للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ قُرْبٍ مِنْهُ، أَوْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا بِالْمُصَلَّى لِانْتِفَاءِ تَأَذِّيه فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةَ وَالْجَمَاعَةَ فِيهَا.

وَأَمَّا جَمْعُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَنَّ بُيُوتَ أَزْوَاجِهِ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ فَغَيْرُ مُنَافٍ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ أَكْثَرُهَا كَانَ بَعِيدًا فَلَعَلَّهُ لَمَّا جَمَعَ كَانَ فِيهِ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ بِهِمْ وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا بِالْمَسْجِدِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ إمَامًا رَاتِبًا أَوْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ إمَامَتِهِ تَعْطِيلُ الْجَمَاعَةِ.

قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَلِمَنْ خَرَجَ إلَى الْمَسْجِدِ قَبْلَ وُجُودِ الْمَطَرِ فَاتَّفَقَ وُجُودُهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَجْمَعَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْمَعْ لَاحْتَاجَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ أَيْضًا: أَيْ أَوْ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ فِي رُجُوعِهِ إلَى بَيْتِهِ ثُمَّ عَوْدِهِ أَوْ فِي إقَامَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يَتَرَخَّصُ مُطْلَقًا، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا جَمْعَ بِغَيْرِ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ كَمَرَضٍ وَرِيحٍ وَظُلْمَةٍ وَخَوْفٍ وَوَحَلٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، وَلِخَبَرِ الْمَوَاقِيتِ فَلَا يُخَالَفُ إلَّا بِصَرِيحٍ وَإِنْ اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ جَوَازَهُ فِي الْمَرَضِ، وَحَكَى فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا جَوَازَهُ بِالْمَذْكُورَاتِ، وَقَالَ: إنَّهُ قَوِيٌّ جِدًّا فِي الْمَرَضِ وَالْوَحَلِ.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِنَّمَا لَمْ يُلْحِقُوا الْوَحَلَ الْمَطَرَ كَمَا فِي عُذْرِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ تَارِكَهُمَا يَأْتِي بِبَدَلِهِمَا، وَالْجَامِعُ يَتْرُكُ الْوَقْتَ بِلَا بَدَلٍ وَلِأَنَّ الْعُذْرَ فِيهِمَا لَيْسَ مَخْصُوصًا بِمُعَيَّنٍ، بَلْ كُلُّ مَا يَلْحَقُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ وَالْوَحَلُ مِنْهُ، وَعُذْرُ الْجَمْعِ مَضْبُوطٌ بِمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَلَمْ تَجِئْ بِالْوَحَلِ.

بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مِنْ حَيْثُ تَمَيُّزُهَا عَنْ غَيْرِهَا بِاشْتِرَاطِ أُمُورٍ لِصِحَّتِهَا، وَأُخَرَ لِلُزُومِهَا وَكَيْفِيَّةٍ لِأَدَائِهَا وَتَوَابِعَ لِذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَهِيَ بِإِسْكَانِ الْمِيمِ وَتَثْلِيثِهَا، وَالضَّمُّ أَفْصَحُ. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا، أَوْ لِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جَمَعَ خَلْقَ أَبِينَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَعَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْقُدْوَةِ إلَى الرُّكُوعِ وَالِاكْتِفَاءِ بِجُزْءٍ فِي الْجَمَاعَةِ.

(قَوْلُهُ: مُنْفَرِدًا بِالْمُصَلَّى) وَلَوْ مَسْجِدًا.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ بِهِمْ) قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْإِمَامِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمُجَاوِرِينَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ مِنْ بُيُوتِهِمْ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ وَحَضَرُوا مَعَ مَنْ جَاءَهُمْ مِنْ بُعْدٍ أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ مَعَ الْإِمَامِ إذَا جَمَعَ تَقْدِيمًا بَلْ يُؤَخِّرُونَهَا إلَى وَقْتِهَا وَإِنْ أَدَّى تَأْخِيرُهُمْ إلَى صَلَاتِهِمْ فُرَادَى بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ غَيْرُ مَنْ صَلَّى، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ الْجَمَاعَةِ عَلَيْهِمْ.

(قَوْلُهُ: فَاتَّفَقَ وُجُودُهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَجْمَعَ) أَيْ حَيْثُ صَلَّى جَمَاعَةً فُرَادَى كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وِفَاقًا لطب وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَارِكَهُمَا يَأْتِي بِبَدَلِهِمَا) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ لِعُذْرٍ لَمْ يَأْتِ لَهَا بِبَدَلٍ، وَإِنَّمَا أَتَى بِالصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ فِي نَفْسِهَا وَلَيْسَ الِانْفِرَادُ بَدَلًا عَنْ الْجَمَاعَةِ.

[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَيْ وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ (قَوْلهُ مِنْ حَيْثُ تَمَيُّزُهَا) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ أَرْكَانُهَا وَشُرُوطُهَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الْخَمْسِ فِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالضَّمُّ أَفْصَحُ) أَيْ لِلْمِيمِ، وَهُوَ لُغَةُ الْحِجَازِ، وَفَتْحُهَا لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ، وَإِسْكَانُهَا لُغَةُ عُقَيْلٍ، وَقَرَأَ بِهَا الْأَعْمَشُ وَالْجَمْعُ جُمَعٌ وَجُمُعَاتٌ مِثْلُ غُرَفٍ وَغُرُفَاتٍ فِي وُجُوهِهَا، وَجَمَّعَ النَّاسُ بِالتَّشْدِيدِ شَهِدُوا الْجُمُعَةَ كَمَا يُقَالُ عَيَّدُوا إذَا شَهِدُوا الْعِيدَ.

وَأَمَّا الْجُمُعَةُ بِسُكُونِ الْمِيمِ فَاسْمٌ لِأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَأَوَّلُهَا السَّبْتُ اهـ مِصْبَاحٌ. وَعَلَيْهِ فَالسُّكُونُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَأَيَّامِ الْأُسْبُوعِ (قَوْلُهُ جَمَعَ خَلْقَ) أَيْ كَمَّلَ خَلْقَ إلَخْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[الْجَمْعِ لِعُذْرِ الْمَطَرِ]

بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>