للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ وَاضِعَهُ. وَلَا يَحْرُمُ الْبَصْقُ عَلَى حَصِيرِ الْمَسْجِدِ إنْ أَمِنَ وُصُولَ شَيْءٍ مِنْهُ لَهُ مِنْ حَيْثُ الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ.

(وَ) يُكْرَهُ (وَضْعُ يَدِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (عَلَى خَاصِرَتِهِ) مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ الِاخْتِصَارِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ أَوْ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ فِيهَا؛ وَلِأَنَّ إبْلِيسَ أُهْبِطَ مِنْ الْجَنَّةِ كَذَلِكَ.

وَيُكْرَهُ أَنْ يُرَوِّحَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنْ يُفَرْقِعَ أَصَابِعَهُ أَوْ يُشَبِّكَهَا؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ، وَأَنْ يَمْسَحَ وَجْهَهُ فِيهَا وَقَبْلَ انْصِرَافِهِ مِمَّا يَعْلَقُ بِهِ مِنْ نَحْوِ غُبَارٍ (وَ) تُكْرَهُ (الْمُبَالَغَةُ فِي خَفْضِ الرَّأْسِ) عَنْ الظَّهْرِ (فِي رُكُوعِهِ) وَكَذَا خَفْضُهُ عَنْ أَكْمَلِ الرُّكُوعِ، وَإِنْ لَمْ يُبَالِغْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ.

(وَ) تُكْرَهُ (الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ) وَلَوْ فِي مَسْلَخِهِ لِخَبَرِ «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» وَلِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ عَلَى أَصَحِّ الْعِلَلِ، وَخَرَجَ بِالْحَمَّامِ سَطْحُهَا فَلَا تُكْرَهُ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِهِ عَنْ الزَّبَدِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَلَوْ عَلِمَ بِهِ غَيْرُهُ بَعْدُ صَارَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ عَلَيْهِمَا ثُمَّ إنْ أَزَالَهَا الْأَوَّلُ سَقَطَ الْحَرَجُ، وَيَنْبَغِي دَفْعُ الْإِثْمِ عَنْهُ مِنْ أَصْلِهِ عَلَى نَظِيرِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبُصَاقِ أَوْ الثَّانِي سَقَطَ الْحَرَجُ، وَلَمْ تَنْقَطِعْ حُرْمَةُ التَّأْخِيرِ عَنْ الْأَوَّلِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُكَفِّرُهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ وَاضِعُهُ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْ هُوَ مُعَدٌّ لِذَلِكَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْبُصَاقُ) أَيْ، وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِ تَقْدِيرَ حَقِّ الْغَيْرِ، وَهُوَ الْمَالِكُ إنْ وَضَعَهَا فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ وَمَنْ يَنْتَفِعُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً لِلصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ وَضْعُ يَدِهِ) أَيْ جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ فِيهَا) وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: ع رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «الِاخْتِصَارُ فِي الصَّلَاةِ رَاحَةٌ لِأَهْلِ النَّارِ» قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَعْنِي فِعْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَهُمْ أَهْلُ النَّارِ. اهـ. وَفِي نُسَخٍ مُتَعَدِّدَةٍ إسْقَاطُ لَفْظَةٍ فِيهَا وَعَلَيْهِ فَلَا مُعَارَضَةَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يُشَبِّكَهَا) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَا خَارِجَهَا إنْ كَانَ مُنْتَظِرًا لَهَا أَوْ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا فِي الطَّرِيقِ كَمَا يَأْتِي فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: وَقَبْلَ انْصِرَافِهِ) أَيْ مِنْ مَحَلِّ صَلَاتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَاقْتَصَرَ حَجّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ الْحُفَّاظِ عَلَى كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ.

وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ وَتُنْدَبُ إعَادَتُهَا وَلَوْ مُنْفَرِدًا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَذَا كُلُّ صَلَاةٍ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا عَلَى وَجْهٍ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا وَخَارِجَ الْوَقْتِ وَمِرَارًا (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْحَمَّامِ سَطْحُهَا) أَنَّثَهُ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ، وَإِلَّا فَالْحَمَّامُ مُذَكَّرٌ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ) هِيَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَرَى حُرْمَتَهُ، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ هُنَا مُطْلَقًا لِتَعَدِّي ضَرَرِهِ إلَى الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ أَمَّا مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيرُ مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ فَالْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ أَوْ الْمُتَكَبِّرِينَ إلَخْ) عِبَارَةُ الشِّهَابِ حَجّ فِي التُّحْفَةِ: وَعِلَّتُهُ أَنَّهُ فِعْلُ الْكُفَّارِ أَوْ الْمُتَكَبِّرِينَ لِمَا صَحَّ أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ الشَّيْطَانِ لِمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ إبْلِيسَ هَبَطَ مِنْ الْجَنَّةِ كَذَلِكَ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ: لِمَا صَحَّ أَنَّهُ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ دَلِيلٌ لِكَوْنِهِ فِعْلَ الْكُفَّارِ أَوْ الْمُتَكَبِّرِينَ اللَّذَيْنِ قَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا قَائِلٌ، إذْ أَهْلُ النَّارِ هُمْ الْكُفَّارُ وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَالْمُرَادُ أَنَّ هَذَا فِعْلُهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ رِوَايَةُ ابْنِ حِبَّانَ «الِاخْتِصَارُ فِي الصَّلَاةِ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ» وَقَوْلُهُ: أَوْ الشَّيْطَانِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْكُفَّارِ وَدَلِيلُهُ مَا بَعْدَهُ، وَفِي نُسَخٍ مِنْ الشَّارِحِ لَفْظُ فِيهَا عَقِبَ قَوْلِهِ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ لِمَا عَلِمْت.

[الْفَرْقَعَةُ فِي الصَّلَاة أَوْ تَشْبِيكُ الْأَصَابِع]

(قَوْلُهُ: وَكَذَا خَفْضُهُ) أَيْ الرَّأْسَ، وَقَوْلُهُ: عَنْ أَكْمَلِ الرُّكُوعِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْخَفْضِ فِي أَقَلِّ الرُّكُوعِ لَا يُكْرَهُ، وَكَأَنَّهُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ كَالشِّهَابِ حَجّ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَإِلَّا فَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ مُعْتَرِضًا بِهِ تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُبَالَغَةِ، بَلْ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُهُ لَيْسَ فِيهِ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَكْمَلِ الرُّكُوعِ، وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ فِي الْقُوتِ: قُلْت فَأَفْهَمَ: أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخَفْضَ بِدُونِ الْمُبَالَغَةِ لَا يُكْرَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ فِي الْأُمِّ: فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ عَنْ ظَهْرِهِ أَوْ ظَهْرَهُ عَنْ رَأْسِهِ أَوْ جَافَى ظَهْرَهُ حَتَّى يَكُونَ كَالْمُحْدَوْدَبِ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ انْتَهَى. وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ السُّنَّةِ كَمَا سَبَقَ فِي فَصْلِ الرُّكُوعِ، وَالْمُبَالَغَةُ أَشَدُّ كَرَاهَةً، إلَى أَنْ قَالَ: فَتَقْيِيدُهُ بِالْمُبَالَغَةِ خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>