للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ مَحْصُورِينَ لِلِاتِّبَاعِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِيهِمَا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ بِهَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَهَاتَيْنِ فِي آخَرَ» . فَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ لَا قَوْلَانِ كَمَا أَفْهَمَهُ الرَّافِعِيُّ انْتَهَى. وَقِرَاءَةُ الْأُولَيَيْنِ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، فَإِنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ سَبِّحْ فِي الْأُولَى عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا قَرَأَهَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ أَوْ هَلْ أَتَاك فِي الثَّانِيَةِ لِتَأَكُّدِ أَمْرِ السُّورَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ إمَامًا لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ، وَلَوْ قَرَأَ بِالْمُنَافِقِينَ فِي الْأُولَى قَرَأَ بِالْجُمُعَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَقِرَاءَةُ بَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ قَدْرِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا، إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُشْتَمِلًا عَلَى ثَنَاءٍ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَحُكْمُ سَبِّحْ وَالْغَاشِيَةِ مَا تَقَرَّرَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ وَيُسَنُّ كَوْنُ الْقِرَاءَةِ فِي الْجُمُعَةِ (جَهْرًا) بِالْإِجْمَاعِ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْمُحَرَّرِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ، وَيُسَنُّ لِلْمَسْبُوقِ الْجَهْرُ فِي ثَانِيَتِهِ كَمَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ.

فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا (يُسَنُّ الْغُسْلُ لِحَاضِرِهَا) أَيْ لِمُرِيدِ حُضُورِهَا وَإِنْ لَمْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ لِخَبَرِ «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» وَخَبَرُ الْبَيْهَقِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُسْلٌ» (وَقِيلَ) يُسَنُّ الْغُسْلُ (لِكُلِّ أَحَدٍ) كَالْعِيدِ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ الْحُضُورُ، وَيُفَارِقُ الْعِيدَ عَلَى الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَ غُسْلُهُ لِلْيَوْمِ فَلَمْ يَخْتَصَّ بِمَنْ يَحْضُرُ بِأَنَّ غُسْلَهُ لِلزِّينَةِ وَإِظْهَارِ السُّرُورِ وَهَذَا لِلتَّنْظِيفِ وَدَفْعِ الْأَذَى عَنْ النَّاسِ، وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي التَّزْيِينِ. وَيُكْرَهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

اشْتَمَلَتْ عَلَى الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا الْأَصْلِيِّ، وَأَمَّا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الثَّانِيَةِ وَسَمِعَ قِرَاءَتَهُ قَالَ سم عَلَى حَجّ: فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنْ يَقْرَأَ الْمَأْمُومُ فِي ثَانِيَتِهِ الْجُمُعَةَ، لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قِرَاءَةُ الْمَأْمُومِ، فَكَأَنَّ الْمَأْمُومَ قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَيَقْرَأُ الْجُمُعَةَ الثَّانِيَةَ لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ مِنْهَا انْتَهَى. وَلَوْ قِيلَ فِي هَذِهِ يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ فِي ثَانِيَتِهِ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَبْعُدْ، لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِي سَمِعَهَا الْمَأْمُومُ لَيْسَتْ قِرَاءَةً حَقِيقَةً لِلْمَأْمُومِ، بَلْ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ فَيَحْمِلُ الْقِرَاءَةَ عَنْهُ: فَكَأَنَّهُ قَرَأَ مَا طُلِبَ مِنْهُ فِي الْأُولَى أَصَالَةً وَهُوَ الْجُمُعَةُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الثَّانِيَةِ سَبِّحْ وَهَلْ أَتَاك لِأَنَّهُمَا طُلِبَا فِي الْجُمُعَةِ فِي حَدِّ ذَاتِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَلَّى بِغَيْرِ مَحْصُورِينَ) عُمُومُهُ شَامِلٌ لِمَا لَوْ تَضَرَّرُوا أَوْ بَعْضُهُمْ لِحَصْرِ بَوْلٍ مَثَلًا، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى مُفَارَقَةِ الْقَوْمِ لَهُ وَصَيْرُورَتِهِ مُنْفَرِدًا (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ قَدْرِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ سُورَةً كَامِلَةً، لَكِنْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ قِرَاءَةَ سُورَةٍ كَامِلَةٍ أَفْضَلُ مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ فَلْيُرَاجَعْ، وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ أَفْضَلِيَّةِ السُّورَةِ بِالنِّسْبَةِ لِقَدْرِهَا بِمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ طَلَبُ السُّورَةِ الْكَامِلَةِ الَّتِي قَرَأَ بَعْضَهَا.

[فَائِدَةٌ] وَرَدَ " أَنَّ مَنْ قَرَأَ عَقِبَ سَلَامِهِ مِنْ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَهُ الْفَاتِحَةَ وَالْإِخْلَاصَ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ سَبْعًا سَبْعًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ " وَأُعْطَى مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ " وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ السُّنِّيِّ أَنَّ ذَلِكَ بِإِسْقَاطِ الْفَاتِحَةِ يُعِيذُ مِنْ السُّوءِ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى. وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةٍ وَقَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ حُفِظَ لَهُ دِينُهُ وَدُنْيَاهُ وَأَهْلُهُ وَوَلَدُهُ اهـ حَجّ. وَقَوْلُهُ وَقَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ: أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ اشْتِغَالُهُ بِالْقِرَاءَةِ عُذْرًا فِي عَدَمِ رَدِّ السَّلَامِ فِيمَا يَظْهَرُ، عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّ الرَّدَّ لَا يُفَوِّتُ ذَلِكَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكِتَابِ) أَيْ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ تَتَبُّعِ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَلِمَةً أَوْ نَحْوَهَا لَا يُنَبَّهُ عَلَيْهَا. .

[فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]

فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ يَأْتِي فِي التَّزْيِينِ) أَيْ فَيُقَالُ يَخْتَصُّ هُنَا بِمُرِيدِ الْحُضُورِ بِخِلَافِهِ فِي الْعِيدِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَصْلٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>