للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) يُسَنُّ لِغَيْرِ مَعْذُورٍ (التَّبْكِيرُ إلَيْهَا) لِغَيْرِ الْإِمَامِ لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ وَيَنْتَظِرُوا الصَّلَاةَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ: أَيْ مِثْلَهُ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ: أَيْ طَوَوْا الصُّحُفَ فَلَمْ يَكْتُبُوا أَحَدًا» وَفِي رِوَايَةٍ: فِي الرَّابِعَةِ بَطَّةً، وَالْخَامِسَةِ دَجَاجَةً، وَالسَّادِسَةِ بَيْضَةً. وَفِي أُخْرَى: فِي الرَّابِعَةِ دَجَاجَةً، وَفِي الْخَامِسَةِ عُصْفُورًا، وَالسَّادِسَةِ بَيْضَةً.

أَمَّا الْإِمَامُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى وَقْتِ الْخُطْبَةِ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُلْحَقُ بِهِ مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ، وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ التَّبْكِيرِ لِلْعَجُوزِ إذَا اسْتَحْبَبْنَا حُضُورَهَا، وَكَذَلِكَ الْخُنْثَى الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى الْعَجُوزِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَالسَّاعَاتُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ لَفْظُ الرَّوَاحِ مَعَ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْخُرُوجِ بَعْدَ الزَّوَالِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

غَاسِلِ الْمَيِّتِ يَنْقَضِي بِنِيَّتِهِ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ أَوْ بِطُولِ الْفَصْلِ اهـ. وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ فِي سُنَّةِ الْوُضُوءِ اعْتِمَادُ هَذَا، وَقَدْ يُقَالُ فِي الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إنَّمَا يَفُوتُ الْغُسْلُ فِي حَقِّهِمَا بِعُرُوضِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ كَجَنَابَةٍ فَإِنَّ حِكْمَةَ طَلَبِ غُسْلِهِمَا احْتِمَالُ الْجَنَابَةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ فَعِنْدَ عُرُوضِ مَا يُوجِبُهُ إذَا اغْتَسَلَ لَهُ انْدَرَجَ فِيهِ غُسْلُ الْجَنَابَةِ بِتَقْدِيرِ وُجُودِهَا زَمَنَ الْجُنُونِ أَوْ الْإِغْمَاءِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى نَحْوُ غُسْلِ الْإِفَاقَةِ مِنْ جُنُونِ الْبَالِغِ لِأَنَّهُ لِاحْتِمَالِ الْجَنَابَةِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ مَعَ الْفَوَاتِ. نَعَمْ إنْ حَصَلَتْ لَهُ جَنَابَةٌ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَاغْتَسَلَ لَهَا انْقَطَعَ طَلَبُ الْفِعْلِ السَّابِقِ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنَّ غُسْلَ نَحْوِ الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ كَغُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ.

(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ التَّبْكِيرُ) قَالَ سم عَلَى حَجّ: لَوْ بَكَّرَ أَحَدٌ مُكْرَهًا عَلَى التَّبْكِيرِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ التَّبْكِيرِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَلَوْ زَالَ الْإِكْرَاهُ حُسِبَ لَهُ مِنْ حِينَئِذٍ إنْ قَصَدَ الْإِقَامَةَ لِأَجْلِ الْجُمُعَةِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ لِيَأْخُذُوا مَجَالِسَهُمْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ هُوَ مُجَاوِرٌ بِالْمَسْجِدِ أَوْ يَأْتِيهِ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ كَطَلَبِ الْعِلْمِ يُحْسَبُ إتْيَانُهُ لِلْجُمُعَةِ مِنْ وَقْتِ التَّهَيُّؤِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْخَطِيبَ لَوْ بَكَّرَ إلَى مَسْجِدٍ غَيْرِ الَّذِي يَخْطُبُ بِهِ لَا يَحْصُلُ لَهُ سُنَّةٌ لِلتَّبْكِيرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَهَيِّئًا لِلصَّلَاةِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَنْ اغْتَسَلَ إلَخْ) هَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الثَّوَابَ الْمَخْصُوصَ إنَّمَا يَحْصُلُ لِمَنْ اغْتَسَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ زَادَ عَلَى حَجّ وَالثَّوَابُ أَمْرٌ تَوْقِيفِيٌّ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ) أَيْ لِلْخُطْبَةِ (قَوْلُهُ: حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِهِمْ الْحَفَظَةُ أَوْ غَيْرُهُمْ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْكَاتِبُ فِي الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ الْكَاتِبُ فِي الْأُولَى أَوْ غَيْرُهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُمْ غَيْرُ الْحَفَظَةِ لِأَنَّ الْحَفَظَةَ لَا يُفَارِقُونَ مَنْ عُيِّنُوا لَهُ، وَهَؤُلَاءِ يَجْلِسُونَ بِأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ لِعَامَّةِ مَنْ يَدْخُلُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ) هَلْ أَجْرُهُ دُونَ أَجْرِ مَنْ بَكَّرَ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ.

وَقَدْ يُقَالُ: تَأْخِيرُهُ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ يَجُوزُ أَنْ يُثَابَ عَلَيْهِ ثَوَابًا يُسَاوِي ثَوَابَ الْمُبَكِّرِينَ أَوْ يَزِيدُ (قَوْلُهُ: لَهُ التَّأْخِيرُ) أَيْ فَلَوْ بَكَّرَ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ التَّبْكِيرِ وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ أَهْيَبُ لَهُ وَأَعْظَمُ فِي النُّفُوسِ (قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ) أَيْ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمِنَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ السَّلَسَ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَوْ عَلَى الْقُطْنَةِ وَالْعِصَابَةِ (قَوْلُهُ إذَا اسْتَحْبَبْنَا حُضُورَهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُتَزَيِّنَةً وَلَا مُتَعَطِّرَةً

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مَنْ اغْتَسَلَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَضْلَ الْآتِيَ شَرْطُهُ الْغُسْلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْ اغْتَسَلَ وَإِلَّا لَقَالَ فَإِنْ رَاحَ إلَخْ وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي هَذَا الْفَضْلِ أَوْ أَنَّهُ حُذِفَ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ فَلْيُرَاجَعْ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ (قَوْلُهُ: اسْمٌ لِلْخُرُوجِ) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ اسْمٌ لِلرُّجُوعِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» وَعَلَيْهِ فَالْفُقَهَاءُ ارْتَكَبُوا فِيهِ مُجَازَيْنَ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>