للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُغَيَّرُ عَمَّا وَرَدَ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا وَصَلَّاهَا بَعْدَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهَا مَعَ سُنَّتِهِ الَّتِي بَعْدَهَا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ يَجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ.

قَالَ: بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى سُنَّةَ عِيدِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى حَيْثُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ اشْتَمَلَتْ نِيَّتُهُ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ نِصْفُهَا مُؤَدَّى، وَنِصْفُهَا مَقْضِيٌّ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْمَذْهَبِ؛ وَلِأَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ شَبِيهَةٌ بِالْفَرَائِضِ فَلَا تُغَيَّرُ عَمَّا وَرَدَ، نَظِيرُ مَا مَرَّ وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ زِيَادَةِ الْوُقُودِ عِنْدَ فِعْلِ التَّرَاوِيحِ خُصُوصًا مَعَ تَنَافُسِ أَهْلِ الْإِسْبَاعِ فِي الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ جَائِزٌ إنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ، وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا فِيهِ نَفْعٌ وَهُوَ مِنْ مَالٍ مَحْجُورٍ أَوْ وَقْفٍ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَاقِفُهُ وَلَمْ تَطَّرِدْ الْعَادَةُ بِهِ فِي زَمَنِهِ وَعِلْمُهَا، وَلَوْ جَمَعَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ سُنَّةَ الْعِشَاءِ ثِنْتَيْنِ مِنْهَا وَوَاحِدَةَ الْوِتْرِ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْبَيَانِ.

(وَلَا حَصْرَ لِلنَّفْلِ الْمُطْلَقِ) وَهُوَ الَّذِي لَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ أَيْ لَا حَصْرَ لِعَدَدِهِ وَلَا لِعَدَدِ رَكَعَاتِهِ لِخَبَرِ «الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ فَاسْتَكْثِرْ مِنْهَا أَوْ أَقِلَّ» فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: بَيْنَ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ) أَيْ أَمَّا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِإِحْرَامٍ فَلَا لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ. اهـ.

وَقَوْلُهُ بَعْدُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ اشْتَمَلَتْ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا جَازَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ سُنَّتَيْهِمَا بَعْدَ فِعْلِهِمَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَلَوْ جَمَعَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ سُنَّةً إلَخْ لِاخْتِلَافِ نَوْعِهِمَا مَعَ أَنَّ كُلًّا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى مَنْهَجٍ صَرَّحَ بِمَا قُلْنَاهُ حَيْثُ قَالَ: بِخِلَافِ مَا لَوْ جَمَعَ رَوَاتِبَ فَرْضَيْنِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ، وَلَمْ يُعْهَدْ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ بَعْضِهَا أَدَاءً وَبَعْضِهَا قَضَاءً م ر. وَأَظُنُّهُ نَقَلَهُ عَنْ فَتْوَى وَالِدِهِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ سُنَّةِ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ؛ لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ، وَانْظُرْ لَوْ جَمَعَ أَرْبَعَ الظُّهْرِ القَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةَ أَوْ جَمَعَ الثَّمَانِ لَكِنْ أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَوَقَعَ الْبَاقِي خَارِجَهُ هَلْ يَكُونُ الْأَرْبَعُ أَوْ الثَّمَانِ أَدَاءً أَوْ لَا بُدَّ فِي كَوْنِهَا أَدَاءً مِنْ وُقُوعِ رَكْعَةٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْوَقْتِ بِأَنْ يُدْرِكَ ثَلَاثًا فِي الْوَقْتِ فِي صُورَةِ الْأَرْبَعِ وَخَمْسًا فِي صُورَةِ الثَّمَانِ؟ .

قَالَ م ر: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ أَدَاءً بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ صَارَ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ يُدْرِكَ ثَلَاثًا إلَخْ لَعَلَّ وَجْهَ اشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ وَالْخَمْسِ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْقَبْلِيَّةَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ الْأَرْبَعِ مُسْتَقِلَّةً فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُهَا كُلُّهَا فِي الْوَقْتِ، وَالْبَعْدِيَّةُ صَلَاةٌ أُخْرَى فَيُكْتَفَى مِنْهَا بِرَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: شَبِيهَةٌ بِالْفَرَائِضِ) وَعَلَى هَذَا لَوْ فَاتَهُ عِيدُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ مَعَ انْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا كَانَ مُعَلَّلًا بَعْلَتَيْنِ يَبْقَى مَا بَقِيَتْ إحْدَاهُمَا، وَكَذَا لَوْ نَوَى بِرَكْعَتَيْنِ الْعِيدَ وَالضُّحَى فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ مَقْصُودَتَانِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ لَا حَصْرَ لِعَدَدِهِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ هُوَ مَحْصُورٌ فِي عِشْرِينَ مَثَلًا فَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ وَلَا لِعَدَدِ رَكَعَاتِهِ: أَيْ فَإِذَا أَحْرَمَ وَأَطْلَقَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا شَاءَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِعَدَدِ رَكَعَاتِهِ فَافْهَمْهُ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: خَيْرُ مَوْضُوعٍ) هُوَ بِالْإِضَافَةِ لِيَظْهَرَ بِهِ الِاسْتِدْلَال عَلَى فَضْلِ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِهَا، وَأَمَّا تَرْكُ الْإِضَافَةِ، وَإِنْ صَحَّ فَلَا يَحْصُلُ مَعَهُ الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ.

[فَائِدَةٌ] قَالُوا طُولُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ كَثْرَةِ الْعَدَدِ، فَمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا مَثَلًا وَطَوَّلَ الْقِيَامَ أَفْضَلُ مِمَّنْ صَلَّى ثَمَانِيًا وَلَمْ يُطَوِّلْهُ، وَهَلْ يُقَاسُ بِذَلِكَ مَا لَوْ صَلَّى قَاعِدًا رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا وَطَوَّلَ فِيهِمَا وَصَلَّى آخَرُ أَرْبَعًا أَوْ سِتًّا وَلَمْ يُطَوِّلْ فِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى قَدْرِ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّا إنَّمَا فَضَّلْنَا ذَاتَ الْقِيَامِ عَلَى غَيْرِهَا نَظَرًا لِلْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ بِطُولِ الْقِيَامِ وَمَا هُنَا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْقُعُودِ الَّذِي لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، وَحَيْثُ زَادَتْ كَثْرَةُ الْعَدَدِ بِالرُّكُوعَاتِ وَالسُّجُودَاتِ وَغَيْرِهَا كَانَتْ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ) أَيْ وَيُسَلِّمَ مَتَى شَاءَ مَعَ جَهْلِهِ كَمْ صَلَّى عُبَابُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: نِصْفُهَا مُؤَدًّى وَنِصْفُهَا مَقْضِيٌّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَقْضِيَّيْنِ صَحَّ لَكِنَّ قَضِيَّةَ التَّعْلِيلِ الْآخَرِ خِلَافُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ سُنَّةَ الْعِشَاءِ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ قَلَاقَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا حَصْرَ لِعَدَدِهِ وَلَا لِعَدَدِ رَكَعَاتِهِ) عِبَارَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>