للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ

وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِمَا وَرَدَ «إنَّ الدُّعَاءَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَا يُرَدُّ فَادْعُوا» وَأَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ وَمَنْ سَمِعَهُ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ: اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِك وَإِدْبَارُ نَهَارِك وَأَصْوَاتُ دُعَائِك اغْفِرْ لِي وَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ أَذَانِ الصُّبْحِ: اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ نَهَارِك وَإِدْبَارُ لَيْلِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِك اغْفِرْ لِي وَآكَدُ الدُّعَاءِ كَمَا فِي الْعُبَابِ سُؤَالُ الْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْقِبْلَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا (اسْتِقْبَالُ) عَيْنِ (الْقِبْلَةِ) أَيْ الْكَعْبَةِ بِصَدْرِهِ لَا بِوَجْهِهِ (شَرْطٌ لِصَلَاةِ الْقَادِرِ) عَلَى الِاسْتِقْبَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤] أَيْ جِهَتَهُ، وَالِاسْتِقْبَالُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهُ امْتِثَالَا حُصُولِ الثَّوَابِ لِلدَّاعِي (قَوْلُهُ: وَعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) أَيْ وَإِنْ طَالَ مَا بَيْنَهُمَا، وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِمُجَرَّدِ الدُّعَاءِ، وَالْأَوْلَى شَغْلُ الزَّمَنِ بِتَمَامِهِ بِالدُّعَاءِ إلَّا وَقْتُ فِعْلِ الرَّاتِبَةِ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ فِي نَحْوِ سُجُودِهَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ دُعَاءٌ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَمَفْهُومُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ الدُّعَاءَ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَقَبْلَ التَّحَرُّمِ.

وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمُصَلِّي الْمُبَادَرَةُ إلَى التَّحَرُّمِ لِتَحْصُلَ لَهُ الْفَضِيلَةُ التَّامَّةُ (قَوْلُهُ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ) أَيْ وَبَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ طَلَبُ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: اغْفِرْ لِي) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَاغْفِرْ لِي (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَذَانِ الصُّبْحِ) إنَّمَا خَصَّ الْمَغْرِبَ وَالصُّبْحَ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْمَغْرِبِ خَاتِمَةَ عَمَلِ النَّهَارِ وَالصُّبْحِ خَاتِمَةَ عَمَلِ اللَّيْلِ وَمُقَدِّمَةَ عَمَلِ النَّهَارِ (قَوْلُهُ: سُؤَالُ الْعَافِيَةِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْقِبْلَةِ وَمَا يَتْبَعُهَا]

فَصْلٌ: فِي بَيَانِ الْقِبْلَةِ أَيْ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهَا وَحُكْمِ اسْتِقْبَالِهَا (قَوْلُهُ: وَمَا يَتْبَعُهَا) أَيْ كَوُجُوبِ إتْمَامِ الْأَرْكَانِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي نَفْلِ السَّفَرِ، وَكَاسْتِقْبَالِ صَوْبِ مَقْصِدِهِ فِي نَفْلِ السَّفَرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لَا بِوَجْهِهِ) أَيْ وَلَا بِقَدَمَيْهِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ سم عَلَى حَجّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَجْهَ لَا يَجِبُ الِاسْتِقْبَالُ بِهِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْوَجْهِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِقْبَالِهِ بِمَا ذَكَرَ اهـ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ الْبَابِلِيِّ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصَّدْرِ هُنَا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى التَّعْمِيمَ لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الْوَارِدَةَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ إنَّمَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ، فَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَيْهِمَا لِلْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ كَوْنُهَا مُطْلَقَةً، وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ فِيهِ وَأَمَّا التَّوَجُّهُ بِالْوَجْهِ فَهُوَ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَدَفْعًا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ ظَاهِرٍ قَوْله تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ} [البقرة: ١٤٤] أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ بِهِ وَاجِبٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: أَيْ جِهَتَهُ) لَا يَرُدُّ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ لَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ مِنْ اشْتِرَاطِ اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْجِهَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا بَيَانُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

فَصْلٌ (قَوْلُهُ: بِصَدْرِهِ لَا بِوَجْهِهِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي صَلَاةِ الْقَادِرِ فِي الْفَرْضِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمَتْنِ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يَجِبُ بِالْوَجْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَلْقِي؛ لِأَنَّ تِلْكَ حَالَةُ عَجْزٍ وَسَيَأْتِي لَهَا حُكْمٌ يَخُصُّهَا، فَانْدَفَعَ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَنْ الْبَابِلِيِّ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>