للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إذَا (أَصَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّكُوتِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى) الصَّحِيحَةِ وَهُوَ عَارِفٌ أَوْ جَاهِلٌ فَنَبَّهَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ قَوْلُهُ أَصَرَّ وَعُرِفَ بِذَلِكَ بِالْأَوْلَى أَنَّ امْتِنَاعَهُ عَنْهُ كَسُكُوتِهِ (جُعِلَ كَمُنْكِرٍ نَاكِلٍ) فِيمَا يَأْتِي بِقَيْدِهِ وَهُوَ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ أَوْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ وَلَا يُمَكَّنُ السَّاكِتُ مِنْ الْحَلِفِ لَوْ أَرَادَهُ وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُكَرِّرَ: أَجِبْهُ ثَلَاثًا، نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ سُكُوتَهُ لِنَحْوِ دَهْشَةٍ أَوْ جَهْلٍ وَجَبَ إعْلَامُهُ، فَإِنْ أَصَرَّ فَنَاكِلٌ وَسُكُوتُ أَخْرَسَ عَنْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَحْسَنُهَا كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ وَهُوَ يَفْهَمُ الْإِشَارَةَ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَجْنُونٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ.

(فَإِنْ) (ادَّعَى) عَلَيْهِ (عَشَرَةً) مَثَلًا (فَقَالَ: لَا تَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ لَمْ يَكْفِ) فِي الْجَوَابِ (حَتَّى يَقُولَ وَلَا بَعْضُهَا وَكَذَا يَحْلِفُ) إنْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْعَشَرَةَ مُدَّعٍ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُطَابِقَ الْإِنْكَارُ وَالْيَمِينُ دَعْوَاهُ، وَإِنَّمَا يُطَابِقَانِهَا إنْ نَفَى كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا (فَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعَشَرَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَنَاكِلٌ) عَمَّا دُونَ الْعَشَرَةِ (فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى اسْتِحْقَاقِ دُونِ عَشَرَةٍ بِجُزْءٍ) وَإِنْ قَلَّ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى (وَيَأْخُذُهُ) لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ النُّكُولِ كَالْإِقْرَارِ، نَعَمْ إنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْعَشَرَةِ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْقَاضِي فِي تَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا دُونَهَا إلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ دَعْوَى وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا نَكَلَ عَنْ عَشَرَةٍ وَالنَّاكِلُ عَنْهَا لَا يَكُونُ نَاكِلًا عَنْ بَعْضِهَا، هَذَا إنْ لَمْ يُسْنِدْهَا إلَى عَقْدٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْنَدَهَا إلَيْهِ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ: نَكَحْتَنِي أَوْ بِعْتَنِي دَارَكَ بِعَشَرَةٍ فَحَلَفَ مَا نَكَحْتُك أَوْ مَا بِعْتُك بِعَشَرَةٍ كَفَى لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لِلنِّكَاحِ أَوْ الْبَيْعِ بِعَشَرَةٍ غَيْرُ مُدَّعٍ لَهُ بِمَا دُونَهَا، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الْأَقَلِّ إلَّا بِدَعْوَى مُجَدَّدَةٍ.

وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَأَنْكَرَ وَطَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ فَقَالَ: لَا أَحْلِفُ وَأُعْطِيَ الْمَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ بَعْدُ، وَكَذَا لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَأَرَادَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالْجَوَابِ (قَوْلُهُ: لَوْ أَرَادَهُ) أَيْ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى وَلِيِّهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) شَامِلٌ لِمَا لَا يَتَمَوَّلُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ ادَّعَى بَقَاءَ الْعَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً فَلَا لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بِمَا لَا يَتَمَوَّلُ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ) مَفْهُومُهُ جَوَازُ الْقَبُولِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلَهُ تَحْلِيفُهُ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِيَّ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي جَوَابِ الدَّعْوَى وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

(فَصْلٌ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: فَنَبَّهَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَمْ يَجِبْ مَعَ زَوَالِ نَحْوِ جَهْلِهِ.

وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ مَا قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الْأَقَلِّ) قَالُوا لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا ادَّعَتْهُ أَوَّلًا اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ حَلِفَهَا الْمَنْفِيَّ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِخَمْسَةٍ مَثَلًا.

وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُمْ إلَّا بِدَعْوَى جَدِيدَةٍ مُشْكِلٌ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ بِهَا عَنْ الْمُنَاقَضَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِاَلَّذِي تَحْلِفُ عَلَيْهِ بِدَعْوَى جَدِيدَةٍ اسْتِحْقَاقَهَا لِلْخَمْسَةِ مَثَلًا لَا أَنَّهُ نَكَحَهَا بِالْخَمْسَةِ.

وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ: أَمَّا إذَا أَسْنَدَهُ: أَيْ إلَى عَقْدٍ كَمَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ نَكَحْتنِي بِخَمْسِينَ وَطَالَبَتْهُ بِهِ وَنَكَلَ الزَّوْجُ فَلَا يُمْكِنُهَا الْحَلِفُ عَلَى أَنَّهُ نَكَحَهَا بِبَعْضِ الْخَمْسِينَ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا ادَّعَتْهُ أَوَّلًا، وَإِنْ اسْتَأْنَفَتْ وَادَّعَتْ عَلَيْهِ بِبَعْضِ الَّذِي جَرَى النِّكَاحُ عَلَيْهِ فِيمَا زَعَمَتْ وَجَبَ أَنْ يُجَوِّزَ لَهَا الْحَلِفَ عَلَيْهِ انْتَهَتْ.

فَقَوْلُهُ بِبَعْضِ الَّذِي جَرَى النِّكَاحُ عَلَيْهِ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرَتْهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَدَّعِيَ بَعْدُ بِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>