للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَارَهُ فَانْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ، فَلَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ مَعَهُ نَاسِيًا فَعَادَ الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ لَزِمَهُ مُوَافَقَتُهُ فِيهِ لِمُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي السَّلَامِ نَاسِيًا، فَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُنَافِي السُّجُودَ، فَإِنْ وُجِدَ فَلَا كَحَدَثِهِ أَوْ نِيَّةِ إقَامَتِهِ وَهُوَ قَاصِرٌ أَوْ بُلُوغِ سَفِينَتِهِ دَارَ إقَامَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ سَلَّمَ عَمْدًا فَعَادَ الْإِمَامُ لَمْ يُوَافِقْهُ لِقَطْعِهِ الْقُدْوَةَ بِسَلَامِهِ عَمْدًا.

(وَلَوْ اقْتَدَى مَسْبُوقٌ بِمَنْ سَهَا بَعْدَ اقْتِدَائِهِ، وَكَذَا) لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ سَهَا (قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ) وَسَجَدَ الْإِمَامُ لِسَهْوِهِ (فَالصَّحِيحُ) فِيهِمَا (أَنَّهُ) أَيْ الْمَسْبُوقَ (يَسْجُدُ مَعَهُ) لِلْمُتَابَعَةِ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ مَوْضِعَهُ آخِرُ صَلَاتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ عَلَى سَجْدَةٍ لَمْ يَسْجُدْ أُخْرَى بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ (ثُمَّ) يَسْجُدُ أَيْضًا (فِي آخِرِ صَلَاتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ السَّهْوِ الَّذِي لَحِقَهُ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ مَوْضِعَ السُّجُودِ آخِرُ الصَّلَاةِ، وَفِي قَوْلٍ فِي الْأُولَى وَوَجْهٌ فِي الثَّانِيَةِ يَسْجُدُ مَعَهُ مُتَابَعَةً وَلَا يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَهُوَ الْمُخَرَّجُ السَّابِقُ، وَفِي وَجْهٍ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ مَعَهُ وَلَا فِي آخِرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ السَّهْوَ (فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ) فِيهِمَا (سَجَدَ) نَدْبًا الْمَسْبُوقُ الْمُقْتَدِي (آخِرَ صَلَاةِ نَفْسِهِ) فِيهِمَا (عَلَى النَّصِّ) لِمَا مَرَّ فِي الْمُوَافِقِ، وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ الْمُخَرَّجُ السَّابِقُ.

(وَسُجُودُ السَّهْوِ وَإِنْ كَثُرَ) السَّهْوُ (سَجْدَتَانِ) يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ لِاقْتِصَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمَا فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ مَعَ تَعَدُّدِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَتَكَلَّمَ وَمَشَى، وَالْأَوْجَهُ جَبْرُهُ لِكُلِّ سَهْوٍ وَقَعَ مِنْهُ مَا لَمْ يَخُصَّهُ بِبَعْضِهِ فَيَحْصُلُ وَيَكُونُ تَارِكًا لِلْبَاقِي، وَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ احْتِمَالِ بُطْلَانِهَا حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ الْآنَ مَدْفُوعٌ بِمَنْعِ مَا عُلِّلَ بِهِ، إذْ هُوَ مَشْرُوعٌ لِكُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ وَإِنَّمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا تَدَاخَلَتْ، فَإِذَا نَوَى بَعْضَهَا فَقَدْ أَتَى بِبَعْضِ الْمَشْرُوعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ إنْ نَوَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً، فَإِنْ عَرَضَ بَعْدَ فِعْلِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُمَا نَفْلٌ؛ وَهُوَ لَا يَصِيرُ وَاجِبًا بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَكَوْنُهَا تَصِيرُ زِيَادَةً مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ، وَهِيَ مُبْطِلَةٌ مَحَلُّهُ عِنْدَ تَعَمُّدِهَا كَمَا مَرَّ وَهُنَا لَمْ يَتَعَمَّدْ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ مِنْ إطْلَاقِ الْبُطْلَانِ وَعَنْ الْقَفَّالِ مِنْ إطْلَاقِ عَدَمِهِ، وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا بِرُبَاعِيَّةٍ، وَأَتَى مِنْهَا بِرَكْعَةٍ وَسَهَا فِيهَا ثُمَّ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ قَاصِرٍ فَسَهَا إمَامُهُ وَلَمْ يَسْجُدْ ثُمَّ أَتَى هُوَ بِالرَّابِعَةِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ فَسَهَا فِيهَا كَفَاهُ لِلْجَمِيعِ سَجْدَتَانِ.

