للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالضَّرْبَةِ الْمُفْرِطَةِ (لَا) الْفِعْلِ الْمُلْحَقِ بِالْقَلِيلِ نَحْوَ (الْحَرَكَاتِ الْخَفِيفَةِ الْمُتَوَالِيَةِ كَتَحْرِيكِ أَصَابِعِهِ فِي) نَحْوِ (سُبْحَةٍ أَوْ حَكٍّ فِي الْأَصَحِّ) مَعَ قَرَارِ كَفِّهِ وَنَحْوِ حَلٍّ وَعَقْدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ لِمَا مَرَّ، وَلَا تَبْطُلُ أَيْضًا بِتَحْرِيكِ جُفُونِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، وَلَا بِإِخْرَاجِ لِسَانِهِ كَذَلِكَ، خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ خَفِيفٌ.

وَلَوْ نَهَقَ نَهِيقَ الْحِمَارِ أَوْ صَهَلَ كَالْفَرَسِ أَوْ حَاكَى شَيْئًا مِنْ الْحَيَوَانِ مِنْ الطَّيْرِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ ذَلِكَ حَرْفٌ مُفْهَمٌ أَوْ حَرْفَانِ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُهُ، وَمَحَلُّ جَمِيعِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِمَا فَعَلَهُ لَعِبًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَخَرَجَ بِالْأَصَابِعِ تَحْرِيكُ الْيَدِ فَيُبْطِلُهَا إنْ كَانَ ثَلَاثًا مُتَوَالِيًا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ جَرَبٌ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى عَدَمِ الْحَكِّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اُبْتُلِيَ بِحَرَكَةٍ اضْطِرَارِيَّةٍ يَنْشَأُ عَنْهَا عَمَلٌ كَثِيرٌ سُومِحَ بِهِ، وَذَهَابُ الْيَدِ وَعَوْدُهَا: أَيْ عَلَى التَّوَالِي مَرَّةً وَاحِدَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا رَفْعُهَا ثُمَّ وَضْعُهَا عَلَى مَحَلِّ الْحَكِّ، وَالْأَوْلَى فِي حَقِّهِ التَّحَرُّزُ عَنْ الْأَفْعَالِ الْقَلِيلَةِ الْمُتَوَالِيَةِ، وَيُسْتَحَبُّ الْفِعْلُ الْقَلِيلُ لِقَتْلِ نَحْوِ عَقْرَبٍ، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَلَوْ فَتَحَ كِتَابًا وَفَهِمَ مَا فِيهِ أَوْ قَرَأَ فِي مُصْحَفٍ، وَإِنْ قَلَّبَ أَوْرَاقَهُ أَحْيَانَا لَمْ تَبْطُلْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسِيرٌ وَغَيْرُ مُتَوَالٍ وَلَا يُشْعِرُ بِالْإِعْرَاضِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ فَأَشْبَهَتْ الْخُطُوَاتِ.

