للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْوِيَ بِالثَّانِيَةِ الْفَرْضَ) صُورَةً حَتَّى لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً، أَوْ مَا هُوَ صُورَةُ فَرْضٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي الْجُمْلَةِ لَا عَلَيْهِ هُوَ، فَإِنَّهُ إنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ إعَادَتُهَا لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضِهِ وَلَا يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْفَرْضِ؛ وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِعَادَةِ إيجَادُ الشَّيْءِ ثَانِيًا بِصِفَتِهِ الْأُولَى، وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَإِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِهَا وَأَنَّهُ تَكْفِي نِيَّةُ الظُّهْرِ مَثَلًا، عَلَى أَنَّهُ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ وَجْهًا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مُعْتَمَدًا. أَمَّا إذَا نَوَى حَقِيقَةَ الْفَرْضِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ، وَيَجِبُ فِي هَذِهِ الْمُعَادَةِ الْقِيَامُ، وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا لَهَا أَحْكَامَ الْفَرْضِ لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَتِهِ.

(وَلَا رُخْصَةَ فِي) (تَرْكِهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (وَإِنْ قُلْنَا) إنَّهَا (سُنَّةٌ) لِتَأَكُّدِهَا (إلَّا لِعُذْرٍ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَاوِمِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ النَّاسَ بِالْجَمَاعَةِ وَجَبَتْ إلَّا عِنْدَ قِيَامِ الرُّخْصَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ؛ لِقِيَامِ الْعُذْرِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ لَا صَلَاةَ لَهُ» أَيْ كَامِلَةً إلَّا مِنْ عُذْرٍ.

وَالرُّخْصَةُ بِسُكُونِ الْخَاءِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا لُغَةً: التَّيْسِيرُ وَالتَّسْهِيلُ، وَاصْطِلَاحًا: الْحُكْمُ الثَّابِتُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِعُذْرٍ (عَامٍّ كَمَطَرٍ) وَثَلْجٍ وَبَرْدٍ يَبُلُّ كُلٌّ مِنْهَا ثَوْبَهُ، أَوْ كَانَ نَحْوَ الْبَرْدِ كِبَارًا يُؤْذِي لَيْلًا وَنَهَارًا لِمَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مُطِرُوا فِي سَفَرٍ: «لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ فِي رَحْلِهِ» وَلِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ النَّجَاسَةُ أَوْ الْقَذَارَةُ.

أَمَّا إذَا لَمْ يَتَأَذَّ بِذَلِكَ لِقِلَّتِهِ أَوْ كِنٍّ، وَلَمْ يَخَفْ تَقْطِيرًا مِنْ سُقُوفِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا النَّجَاسَةُ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا.

(أَوْ رِيحٍ عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدٍ أَوْ رِيحٍ بَارِدٍ أَوْ ظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ (بِاللَّيْلِ) أَوْ وَقْتِ الصُّبْحِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ، بِخِلَافِ النَّهَارِ وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ.

(وَكَذَا وَحَلٌ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ يَقْبَلُ مَا شَاءَ إلَخْ (قَوْلُهُ: صُورَةٌ) أَيْ لَا الْحَقِيقِيُّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا نَوَى حَقِيقَةَ الْفَرْضِ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ صُورَةٍ أَوْ مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى إلَخْ، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: الْمُتَّجَهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا طب وَم ر أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمُعَادَةِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا فَرْضًا عَلَى الْمُكَلَّفِ أَوْ فَرْضًا فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُدَاوِمِ عَلَى تَرْكِهَا) الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى تَرْكِهَا فِي جَمِيعِ الْفَرَائِضِ، فَلَا تُرَدُّ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى تَرْكِهَا فِي الْبَعْضِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهِ لِلْبَعْضِ تَهَاوُنًا بِالْمَطْلُوبِ مِنْهُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْمُوَاظَبَةِ عَدَمُهَا عُرْفًا بِحَيْثُ يُعَدُّ غَيْرَ مُعْتَنٍ بِالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِ الْعُذْرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَأَمَرَهُمْ بِالْحُضُورِ مَعَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْجَمَاعَةِ أَمْرًا مُطْلَقًا ثُمَّ عَرَضَ لَهُمْ الْعُذْرُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْحُضُورُ لِحَمْلِ أَمْرِهِ عَلَى غَيْرِ أَوْقَاتِ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ ضَمُّهَا) زَادَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الشَّخْصُ الْمُتَرَخِّصُ كَثِيرًا كَمَا فِي ضَحْكَةٍ فَإِنَّهُ الَّذِي يَضْحَكُ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: وَالتَّسْهِيلُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا) وَيُعَبِّرُ عَنْهَا أَيْضًا بِأَنَّهَا هِيَ الْحُكْمُ الْمُتَغَيِّرُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَمْ يَسْبِقْ امْتِنَاعُهُ بَلْ وَرَدَ ابْتِدَاءً عَلَى خِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ كَالسَّلَمِ، فَإِنَّ مُقْتَضَى اشْتِمَالِهِ عَلَى الْغَرَرِ عَدَمُ جَوَازِهِ فَجَوَازُهُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ (قَوْلُهُ: لَيْلًا وَنَهَارًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَمَطَرٍ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ لَمَّا مُطِرُوا إلَخْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ شَيْءٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِينَ لَكِنَّهَا تُسَنُّ، فَلَعَلَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ عَلَى كَوْنِهِ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ النَّجَاسَةُ) أَيْ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى اخْتِلَاطِهِ بِنَجِسٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ عُذْرًا) جَوَابُ أَمَّا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ النَّجَاسَةُ عِلَّةٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ، وَلَمْ يَخَفْ تَقْطِيرًا وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَمَّا إذَا خَافَ تَقْطِيرًا فَهُوَ عُذْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ) قَضِيَّةُ تَعْبِيرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[أَعْذَارُ تَرْكُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

(قَوْلُهُ: الْحُكْمُ الثَّابِتُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِعُذْرٍ) يَرِدُ عَلَيْهِ أُمُورٌ لَا تَخْفَى تُعْلَمُ مِنْ عَرْضِهِ عَلَى حَدِّ الرُّخْصَةِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ إنْ تَغَيَّرَ لِسُهُولَةٍ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ فَرُخْصَةٌ لَا نُطِيلُ بِذِكْرِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>