للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْ طَمَعُهُ فِي ذَلِكَ وَطَلَبُهُ إيَّاهُ لَا يُنَافِي صِحَّتَهَا.

(الثَّانِي) مِنْ أَرْكَانِهَا (تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) فِي قِيَامِهِ أَوْ بَدَلِهِ لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ «إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا. ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» .

وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ بَدَلَ قَوْلِهِ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا: «حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا» ، وَسُمِّيَتْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بِهَا مَا كَانَ حَلَالًا لَهُ قَبْلَهَا مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَكَلَامٍ وَغَيْرِهَا (وَيَتَعَيَّنُ) فِيهَا (عَلَى الْقَادِرِ) بِالنُّطْقِ بِهَا (اللَّهُ أَكْبَرُ) لِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ مِنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَعَ خَبَرِ الْبُخَارِيِّ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» أَيْ كَمَا عَلِمْتُمُونِي حَتَّى لَا تَرِدَ الْأَقْوَالُ، وَصَحَّ " تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ " وَهِيَ صِيغَةُ حَصْرٍ فَلَا يُجْزِئُ اللَّهُ كَبِيرٌ لِفَوَاتِ مَعْنَى أَفْعَلَ وَلَا الرَّحْمَنُ وَلَا الرَّحِيمُ أَكْبَرُ: أَيْ وَلَا اللَّهُ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا (وَلَا تَضُرُّ زِيَادَةٌ لَا تَمْنَعُ الِاسْمَ) أَيْ اسْمَ التَّكْبِيرِ (كَاَللَّهِ الْأَكْبَرُ) لِأَنَّهَا لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى بَلْ تُقَوِّيهِ بِإِفَادَةِ الْحَصْرِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَلَوْ أَخَلَّ بِحَرْفٍ مِنْ اللَّهُ أَكْبَرُ لِلتَّحَرُّمِ ضَرَّ، وَمِثْلُهُ تَكْبِيرَاتُ الِانْتِقَالَاتِ فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا، وَتَضُرُّ زِيَادَةُ حَرْفٍ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى كَمَدِّ هَمْزَةِ اللَّهِ وَأَلْفٍ بَعْدَ الْبَاءِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ جَمْعَ كَبَرٍ بِالْفَتْحِ وَهُوَ الطَّبْلُ الَّذِي لَهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ وَزِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَ الْجَلَالَةِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَتَشْدِيدُ الْبَاءِ أَوْ الرَّاءِ مِنْ أَكْبَرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رَزِينٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ.

أَمَّا الثَّانِي فَمَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ إذْ الرَّاءُ حَرْفُ تَكْرِيرٍ فَزِيَادَتُهُ لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى وَإِبْدَالُ هَمْزَةِ أَكْبَرُ وَاوًا مِنْ الْعَالِمِ دُونَ الْجَاهِلِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمْعِ الصِّحَّةَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عِبَادَتِهِ لِذَلِكَ وَحْدَهُ.

(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ) وَاسْمُهُ خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ الزُّرَقِيُّ اهـ عَمِيرَةُ.

أَقُولُ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْخَبَرَ بِتَمَامِهِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ عَلَى عَادَتِهِ مِنْ الِاقْتِصَارِ فِي الْأَحَادِيثِ الطِّوَالِ عَلَى مَحَلِّ الِاسْتِدْلَالِ لِيُحِيلَ عَلَيْهِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ التَّشَهُّدَ وَنَحْوَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ لِكَوْنِهِ كَانَ عَالِمًا بِهَا، وَقَوْلُهُ «ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» أَيْ وَكَانَ الَّذِي مَعَهُ مِنْهُ الْفَاتِحَةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ إلَى قَوْلِهِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ كَمَا فَعَلَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ) أَيْ وَتَحْرِيمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ يَدْخُلُ بِهِ فِي أَمْرٍ مُحَرَّمٍ: قَالَ ع: يُقَالُ أَحْرَمَ الرَّجُلُ إذَا دَخَلَ فِي حُرْمَةٍ لَا تُهْتَكُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَلَمَّا دَخَلَ بِهَذِهِ التَّكْبِيرَةِ فِي عِبَادَةٍ يَحْرُمُ فِيهَا أُمُورٌ قِيلَ لَهَا تَكْبِيرَةُ إحْرَامٍ (قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هِيَ مَوْصُولَةٌ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِأَنَّ قَطْعَهَا عَلَى الْحِكَايَةِ يُوهِمُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي إيقَاعُهَا: أَيْ الْإِتْيَانُ بِهَا مَقْطُوعَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ مَأْمُومًا اللَّهُ أَكْبَرُ بِوَصْلِهَا جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اهـ عَمِيرَةُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ فَتَحَ الْهَاءَ أَوْ كَسَرَهَا مِنْ اللَّهِ، وَمَا لَوْ فَتَحَ الرَّاءَ أَوْ كَسَرَهَا مِنْ أَكْبَرِ هَلْ يَضُرُّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الضَّرَرِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ اللَّحْنَ فِي الْقِرَاءَةِ إذَا لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّ، وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ مَا قُلْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا، بَلْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ الْآتِي فِي تَوْجِيهٍ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي تَضُرُّ الزِّيَادَةُ فِيهِ لِاسْتِقْلَالِهَا، بِخِلَافِ الْأُولَى الْجَزْمُ بِنَفْيِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ لَكِنْ فِي الدَّمِيرِيِّ فِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ يَضُرُّ الْفَصْلُ بِاللَّامِ (قَوْلُهُ: وَتَضُرُّ زِيَادَةُ حَرْفٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا بِهِ (قَوْلُهُ: وَزِيَادَةُ وَاوٍ قَبْلَ الْجَلَالَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا (قَوْلُهُ: وَتَشْدِيدُ الْبَاءِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَاهِلًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ) أَيْ تَشْدِيدُ الْبَاءِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الثَّانِي فَمَرْدُودٌ) أَيْ تَشْدِيدُ الرَّاءِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْجَاهِلِ) ظَاهِرُ تَقْيِيدِ مَا ذُكِرَ بِالْعَالِمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

إطْلَاقِهِ

[الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ]

(قَوْلُهُ: خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَلَوْ قَالَ لَلَّهُ الْأَكْبَرُ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُ إذْ الرَّاءُ حَرْفُ تَكْرِيرٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّكْرِيرَ غَيْرُ التَّشْدِيدِ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَالَةِ التَّحْرِيكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>