للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ يَسْرِي كَمَا لَوْ كَاتَبَا أَمَتَهُمَا ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَاخْتَارَتْ الْمُضِيَّ عَلَى الْكِتَابَةِ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ فَيُعْتِقُ نَصِيبَ الْمَيِّتِ وَيَسْرِي وَيَأْخُذُ الشَّرِيكُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْقِيمَةَ، وَلَوْ أَوْصَى بِصَرْفِ ثُلُثِهِ فِي الْعِتْقِ فَاشْتَرَى الْوَصِيُّ مِنْهُ شِقْصًا وَأَعْتَقَهُ سَرَى بِقَدْرِ مَا يَفِي مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنَاوَلَتْ السِّرَايَةَ.

(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ إذَا (مَلَكَ) وَلَوْ قَهْرًا (أَهْلُ تَبَرُّعٍ أَصْلِهِ) مِنْ النَّسَبِ وَإِنْ عَلَا الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ (أَوْ فَرْعَهُ) وَإِنْ سَفَلَ كَذَلِكَ (عَتَقَ) عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا دَاوُد الظَّاهِرِيَّ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» لِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلشِّرَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ يَشْتَرِيَهُ لِرِوَايَةِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَالْوَلَدُ كَالْوَالِدِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي» أَمَّا بَقِيَّةُ الْأَقَارِبِ فَلَا يَعْتِقُونَ، وَخَبَرُ «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ» ضَعِيفٌ، وَخَرَجَ بِأَهْلِ تَبَرُّعٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُرُّ كُلُّهُ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ إذْ لَا عِتْقَ عَلَيْهِمَا لِاسْتِعْقَابِهِ الْوَلَاءَ وَهُمَا غَيْرُ أَهْلٍ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ احْتِرَازُهُ بِذَلِكَ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُمَا إذَا مَلَكَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ يُقْصَدْ لَهُ مَفْهُومٌ، وَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْمُبَعَّضِ مَا يَأْتِي مِنْ نُفُوذِ إيلَادِهِ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَهْلٌ لِلْوَلَاءِ لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِمَوْتِهِ، وَمَا لَوْ مَلَكَ ابْنَ أَخِيهِ فَمَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَوَرِثَهُ أَخُوهُ فَقَطْ، وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ نَفَذَ مِلْكُ ابْنِهِ وَلَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَقَدْ يَمْلِكُهُ أَهْلُ التَّبَرُّعِ، وَلَا يَعْتِقُ فِي صُوَرٍ ذَكَرَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَسْرِي) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) أَيْ مَنْ وَلَدَتْ مِنْهُ.

[فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ]

(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ كَالْوَالِدِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ) (فَرْعٌ) لَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ الْحَاصِلُ مِنْهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ يَعْتِقُ فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ امْتَنَعَ الرَّدُّ فِيمَا يَظْهَرُ وَوَجَبَ لَهُ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: بَضْعَةٌ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِمَوْتِهِ) أَيْ زَوَالِ آثَارِهِ بِالْمَوْتِ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ تُصُوِّرَ أَنَّ شَخْصًا وَطِئَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ انْفَصَلَ مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ مُحْتَرَمٍ فَأَدْخَلَهُ شَخْصٌ فَرْجَ الْمَيِّتَةِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَهَلْ هُوَ حُرٌّ تَبَعًا لِأُمِّهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ نَفَذَ مِلْكُ ابْنِهِ) أَيْ مُلِكَ لِابْنِهِ وَلَمْ. . . إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

(قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ إلَّا دَاوُد الظَّاهِرِيَّ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ خِلَافُ دَاوُد إنَّمَا جَاءَ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ فَهُوَ خَارِقٌ لِلْإِجْمَاعِ فَيَكْفِي فِي دَفْعِهِ خَرْقُهُ، وَلَا يَتَأَتَّى الِاسْتِثْنَاءُ وَإِنْ كَانَ خِلَافُهُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ فَلَا إجْمَاعَ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ كَالْوَالِدِ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُقَدِّمْ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا فِي الْوَالِدِ حَتَّى يَقِيسَ عَلَيْهِ الْوَلَدَ، وَخَبَرُ مُسْلِمٍ إنَّمَا جَاءَ بِهِ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَى تَمَسُّكِ دَاوُد بِهِ لَا لِلِاسْتِدْلَالِ، وَهُوَ إنَّمَا اسْتَدَلَّ بِالْإِجْمَاعِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ: بَضْعَةٌ) هُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُرُّ كُلُّهُ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالرَّقِيقِ حَقُّ الْغَيْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَمَا لَوْ مَلَكَ ابْنَ أَخِيهِ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ مَلَكَ ابْنَ أَخِيهِ. . . إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ (قَوْلُهُ وَوَرِثَهُ أَخُوهُ فَقَطْ وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ) يَجِبُ الضَّرْبُ عَلَى هَذَا هُنَا لِأَنَّ مَسْأَلَةَ إرْثِ الْأَخِ الْمَذْكُورِ سَتَأْتِي قَرِيبًا وَأَنَّ فَرْعَهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَاَلَّذِي عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْعِتْقَ فَقَطْ وَهُوَ لَيْسَ فِي التُّحْفَةِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ عَطْفًا

<<  <  ج: ص:  >  >>