للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَكْفِي الْخَيْمَةُ الضَّيِّقَةُ وَنَحْوُهَا (وَلَوْ) هُوَ (طِينٌ) أَوْ حَشِيشٌ أَوْ وَرَقٌ (وَمَاءٌ كَدِرٌ) أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ كَمَاءٍ صَافٍ مُتَرَاكِمٍ بِخُضْرَةٍ بِحَيْثُ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ، وَكَوُقُوفِهِ فِي حُفْرَةٍ أَوْ خَابِئَةٍ ضَيِّقِي الرَّأْسِ يَسْتُرَانِ مِنْ أَعْلَاهُمَا، وَتُفْرَضُ الصَّلَاةُ فِي الْمَاءِ فِيمَنْ يُمْكِنُهُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِيهِ وَفِي صَلَاةِ الْعَاجِزِ عَنْهُمَا وَالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَلَوْ قَدَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَيَسْجُدَ عَلَى الشَّطِّ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الدَّارِمِيِّ.

وَوَجْهُهُ مَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ فَانْدَفَعَ النَّظَرُ لِقَاعِدَةِ: الْمَيْسُورُ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ لَزِمَهُ، وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ إطْلَاقِ الدَّارِمِيِّ عَدَمَ اللُّزُومِ وَبَحْثِ بَعْضِهِمْ اللُّزُومَ مُطْلَقًا (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ التَّطَيُّنِ عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ) وَنَحْوُهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمَقْصُودِ، وَكَالطِّينِ الْمَاءُ الْكَدِرُ وَلَوْ خَارِجَ الصَّلَاةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَيَكْفِي السَّتْرُ بِلِحَافٍ الْتَحَفَ بِهِ امْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلَانِ، وَإِنْ حَصَلَتْ مُمَاسَّةٌ مُحَرَّمَةٌ فِي الْأَوْجَهِ كَمَا لَوْ كَانَ بِإِزَارِهِ ثُقْبَةٌ فَوَضَعَ غَيْرُهُ يَدَهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْخُوَارِزْمِيّ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا لِلْمَشَقَّةِ وَالتَّلْوِيثِ (وَيَجِبُ سَتْرُ أَعْلَاهُ) أَيْ السَّاتِرِ (وَجَوَانِبِهِ) لِلْعَوْرَةِ (لَا أَسْفَلِهِ) لَهَا وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى لِعَدَمِ اعْتِيَادِهِ.

فَلَوْ رُئِيَتْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَلَا تَكْفِي الْخَيْمَةُ الضَّيِّقَةُ وَنَحْوُهَا) قَالَ حَجّ: وَمِنْهُ قَمِيصٌ جُعِلَ جَيْبُهُ بِأَعْلَى رَأْسِهِ وَزِرُّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِثْلُهَا. اهـ. وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ ذَلِكَ عَنْ طب وَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَوَلَدِهِ. وَفِي حَجّ بَعْدَمَا ذَكَرَ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْمَسْتُورِ بِخِلَافِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَدُلُّ لِهَذَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ هُوَ طِينٌ) قَضِيَّتُهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الثَّوْبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَعِبَارَتُهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ بِطِينٍ إلَخْ أَيْ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الثَّوْبِ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ وَالْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ وُجُوبُ التَّطَيُّنِ عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ اهـ. فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَابِئَةٍ) بِالْهَمْزِ وَيُبْدَلُ يَاءً الْحُبُّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَهُوَ هُنَا الزِّيرُ الْكَبِيرُ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا: الْحِبُّ الْجَرَّةُ أَوْ الضَّخْمَةُ مِنْهَا جَمْعُهُ أَحْبَابٌ وَحِبَبَةٌ وَحِبَابٌ بِالْكَسْرِ. اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَالْحُبُّ بِالضَّمِّ الْخَابِيَةُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَاءِ الْمَذْكُورِ كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ م ر أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الصَّلَاةِ فِيهِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَجَبَ ذَلِكَ أَوْ عَلَى الصَّلَاةِ فِيهِ ثُمَّ الْخُرُوجِ إلَى الشَّطِّ عِنْد الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِيَأْتِيَ بِهِمَا فِيهِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَجَبَ ذَلِكَ، وَإِنْ نَالَهُ بِالْخُرُوجِ مَشَقَّةٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَلَّى عَارِيًّا عَلَى الشَّطِّ وَلَا إعَادَةَ، وَإِنْ شَاءَ وَقَفَ فِي الْمَاءِ، وَعِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَخْرُجُ إلَى الشَّطِّ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ أَنْ لَا يَأْتِيَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الْمَاءِ وَعَوْدِهِ بِأَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا بِإِطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: وَوَجْهُهُ مَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ) أَيْ مَشَقَّةً شَدِيدَةً اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى فَاقِدِ الثَّوْبِ) فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: لَوْ لَمْ يَجِدْ الرَّجُلُ إلَّا ثَوْبَ حَرِيرٍ، وَلَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَكَذَا التَّسَتُّرُ بِهِ حَتَّى يَجِدَ غَيْرَهُ، وَلَوْ مُتَنَجِّسًا اهـ. وَقَوْلُهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا ثَوْبَ حَرِيرٍ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَحْوَ الطِّينِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ لَمْ يُصَلِّ فِي الْحَرِيرِ، وَبِهِ أَجَابَ م ر سَائِلُهُ عَنْهُ وَيَنْبَغِي كَمَا وَافَقَ عَلَيْهِ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِي الْحَرِيرِ مَعَ وُجُودِ نَحْوِ الطِّينِ إذَا أَخَلَّ بِمُرُوءَتِهِ وَحِشْمَتِهِ فَلْيُرَاجَعْ كُلُّ ذَلِكَ وَلْيُحْرَرْ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ نَحْوِ الطِّينِ الْحَشِيشُ وَالْوَرَقُ حَيْثُ أَخَلَّ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ. أَمَّا لَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ إلَّا نَحْوَ الطِّينِ وَكَانَ يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ (قَوْلُهُ: امْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلَانِ) أَيْ، وَإِنْ صَارَ عَلَى صُورَةِ الْقَمِيصِ لَهُمَا: أَيْ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[عَوْرَةُ الْحُرَّةِ]

(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَارِيًّا عَلَى الشَّطِّ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَاءِ وَالسُّجُودِ عَلَى الشَّطِّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ لَزِمَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ أَفْعَالٌ كَثِيرَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>