للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَهُوَ لُغَةً: تَتَبُّعُ الْأَثَرِ وَالشَّبَهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مَسْرُورٌ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» قَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ وَزَيْدٌ أَبْيَضَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُ لَمَنَعَهُ مِنْ الْمُجَازَفَةِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَإٍ وَلَا يُسَرُّ إلَّا بِالْحَقِّ.

(شَرْطُ الْقَائِفِ) مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (مُسْلِمٌ عَدْلٌ) أَيْ إسْلَامٌ وَعَدَالَةٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ شُرُوطِ الشَّاهِدِ السَّابِقَةِ كَكَوْنِهِ نَاطِقًا بَصِيرًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَغَيْرَ عَدُوٍّ لِمَنْ يَنْفِي عَنْهُ وَلَا بَعْضٍ لِمَنْ يُلْحَقُ بِهِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ أَوْ حَاكِمٌ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ اعْتِبَارِ سَمْعِهِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ (مُجَرِّبٌ) لِخَبَرِ «لَا حَكِيمَ إلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ» وَكَمَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الِاجْتِهَادِ فِي الْقَاضِي، وَفَسَّرَ الْمُحَرَّرُ التَّجْرِبَةَ بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ هِيَ فِيهِنَّ، فَإِذَا أَصَابَ فِي كُلٍّ فَهُوَ مُجَرِّبٌ انْتَهَى وَهُوَ صَرِيحٌ فِي اشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ، وَاعْتَمَدَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ: الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَقَدْ تَحْصُلُ بِدُونِ ثَلَاثٍ، وَكَوْنُهُ مَعَ الْأُمِّ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ لِلْأَوْلَوِيَّةِ فَيَكْفِي الْأَبُ مَعَ رِجَالٍ وَكَذَا سَائِرُ الْعَصَبَةِ وَالْأَقَارِبِ وَاسْتَشْكَلَ الْبَارِزِيُّ خُلُوَّ أَحَدِ أَبَوَيْهِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ بِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَلَا تَبْقَى فِيهِنَّ فَائِدَةٌ، وَقَدْ يُصِيبُ فِي الرَّابِعَةِ اتِّفَاقًا، فَالْأَوْلَى أَنْ يُعْرَضَ مَعَ كُلِّ صِنْفٍ وَلَدٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَصْنَافِ وَلَا تُخَصُّ بِهِ الرَّابِعَةُ، فَإِذَا أَصَابَ فِي الْكُلِّ عُلِمَتْ تَجْرِبَتُهُ حِينَئِذٍ انْتَهَى وَكَوْنُ ذَلِكَ أَوْلَى ظَاهِرٌ فَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِكَلَامِهِمْ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ) وَصْفَيْنِ آخَرَيْنِ عِلْمًا مِنْ الْعَدَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِمَا لِلْخِلَافِ فِيهِمَا وَهُمَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ فَلَا يَصِحُّ الْإِلْحَاقُ إلَّا مِنْ (حُرٍّ ذَكَرٍ) كَالْقَاضِي وَالثَّانِي لَا كَالْمُفْتِي (لَا عَدَدٌ) فَيَكْفِي قَوْلُ وَاحِدٍ وَالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ كَالْمُزَكَّى (وَلَا كَوْنُهُ مُدْلِجِيَّا) أَيْ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ نَوْعُ عِلْمٍ، فَمَنْ عَلِمَهُ عَمِلَ بِهِ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ بَلْ وَالْعَجَمِ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِرُجُوعِ الصَّحَابَةِ لِبَنِي مُدْلِجٍ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَقَدْ يَخُصُّ اللَّهُ جَمَاعَةً بِنَوْعٍ مِنْ الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاصِبِ كَمَا خَصَّ قُرَيْشًا بِالْإِمَامَةِ.

(فَإِذَا) (تَدَاعَيَا مَجْهُولًا) لَقِيطًا أَوْ غَيْرَهُ (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَائِفِ مَعَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ إنْ كَانَ صَغِيرًا، إذْ الْكَبِيرُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ.

(قَوْلُهُ: الْمُلْحِقِ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ (قَوْلُهُ: إنَّ مُجَزِّزًا) أَيْ بِجِيمٍ وَزَايَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُ: لَمَنَعَهُ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَهَلْ تَجِبُ لَهُ الْأُجْرَةُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ

(قَوْلُهُ: وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ) وَيَجُوزُ لَهُ نَظَرُهُنَّ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) مُعْتَمَدُ (قَوْلِهِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) أَيْ الثَّلَاثِ مَرَّاتٍ الْأُوَلِ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ]

(فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ (قَوْلُهُ: مُتَتَبِّعُ الْأَثَرِ وَالشَّبَهِ) يُقَالُ قَافَ أَثَرَهُ مِنْ بَابِ قَالَ إذَا تَتَبَّعَهُ مِثْلُ قُفِيَ أَثَرُهُ، وَيُجْمَعُ الْقَائِفُ عَلَى قَافَةٍ (قَوْلُهُ: قَالَ أَبُو دَاوُد: وَكَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ إلَخْ) وَعَكْسُهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَرُوذِيُّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ زَيْدٌ أَخْضَرَ اللَّوْنِ وَأُسَامَةُ أَسْوَدَ اللَّوْنِ. .

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «لَا حَكِيمَ إلَّا ذُو تَجْرِبَةٍ» ) الِاسْتِدْلَال قَدْ يُفِيدُ قِرَاءَةَ مُجَرِّبٍ فِي الْمَتْنِ بِكَسْرِ الرَّاءِ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عِلْمًا مِنْ الْعَدَالَةِ الْمُطْلَقَةِ) أَيْ الْمُطْلَقَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِقَيْدٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>