للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِرُجُوعٍ) وَإِنْ جَوَّزْنَا الرُّجُوعَ بِالْقَوْلِ كَمَا أَنَّ جُحُودَهُ الرِّدَّةَ وَالطَّلَاقَ لَيْسَ إسْلَامًا وَرَجْعَةً، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنَّهُ رُجُوعٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا (بَلْ يَحْلِفُ) السَّيِّدُ مَا دَبَّرَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يُقِرُّ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَثَبَتَ تَدْبِيرُهُ وَلَهُ رَفْعُ الْيَمِينِ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ

(وَلَوْ) (وُجِدَ مَعَ مُدَبَّرٍ مَالٌ) أَوْ اخْتِصَاصٌ (فَقَالَ كَسَبْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَالَ الْوَارِثُ) بَلْ (قَبْلَهُ) (صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ فَيُرَجَّحُ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ إذَا قَالَتْ وَلَدْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ الْوَارِثُ قَبْلَهُ فَهُوَ قِنٌّ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَارِثِ، لِأَنَّهَا لَمَّا ادَّعَتْ حُرِّيَّتَهُ نَفَتْ أَنْ يَكُونَ لَهَا عَلَيْهِ يَدٌ وَإِنْ سُمِعَتْ دَعْوَاهَا لِمَصْلَحَةِ الْوَلَدِ (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ) أَيْ بَيِّنَةُ الْمُدَبَّرِ لِاعْتِضَادِهِ بِالْيَدِ، فَلَوْ أَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَبَّرِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ فَقَالَ الْمُدَبَّرُ كَانَ فِي يَدِي لَكِنْ كَانَ لِفُلَانٍ فَمَلَكْته بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ صُدِّقَ أَيْضًا.

[كِتَابُ الْكِتَابَةِ]

ِ بِكَسْرِ الْكَافِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا كَالْعَتَاقَةِ وَهِيَ لُغَةُ الضَّمِّ وَالْجَمْعِ، وَشَرْعًا عَقْدُ عِتْقٍ بِلَفْظِهَا بِعِوَضٍ مُنَجَّمٍ بِنَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، وَسُمِّيَ كِتَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمِّ نَجْمٍ إلَى آخَرَ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ يُرْتَفَقُ بِهَا غَالِبًا وَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْمُعَامَلَاتِ لِدَوَرَانِهَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَرَقِيقِهِ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ.

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] وَخَبَرُ «مَنْ أَعَانَ غَارِمًا أَوْ غَازِيًا أَوْ مُكَاتَبًا فِي فَكِّ رَقَبَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» وَخَبَرُ «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» رَوَاهُمَا الْحَاكِمُ وَصَحَّ فِي إسْنَادِهِمَا، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ قَدْ لَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِالْعِتْقِ مَجَّانًا، وَالْعَبْدُ لَا يَتَشَمَّرُ لِلْكَسْبِ تَشَمُّرَهُ إذَا عُلِّقَ عِتْقُهُ بِالتَّحْصِيلِ وَالْأَدَاءِ فَاحْتُمِلَ فِيهِ مَا لَمْ يُحْتَمَلْ فِي غَيْرِهِ كَمَا اُحْتُمِلَتْ الْجَهَالَةُ فِي رِبْحِ الْقِرَاضِ وَعَمَلِ الْجَعَالَةِ لِلْحَاجَةِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَهِيَ إسْلَامِيَّةٌ لَا تُعْرَفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

وَأَرْكَانُهَا: قِنٌّ، وَسَيِّدٌ، وَصِيغَةٌ، وَعِوَضٌ (هِيَ مُسْتَحَبٌّ إنْ طَلَبَهَا رَقِيقٌ أَمِينٌ قَوِيٌّ عَلَى كَسْبٍ) يَفِي بِمُؤْنَتِهِ وَنُجُومِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، وَاعْتِبَارُ الْأَمَانَةِ خَشْيَةً مِنْ تَضْيِيعِ مَا يُحَصِّلُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمِينِ مَنْ لَا يُضَيِّعُ الْمَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لِتَرْكِهِ نَحْوَ صَلَاةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الثِّقَةُ: أَيْ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ بِكَثْرَةِ إنْفَاقِ مَا بِيَدِهِ عَلَى الطَّاعَةِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُرْجَى عِتْقُهُ بِالْكِتَابَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ خِلَافًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: كَالْعَتَاقَةِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْعَتَاقَةَ بِالْفَتْحِ فَقَطْ وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ وَكَذَا الْعَتَاقُ بِالْفَتْحِ وَالْعَتَاقَةُ (قَوْلُهُ: وَالْجَمْعُ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ (قَوْلُهُ: وَسُمِّيَ) أَيْ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: لَهُ فَكُّ رَقَبَتِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْمُكَاتَبِ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ سَبَبٌ لِتَلْخِيصِ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ لِكُلٍّ مِنْ الْغَارِمِ وَالْمُغَازِي وَالْمُكَاتَبِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِفَكِّ الرَّقَبَةِ تَخْلِيصُهُ مِنْ مَشَقَّةِ الدَّيْنِ وَالْغَزْوِ وَنُجُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ) هُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بَلْ يَحْلِفُ السَّيِّدُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ وَمَا وَجْهُ سَمَاعِ دَعْوَى الْعَبْدِ وَمَا فَائِدَتُهَا مَعَ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً.

كِتَابُ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُوثَقُ بِهَا) عِبَارَةُ الْقُوتِ لِأَنَّهَا تُوثَقُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً (قَوْلُهُ: فَاحْتَمَلَ إلَخْ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ مَا لَا يَخْفَى.

وَكَأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْحَاجَةُ إلَخْ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَبِسَبَبِ الْحَاجَةِ اُحْتُمِلَ إلَخْ، وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَعْدُ لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الثِّقَةُ إلَخْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الثِّقَةُ لَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>