للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاعْتَرَضَ بِرِوَايَتِهِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا شَاذَّةٌ، أَوْ وَلَا مَطَرٍ كَثِيرٍ أَوْ مُسْتَدَامٍ فَلَعَلَّهُ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ، أَوْ أَرَادَ بِالْجَمْعِ التَّأْخِيرَ بِأَنْ أَخَّرَ الْأُولَى إلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَأَوْقَع الثَّانِيَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَانْدَفَعَ أَخْذُ أَئِمَّةٍ بِظَاهِرِهَا (وَالْجَدِيدُ مَنْعُهُ تَأْخِيرًا) إذْ اسْتِدَامَةُ الْمَطَرِ لَا اخْتِيَارَ لِلْجَامِعِ فِيهَا، فَقَدْ يَنْقَطِعُ فَيُؤَدِّي إلَى إخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بِخِلَافِ السَّفَرِ، وَالْقَدِيمُ جَوَازُهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْإِمْلَاءِ قِيَاسًا عَلَى السَّفَرِ.

(وَشَرْطُ التَّقْدِيمِ) بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ (وُجُودُهُ) أَيْ الْمَطَرِ (أَوَّلَهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ لِيَتَحَقَّقَ الْجَمْعُ مَعَ الْعُذْرِ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهُ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى) لِيَتَحَقَّقَ اتِّصَالُ آخِرِ الْأُولَى بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ.

وَقَضِيَّتُهُ اشْتِرَاطُ امْتِدَادِهِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ انْقِطَاعُهُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ. وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى كَمَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُهُ لِذَلِكَ أَيْضًا حَتَّى لَا يَكْفِيَ الِاسْتِصْحَابُ، صَرَّحَ الْقَاضِي بِالِاشْتِرَاطِ فَقَالَ: لَوْ قَالَ لِآخَرَ بَعْدَ سَلَامِهِ اُنْظُرْ هَلْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ أَوْ لَا بَطَلَ جَمْعُهُ لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهِ، وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ غَيْرِ الْقَاضِي، وَنُقِلَ عَنْ الْقَاضِي أَيْضًا خِلَافُهُ، وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ إنْ لَمْ يَتَنَاقَضْ كَلَامُ الْقَاضِي فِيهِ، وَمَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِصْحَابِ، وَادَّعَى غَيْرُهُ أَنَّهُ الْقِيَاسُ، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ رُخْصَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا (وَالثَّلْجُ وَالْبَرَدُ كَمَطَرٍ إنْ ذَابَا) وَبَلَّا الثَّوْبَ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذُوبَا كَذَلِكَ وَمَشَقَّتُهُمَا نَوْعٌ آخَرُ لَمْ يَرِدْ. نَعَمْ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قِطَعًا كِبَارًا يُخْشَى مِنْهُ جَازَ الْجَمْعُ بِهِ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ فِي الثَّلْجِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْبَرْدُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخَائِرِ (وَالْأَظْهَرُ تَخْصِيصُ الرُّخْصَةِ بِالْمُصَلَّى جَمَاعَةً بِمَسْجِدٍ) أَوْ غَيْرِهِ (بَعِيدٍ) عَنْ مَحَلِّهِ عُرْفًا بِحَيْثُ (يَتَأَذَّى) تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ (بِالْمَطَرِ فِي طَرِيقِهِ) إلَيْهِ، إذْ الْمَشَقَّةُ إنَّمَا تُوجَدُ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَفَى شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ كَأَنْ كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً، أَوْ يَمْشِي إلَى الْمُصَلَّى فِي كِنٍّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالْمَطَرِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَطَرِ الَّذِي فِيهَا يَبُلُّ الثَّوْبَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِ حَجَرٍ وَمِنْهُ: أَيْ الْمَطَرِ الَّذِي شَرْطُهُ أَنْ يَبُلَّ الثَّوْبَ شَفَّانِ إلَخْ خِلَافُهُ.

[شُرُوطُ التَّقْدِيمِ فِي صَلَاةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْمَطَرِ]

(قَوْلُهُ: بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَشُرُوطُ التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ تَحَقُّقُ الِاتِّصَالِ.

(قَوْلُهُ: بَطَلَ جَمْعُهُ لِلشَّكِّ) قَضِيَّتُهُ الْبُطْلَانُ وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِانْقِطَاعِهِ فَوْرًا بِحَيْثُ زَالَ شَكُّهُ سَرِيعًا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ تَرَكَ نِيَّةَ الْجَمْعِ ثُمَّ نَوَاهُ فَوْرًا مِنْ عَدَمِ الضَّرَرِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ هُنَا كَذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ بَعْدَ نَقْلِهِ مِثْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ: وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا طَالَ زَمَنُ الشَّكِّ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي أَنَّهُ نَوَى الْجَمْعَ فِي الْأُولَى ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَوَاهُ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ لَمْ يَضُرَّ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ تَخْصِيصُ الرُّخْصَةِ بِالْمُصَلِّي جَمَاعَةً) وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْجَمَاعَةُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَالْمُعَادَةِ عَلَى اعْتِمَادِ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَوْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي الثَّانِيَةِ كَالْجُمُعَةِ أَوْ فِي جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِهَا وَلَوْ دُونَ رَكْعَةٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَيُتَّجَهُ أَنْ لَا تُشْتَرَطَ الْجَمَاعَةُ فِي الْأُولَى وَأَنَّهُ يَكْفِي وُجُودُهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالثَّانِيَةِ وَإِنْ انْفَرَدَ قَبْلَ تَمَامِ الرَّكْعَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ تَبَاطَأَ الْمَأْمُومُونَ عَنْ الْإِمَامِ اُعْتُبِرَ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ إحْرَامُهُمْ فِي زَمَنٍ يَسَعُ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ رُكُوعِهِ. وَاخْتَارَ م ر مَرَّةً اشْتِرَاطَ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْأُولَى اهـ سم عَلَى حَجَرٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ. وَفِيهِ أَيْضًا: وَلَوْ تَبَاطَأَ عَنْهُ الْمَأْمُومُونَ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى التَّبَاطُؤِ عَنْ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُحْرِمُوا وَقَدْ بَقِيَ قَبْلَ الرُّكُوعِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ الْبَقَاءُ هُنَا فِي الرُّكُوعِ، بِخِلَافِهِ فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا وُقُوعُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى جَمِيعِهَا فِي جَمَاعَةٍ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ يَظْهَرُ الِاكْتِفَاءُ بِالْجَمَاعَةِ عِنْدَ انْعِقَادِ الثَّانِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. وَقَوْلُهُ وَقَدْ بَقِيَ قَبْلَ الرُّكُوعِ مَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ فِيهِ أَنَّهُ يَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَكْفِي قِرَاءَتُهُمْ الْفَاتِحَةَ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ إذَا طَوَّلَهُ وَأَدْرَكُوهُ فِيهِ وَاطْمَأَنُّوا قَبْلَ رَفْعِهِ هَذَا، وَقَدْ يُقَالُ: أَيُّ دَاعٍ لِاعْتِبَارِ إدْرَاكِ زَمَنٍ يَسَعُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>