للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعِشَاءِ. وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُمَا بَعْدَ إجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ، فَإِنْ تَعَارَضَتْ هِيَ وَفَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ لِإِسْرَاعِ الْإِمَامِ بِالْفَرْضِ عَقِبَ الْأَذَانِ أَخَّرَهُمَا إلَى مَا بَعْدَهَا وَلَا يُقَدِّمُهُمَا عَلَى الْإِجَابَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِسُنَّةٍ، وَاسْتَدَلَّ بِظَاهِرِ خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ (وَبَعْدَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ) لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ ثِنْتَانِ مِنْهَا مُؤَكَّدَتَانِ (وَقَبْلَهَا مَا قَبْلَ الظُّهْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ أَرْبَعٌ مِنْهَا ثِنْتَانِ مُؤَكَّدَتَانِ فَهِيَ كَالظُّهْرِ فِي الْمُؤَكَّدِ وَغَيْرِهِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ تُوهِمُ مُخَالَفَتَهَا لِلظُّهْرِ فِي سُنَّتِهَا لِلْمُتَأَخِّرَةِ، وَيَنْوِي بِالْقَبْلِيَّةِ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ كَالْبَعْدِيَّةِ، وَلَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ وُقُوعِهَا خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ كُلِّفَ بِالْإِحْرَامِ بِهَا، وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَمِ إجْزَائِهَا، أَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَيَنْوِي بِهَا بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ بَعْدِيَّتَهُ لَا بَعْدِيَّةَ الْجُمُعَةِ.

(وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً (الْوِتْرُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لِخَبَرِ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَخَبَرِ «أَوْتِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» وَلَفْظُ الْأَمْرِ لِلنَّدَبِ هُنَا لِإِرَادَةِ مَزِيدِ التَّأْكِيدِ، وَخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ كَمَا يَقُولُ بِوُجُوبِهِ أَبُو حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨] إذْ لَوْ وَجَبَ لَمْ يَكُنْ لِلصَّلَوَاتِ وُسْطَى، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ عَلَى وُجُوبِهِ حَتَّى صَاحِبَيْهِ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ فِعْلُهُمَا) أَيْ اللَّذَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ: أَيْ وَكَذَا سَائِرُ الرَّوَاتِبِ وَإِنَّمَا خَصَّ هَاتَيْنِ بِالذِّكْرِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْمُبَادَرَةِ بِفِعْلِ الْمَغْرِبِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ عِنْدَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ فِي الْأَذَانِ الْمُفَوِّتِ لِإِجَابَةِ الْمُؤَذِّنِ وَلِفِعْلِ الرَّاتِبَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ لَهَا لَا يَنْبَغِي، بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَارَضَتْ هِيَ) أَيْ السُّنَّةُ الْقَبْلِيَّةَ (قَوْلُهُ: إلَى مَا بَعْدَهُمَا) أَيْ وَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ، وَلَا مَانِعَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ فَضْلٌ كَالْحَاصِلِ مَعَ تَقْدِيمِهَا، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ حُصُولَ جَمَاعَةٍ أُخْرَى يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ فِعْلِ الرَّاتِبَةِ الْقَبْلِيَّةِ وَإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ التَّحَرُّمِ مَعَ إمَامِ الثَّانِيَةِ سُنَّ تَقَدُّمُ الرَّاتِبَةِ وَتَرْكُ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأَوَّلِ زِيَادَةُ فَضْلٍ كَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْ فِقْهِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَدِّمُهُمَا عَلَى الْإِجَابَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ وَلِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهَا (قَوْلُهُ: كَالْبَعْدِيَّةِ) أَيْ؛ كَمَا أَنَّهُ يَنْوِي بِالسُّنَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ الْبَعْدِيَّةَ حَيْثُ عَلِمَ صِحَّةَ الْجُمُعَةِ أَوْ ظَنَّهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ ظَنَّ إلَخْ، وَإِلَّا صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ نَوَى بَعْدِيَّتَهُ كَمَا يَأْتِي عَلَى مَا ذَكَرْنَا.

(قَوْلُهُ: عَدَمِ وُقُوعِهَا) أَيْ جُمُعَةٍ (قَوْلُهُ: إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ ظَنَّ وُقُوعَهَا) وَفِي نُسْخَةٍ: إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِالْإِحْرَامِ بِهَا وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَمِ إجْزَائِهَا، أَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَيَنْوِي بِهَا بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ بَعْدِيَّتَهُ لَا بَعْدِيَّةَ الْجُمُعَةِ وَمِنْهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ، وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَمِ إلَخْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ وَخَرَجَ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ وَخَرَجَ إلَخْ مَضْرُوبًا عَلَيْهِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ، وَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ يَتْبَعُ فِيهِ حَجّ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَضَرَبَ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ وَكَتَبَ بَدَلَهُ مَا فِي صَدْرِ الْقَوْلَةِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) قَسْمَ قَوْلِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ تُوهِمُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ حَجّ: وَكَأَنَّ عُذْرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ النَّصُّ الصَّرِيحُ الْمُشْتَهِرُ إلَّا عَلَى هَذِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ وُقُوعِهَا) أَيْ بِإِخْلَالِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا. وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ فِي تَعْلِيلِ كَلَامِ صَاحِبِ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ مِنْ اسْتِكْمَالِ شُرُوطِهَا. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْبَعْدِيَّةُ فَيُنْوَى بِهَا بَعْدَ فِعْلِ الظُّهْرِ) أَيْ إنْ فَعَلَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ حِينَئِذٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَفِي نُسَخِ الشَّارِحِ هُنَا زِيَادَةٌ فِيهَا اخْتِلَافٌ فِي النُّسَخِ، وَقَدْ بَيَّنَهُ الشَّيْخُ عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي رَجَعَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ آخِرًا فِي الْحَاشِيَةِ.

[مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُسَنُّ جَمَاعَةً الْوِتْرُ]

(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: ٢٣٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>