِي الذِّكْرِ لِمُنَاسَبَتِهِ لِلتَّحَمُّلِ، وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْكِتَابَةَ عَلَى الْأَدَاءِ فِي بَيَانِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ لِلتَّوْثِيقِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ) أَيْ إطْلَاقًا مَجَازِيًّا لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ مَصْدَرٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَا بِيَدٍ وَتَصَرُّفٍ إلَخْ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ يَدٍ لَا عَلَى مَا قَبْلَهُ: أَيْ وَلَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مِلْكٍ بِيَدٍ وَتَصَرُّفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلِاحْتِيَاطِ لِلْحُرِّيَّةِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّزَاعَ مَعَ الرَّقِيقِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ آخَرَ يَدَّعِي الْمِلْكَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ مُدَّةً طَوِيلَةً هَكَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ.

[فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ]

(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: فَالْمُرَادُ الْإِحَاطَةُ بِمَا سَتُطْلَبُ الشَّهَادَةُ مِنْهُ بِهِ فِيهِ، قَالَ: وَكَنَّوْا عَنْ تِلْكَ الْإِحَاطَةِ بِالتَّحَمُّلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ أَعْلَى الْأَمَانَاتِ الَّتِي يُحْتَاجُ حَمْلُهَا: أَيْ الدُّخُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>