للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ، وَلَا قَتْلِهِ لِنَحْوِ قَمْلَةٍ لَمْ يَحْمِلْ جِلْدَهَا، وَلَا مَسَّهُ، وَهِيَ مَيِّتَةٌ، وَإِنْ أَصَابَهُ قَلِيلٌ مِنْ دَمِهَا.

وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِهِ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ، وَهِيَ: مَسْبُوقُ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ صُلْبِ صَلَاتِهِ فَسَجَدَ مَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَأَحْدَثَ وَانْصَرَفَ، قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنُ كَجٍّ: عَلَى الْمَسْبُوقِ أَنْ يَأْتِيَ بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ مَنْ لَزِمَهُ السَّجْدَتَانِ. وَنُقِلَ عَنْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ بِحَدَثِ الْإِمَامِ انْفَرَدَ، فَهِيَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ بِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ، فَكَانَتْ مُبْطِلَةً. اهـ. وَالثَّانِي أَصَحُّ وَخَرَجَ بِفِعْلِ زِيَادَةِ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ غَيْرُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامُ (إلَّا أَنْ يَنْسَى) ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَلَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ بَلْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ» ، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي صَلَاتِهِ فَهَوَى لِلسُّجُودِ فَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ بَدَا لَهُ تَرْكُهُ جَازَ كَقِرَاءَةِ بَعْضِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ.

وَلَوْ سَجَدَ عَلَى خَشِنٍ فَرَفَعَ رَأْسَهُ خَوْفًا مِنْ جَرْحِ جَبْهَتِهِ ثُمَّ سَجَدَ ثَانِيًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ قَدْ تَحَامَلَ عَلَى الْخَشِنِ بِثِقَلِ رَأْسِهِ فِي أَقْرَبِ احْتِمَالَيْنِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ. ثَانِيهِمَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ فَانْتَقَلَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ تَحَامُلِهِ عَلَيْهِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَلَ قَبْلَ سُجُودٍ مَحْسُوبٍ لَهُ كَأَنْ سَجَدَ عَلَى نَحْوِ يَدِهِ ثُمَّ رَفَعَهَا وَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِهَا كَضَرْبٍ وَمَشْيٍ (فَتَبْطُلُ) صَلَاتُهُ (بِكَثِيرِهِ) فِي غَيْرِ نَفْلِ السَّفَرِ وَشِدَّةِ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ نَظْمَهَا، وَلَا تَدْعُو الْحَاجَةُ لَهُ غَالِبًا (لَا قَلِيلُهُ) إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ لَعِبًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَعَلَ الْقَلِيلَ وَأَذِنَ فِيهِ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، وَغَمَزَ رِجْلَ عَائِشَةَ فِي السُّجُودِ، وَأَشَارَ بِرَدِّ السَّلَامِ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَأَمَرَ بِدَفْعِ الْمَارِّ وَأَذِنَ فِي تَسْوِيَةِ الْحَصَى، وَلِأَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ فِي هَوِيِّهِ مِنْ قِيَامِهِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَضُرَّ: أَيْ وَقَدْ عَادَ مِنْ هَوِيِّهِ إلَى الْقِيَامِ لِيَرْكَعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا مَسُّهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ الْحَمْلُ وَالْمَسُّ، وَإِنْ قَصُرَ الزَّمَنُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَعَمُّدَ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ مُضِرٌّ، وَإِنْ قَصُرَ، وَلَكِنْ اعْتَبَرَ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى حَجّ الطُّولَ.

(قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْسَى) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ سَمِعَ الْمَأْمُومُ، وَهُوَ قَائِمٌ تَكْبِيرًا فَظَنَّ أَنَّهُ إمَامُهُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ لِلْهَوِيِّ وَحَرَّكَ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابُ فَكَفَّ عَنْ الرُّكُوعِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ النِّسْيَانِ، وَبِذَلِكَ يَسْقُطُ مَا نَظَرَ بِهِ سم فِيهِ فِي حَوَاشِي الْبَهْجَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَئِمَّةُ بِالْمَسْجِدِ فَسَمِعَ الْمَأْمُومُ تَكْبِيرًا فَظَنَّهُ تَكْبِيرَ إمَامِهِ فَتَابَعَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُهُ فَيَرْجِعُ إلَى إمَامِهِ وَلَا يَضُرُّهُ مَا فَعَلَهُ لِلْمُتَابَعَةِ لِعُذْرِهِ فِيهِ، وَإِنْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ وَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ لِلْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعَ ثَانِيًا، وَلَا يَقُومُ مَا أَتَى بِهِ عَنْ هَوِيِّ الرُّكُوعِ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي مَبْحَثِ التَّرْتِيبِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ الرُّكُوعَ فَهَوَى لِلسُّجُودِ ثُمَّ تَذَكَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهَوِيِّهِ وَعَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلْقِيَامِ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ قَدْ تَحَامَلَ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَلَ قَبْلَ سُجُودٍ مَحْسُوبٍ لَهُ خِلَافُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ تُمْكِنْهُ الطُّمَأْنِينَةُ بِمَحَلِّهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ فَعَلَ) أَيْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ فَلَا تَبْطُلُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ ابْتِدَاءً هَذَا الْفِعْلَ، فَإِنْ قَصَدَهُ بَطَلَتْ لِتَلَاعُبِهِ بِمُجَرَّدِ شُرُوعِهِ فِي الْهَوِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ) أَيْ كَأَنْ قَالَ خَارِجَ الصَّلَاةِ اُقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ فِي صَلَاتِكُمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ، وَهُوَ يُصَلِّي (قَوْلُهُ: فِي تَسْوِيَةِ الْحَصَى) هُوَ بِالْقَصْرِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ مُجَرَّدُ التَّسْوِيَةِ دُونَ الْمَسْحِ وَلَوْ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُ أَنَّ كَرَاهَةَ مَسْحِ الْحَصَى مَخْصُوصَةٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[لَا تَجِبُ إجَابَةُ الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ: قَلِيلٌ مِنْ دَمِهَا) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِنْ بَيَانِيَّةً لَا تَبْعِيضِيَّةً إذْ دَمُهَا كُلُّهُ قَلِيلٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ عَنْهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْهُ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ فَيَعُودُ لِلْقِيَامِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ جَعْلُهُ عَنْ الرُّكُوعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ قَدْ تَحَامَلَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>