(وَسَهْوُ الْفِعْلِ) الْمُبْطِلُ (كَعَمْدِهِ) فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) فَيَبْطُلُ كَثِيرُهُ وَفَاحِشُهُ لِنُدُورِهِ فِيهَا وَلِقَطْعِهِ نَظْمَهَا بِخِلَافِ الْقَوْلِ، وَلِهَذَا فَرَّقَ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ وَمَشْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ يُحْتَمَلُ التَّوَالِي وَعَدَمُهُ فَهِيَ وَاقِعَةُ حَالٍ فِعْلِيَّةٍ. وَالثَّانِي وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهُ كَعَمْدِ قَلِيلِهِ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِتَحْرِيكِ جُفُونِهِ) وَكَذَا الْآذَانُ إنْ تُصَوِّرَ. قَالَ م ر: وَلَا يَضُرُّ تَحْرِيكُ الذِّكْرِ، وَإِنْ كَثُرَ مُتَوَالِيًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الطَّيْرِ) حَالٌ مِنْ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) لَا يَخْفَى إشْكَالُ مَا أَفْتَى بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَوْتٍ طَالَ وَاشْتَدَّ ارْتِفَاعُهُ وَاعْوِجَاجُهُ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ حِينَئِذٍ. اهـ سم عَلَى حَجّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهِ جَرَبٌ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا الْمَفْرُوضُ مَعَ الْكَثْرَةِ وَالتَّوَالِي بِالْبُطْلَانِ فِي سُعَالِ الْمَغْلُوبِ إذَا كَثُرَ وَتَوَالَى كَمَا تَقَدَّمَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفِعْلُ أَوْسَعُ مِنْ اللَّفْظِ، أَوْ يُقَالَ إنَّمَا نَظِيرُ مَا هُنَا الْمُبْتَلَى بِالسُّعَالِ الْمَارُّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ اسْتِوَاءَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ حَالٌ يَخْلُو مِنْهَا عَنْ ذَلِكَ مُدَّةً تَسَعُ الصَّلَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَنَّهُ يَنْبَغِي وُجُوبُ انْتِظَارِهَا. اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَقَوْلُهُ: اسْتِوَاءَ مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ: أَيْ بِأَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا صَارَ عِلَّةً مُزْمِنَةً وَذَاكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَصْرِفْهُمَا سَوَاءٌ. اهـ سم عَلَى الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: سُومِحَ بِهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَخْلُ مِنْهُ زَمَنًا يَسَعُ الصَّلَاةَ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي السُّعَالِ (قَوْلُهُ: التَّحَرُّزُ عَنْ الْأَفْعَالِ الْقَلِيلَةِ) وَكَذَا الْكَثِيرَةِ الْمُتَوَالِيَةِ إذَا كَانَتْ خَفِيفَةً. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ نَصُّهَا: قَوْلُهُ: نَحْوَ الْحَرَكَاتِ إلَخْ، قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ: أَيْ تَرْكُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفِعْلَاتِ الْخَفِيفَةِ، قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يُقَالُ مَكْرُوهٌ لَكِنْ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ بِكَرَاهَتِهِ، وَهُوَ غَرِيبٌ. اهـ.

أَقُولُ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ غَرِيبٌ نَقْلًا، وَإِلَّا فَالْكَرَاهَةُ فِيهِ هِيَ الْقِيَاسُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ.

(قَوْلُهُ: فِعْلِيَّةٌ) أَيْ وَالِاحْتِمَالُ يُبْطِلُهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

[بُطْلَانُ الصَّلَاة بِالْوَثْبَةِ الْفَاحِشَةِ]

قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ التَّوَالِي وَعَدَمُهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّوَالِيَ مُبْطِلٌ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، وَهُوَ خِلَافُ صَرِيحِ كَلَامِهِمْ، فَإِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ بَعْدَ سَلَامِهِ تَرْكَ شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ يَعُودُ إلَيْهَا وَيَفْعَلُهُ. مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَإِنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ، فَقَوْلُهُمْ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ بِفِعْلٍ كَثِيرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، بَلْ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يَتَأَتَّى بِدُونِ ذَلِكَ غَالِبًا، خُصُوصًا وَلَمْ يُقَيِّدُوا ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ بِقُرْبِ بَابِ الْمَسْجِدِ. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: وَإِنْ مَشَى قَلِيلًا. لَا يُقَالُ: الْمُرَادُ بِالْقَلِيلِ مَا لَا يَضُرُّ فِي الصَّلَاةِ كَالْخُطْوَةِ وَالْخُطْوَتَيْنِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يُنَافِيهِ أَخْذُهُمْ لَهُ غَايَةً، إذْ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَحْتَجَّ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ فَضْلًا عَنْ أَخْذِهِ غَايَةً إذْ الْغَايَةُ إنَّمَا يُؤْتَى بِهَا فِي أَمْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>