وَكَيْفِيَّتُهُمَا (كَسُجُودِ الصَّلَاةِ) فِي وَاجِبَاتِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ كَوَضْعِ الْجَبْهَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالتَّحَامُلِ وَالتَّنْكِيسِ وَالِافْتِرَاشِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِيهِمَا: سُبْحَانَ مَنْ لَا يَنَامُ وَلَا يَسْهُو وَهُوَ لَائِقٌ بِالْحَالِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّمَا يُتِمُّ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ مَا يَقْتَضِي السُّجُودَ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِظُهُورِ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ سُجُودٌ بَلْ لَا يَصِحُّ حَيْثُ سَجَدَ قَبْلَ عَوْدِ إمَامِهِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ) أَيْ مِنْ الْمَأْمُومِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ) أَيْ مِنْ الْمَأْمُومِ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اقْتَصَرَ إمَامُهُ) أَيْ الْمَسْبُوقُ وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْجُدْ أُخْرَى: أَيْ؛ لِأَنَّ سُجُودَهُ هُنَا لِلْمُتَابَعَةِ وَقَدْ زَالَتْ.

(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ تَارِكًا لِلْبَاقِي) أَيْ ثُمَّ لَوْ عَنَّ لَهُ السُّجُودُ لِلْبَاقِي لَمْ يَجُزْ، وَإِذَا فَعَلَهُ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ؛ لِفَوَاتِهِ بِتَخْصِيصِ السُّجُودِ الَّذِي فَعَلَهُ بِبَعْضِ الْمُقْتَضَيَاتِ، وَلَوْ نَوَى السُّجُودَ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَثَلًا وَتَرَكَ السُّورَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ بِلَا سَبَبٍ مَمْنُوعٌ، وَبِنِيَّةِ مَا ذُكِرَ شَرِكَ بَيْنَ مَانِعٍ وَمُقْتَضٍ فَيُغَلَّبُ الْمَانِعُ. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ هَلْ يَضُرُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا صَادِقٌ بِمَا يُشْرَعُ لَهُ السُّجُودُ وَمَا لَا يُشْرَعُ فَلَا يَصِحُّ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: مِنْ احْتِمَالِ بُطْلَانِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ: أَيْ حِينَ لَمْ يَخُصَّهُ بِبَعْضِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ) أَيْ الْمُصَلِّي (قَوْلُهُ: كَمَا قَرَرْنَاهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ عَرَضَ بَعْدَ فِعْلِهَا لَمْ يُؤَثِّرْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا) هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ جُمْلَةِ مَا دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَسُجُودُ السَّهْوِ، وَإِنْ كَثُرَ سَجْدَتَانِ.

[كَيْفِيَّةُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ: وَمَنْدُوبَاتُهُ) كَالذِّكْرِ فِيهَا، وَقِيلَ يَقُولُ فِيهَا: سُبْحَانَ مَنْ لَا يَنَامُ وَلَا يَسْهُو وَهُوَ لَائِقٌ بِالْحَالِ لَكِنْ إنْ سَهَا لَا إنْ تَعَمَّدَ؛ لِأَنَّ اللَّائِقَ حِينَئِذٍ الِاسْتِغْفَارُ إلَخْ اهـ حَجّ.

وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْأَوْجَهَ اسْتِحْبَابُ سَجَدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>