للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُنْتَفٍ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الشِّرْكِ، وَتُكْرَهُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ؛ لِبُعْدِهِ عَنْ الْأَدَبِ، وَفِي الْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّ فِيهِ شَيْطَانًا، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَوْدِيَةِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا خَشْيَةَ خُرُوجِ وَقْتٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَضِ النَّهْيُ هُنَا الْفَسَادَ عِنْدَنَا، بِخِلَافِ كَرَاهَةِ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الصَّلَاةِ بِالْأَوْقَاتِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهَا أَوْقَاتًا مَخْصُوصَةً لَا تَصِحُّ فِي غَيْرِهَا فَكَانَ الْخَلَلُ فِيهَا أَشَدَّ، بِخِلَافِ الْأَمْكِنَةِ تَصِحُّ فِي كُلِّهَا وَلَوْ كَانَ الْمَحَلُّ مَغْصُوبًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهِ كَالْحَرِيرِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ مُنْفَكٍّ عَنْ الْعِبَادَةِ فَلَمْ يَقْتَضِ فَسَادَهَا، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالطَّاهِرَةِ عَنْ النَّجِسَةِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا كَمَا مَرَّ.

(بَابٌ) بِالتَّنْوِينِ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ وَقَدَّمَهُ عَلَى مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لِأَنَّهَا تَكُونُ فِيهَا وَخَارِجَهَا، وَأَخَّرَ الْكَلَامَ عَلَى سَجْدَةِ الشُّكْرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا خَارِجَهَا. وَشُرِعَ سُجُودُ السَّهْوِ لِجَبْرِ السَّهْوِ تَارَةً وَإِرْغَامًا لِلشَّيْطَانِ أُخْرَى: أَيْ يَكُونُ الْقَصْدُ بِهِ أَحَدَ هَذَيْنِ بِالذَّاتِ، وَإِنْ لَزِمَهُ الْآخَرُ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لِلثَّانِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَعْرَكَةِ (قَوْلُهُ: بِالْقَيْدِ) أَيْ، وَهُوَ اسْتِقْبَالُهَا لِلتَّبَرُّكِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: خَشْيَةَ خُرُوجِ وَقْتٍ) أَيْ أَوْ فَوْتِ جَمَاعَةٍ. اهـ حَجّ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ حَاقِبًا أَوْ نَحْوَهُ لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ ذَلِكَ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا) أَيْ إلَّا بِحَائِلٍ كَمَا مَرَّ.

بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: سُجُودُ السَّهْوِ) الْمُرَادُ بِسُجُودِ السَّهْوِ مَا يُفْعَلُ لِجَبْرِ الْخَلَلِ وَإِنْ تَعَمَّدَ سَبَبَهُ كَتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ الْقُنُوتِ عَمْدًا، وَالْمُرَادُ بِأَحْكَامِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا (قَوْلُهُ: لِجَبْرِ السَّهْوِ تَارَةً) كَأَنْ سَهَا بِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِرْغَامًا كَانَ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ مَثَلًا عَمْدًا (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ لِلثَّانِي) فِيهِ أَنَّ إرْغَامَ الشَّيْطَانِ قَدْ يَكُونُ لِتَرْكِ بَعْضٍ عَمْدًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَبْرُ السَّهْوِ دَائِمًا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالسَّهْوِ الْخَلَلَ، وَلَوْ بِفِعْلِ مَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ (بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ) أَيّ قَصْدُ اسْتِقْبَالَهَا لِتَبَرُّكِ أَوْ نَحْوُهُ.

[بَابٌ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِهِ]

بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ سُنَّة (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ) أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا وَهُوَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ أَوْ الشُّكْرِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَيْ يَكُونُ الْقَصْدُ بِهِ أَحَدَ هَذَيْنِ إلَخْ) أَيْ مِنْ الشَّارِعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قَبْلُ وَشُرِعَ وَبِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ أَيْضًا وَبِهَذَا يَلْتَئِمُ الْكَلَامُ، وَإِنَّمَا قَالَ لِجَبْرِ السَّهْوِ فَقَيَّدَ بِالسَّهْوِ مَعَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي التَّرْكِ عَمْدًا أَيْضًا كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ، وَهُوَ إنَّمَا شُرِعَ لِلسَّهْوِ، وَنَدْبُهُ فِي الْعَمْدِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الشَّيْخِ فِي الْحَاشِيَةِ فِيهِ: إنَّ إرْغَامَ الشَّيْطَانِ قَدْ يَكُونُ لِتَرْكِ بَعْضٍ عَمْدًا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَبْرُ السَّهْوِ دَائِمًا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ، وَكَذَا تَصْوِيرُهُ السُّجُودَ لِإِرْغَامِ الشَّيْطَانِ بِمَا إذَا تَرَكَ بَعْضًا عَمْدًا، وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ: أَيْ يَكُونُ الْقَصْدُ بِهِ إلَخْ: أَيْ مِنْ الْمُصَلِّي وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>