للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ عَزَم الرّاقي كَأَنَّهُ أقسم على الدّاء، وعزم الحَوَّاء: استخرج كَأَنَّهُ يُقسم عَلَيْهَا ويعاهدها، والقَسَامَة: الْجَمَاعَة يشْهدُونَ على الشّيء أَو يحلفُونَ لأَنهم يقسمون عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَا جَرَم لَأَفْعَلَنَّ كَذَا: مَعْنَاهُ حَقًا لَأَفْعَلَنَّ، وَأما لَا جرم أَن لَهُم النّار: فَإِن الْخَلِيل وسيبويه وَمن تبعهما من الْبَصرِيين يجْعَلُونَ جَرَم فعلا مَاضِيا ويجعلون لَا دَاخِلَة عَلَيْهَا فَمنهمْ من يجعلهما جَوَابا لما قبلهمَا وهم الْخَلِيل وَمن تَابعه وَمثله يَقُول الرَّجُل كَانَ كَذَا وَفعل كَذَا فَيَقُول لَا جَرَم أَنهم سيندمون، وبيَّن الْخَلِيل أَنه ردٌّ على أهل الْكفْر فِيمَا قدّروه من اندفاع عُقُوبَة الْكفْر ومَضَرّته عَنْهُم يَوْم الْقِيَامَة وَاخْتلفُوا فِي معنى جرم إِذا كَانَ فعلا مَاضِيا، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: حقَّ أَن لَهُم النّار، وَاسْتدلَّ على ذَلِك بقول الْمُفَسّرين: مَعْنَاهُ حَقًا أَن لَهُم النّار، وَبقول الشّاعر: جَرَمَتْ فَزارَةَ بعْدهَا أَن يغضبوا أَي حَقَّتهم بِالْغَضَبِ ورد على ذَلِك من بعده من الْبَصرِيين وَقَالَ غَيره: جَرَم بِمَعْنى كسب وَاسْتدلَّ على ذَلِك بقوله عز وَجل: (لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقي أَن يُصيبكم مثل مَا أصَاب قوم نوح) . أَي لَا يكسِبَنّكم، وَبِقَوْلِهِ عز وَجل: (لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شنآن قوم أَن صدّوكم عَن الْمَسْجِد الْحَرَام أَن تَعْتَدوا) أَي لَا يكسِبَنّكم، وَبقول الشّاعر: جَريمةُ ناهضٍ فِي رأسِ نِيقٍ ترى لعِظام مَا جمعت صَليبا جريمة: كاسبة، يَعْنِي عُقاباً وناهض فرخ، فالعُقاب تكسب لفرخها مَا يَأْكُلهُ وعَلى ذَلِك تَأَول، جَرَمَت فَزارة: أَي كسبت فَزَارَة الْغَضَب وَاخْتلفُوا فِي فَاعل جَرَم إِذا كَانَ فعلا مَاضِيا فَقَالَ المبرّد إِن فِي مَوْضِع رفع بجرم كَأَنَّهُ قَالَ حَقٌّ كَون النّار لَهُم ووَجَب كَون النّار لَهُم وَنَحْو ذَلِك، وَأما الْفراء وَأَصْحَابه فَذَهَبُوا إِلَى أَن جَرَم اسْم مَنْصُوب بِلَا على التّبرئة فَقَالَ الْفراء لَا جَرَم كلمة كَانَت فِي الأَصْل وَالله أعلم بِمَنْزِلَة لَا بُدّ أَنَّك قَائِم وَلَا مَحالَة أَنَّك ذَاهِب فحُرِّك على ذَلِك وَكثر استعمالهم إِيَّاهَا حَتَّى صَارَت بِمَنْزِلَة حَقًا وَحقا عِنْده فِي منزلَة قسم وَاسْتدلَّ على ذَلِك لما ذكر عَن الْعَرَب من قَوْلهم لَا جرم لأتينك لَا جرم لقد أَحْسَنت. قَالَ: وَكَذَلِكَ فَسرهَا الْمُفَسِّرُونَ بِمَعْنى الحقّ وأصل جَرَمْتُ كسبت وَرَأَيْت بعض الْكُوفِيّين يَجْعَل أنّ فِي مَوْضِع نصب فِي لَا بُدّ وَلَا محَالة وَلَا جرم، وَقَالَ بعض الْكُوفِيّين جرم أَصله الْفِعْل الْمَاضِي فحوّل عَن طَرِيق الْفِعْل وَمنع التّصرّف فَلم يكن لَهُ مُسْتَقْبل وَلَا دَائِم وَلَا مصدر وجُعل مَعَ لَا قسما وَتركت الْمِيم على فتحهَا الَّذِي كَانَ لَهَا فِي الْمَاضِي كَمَا نقلوا حاشَى وَهُوَ فعل مَاض ومستقبله يُحاشي وفاعله مُحاشٍ ومصدره مُحاشاة من بَاب الْأَفْعَال إِلَى بَاب الأدوات لمّا أزالوه عَن التّصرف فَقَالُوا قَامَ الْقَوْم حاشا عبد الله فخفضوا بِهِ وَلَو كَانَ فعلا مَا عمل خفضاً وأبقوا عَلَيْهِ لفظ الْفِعْل الْمَاضِي وَمن أَيْمَانهم لَا وقائت نَفسِي الْقصير لَا وَالَّذِي يَقوتني نَفسِي مَا كَانَ إلاّ كَذَا، لَا وَالَّذِي لَا أتَّقيه إلاّ بمَقْتَلِهِ، لَا ومُقَطِّعِ القَطْرة، لَا وفالق الإِصباح، لَا ومُهِبِّ الرّياح، لَا ومُنْشِر الْأَرْوَاح، لَا وَالَّذِي سبحتُ أيْمَنَ كعبته. لَا وَالَّذِي جَلَّد الإِبل جلودها، لَا وَالَّذِي شقَّ الْجبَال للسيل وَالرِّجَال للخيل، لَا وَالَّذِي شقَّهُنَّ خمْسا من وَاحِد، قَالَ أَحْمد بن يحيى: يُرِيدُونَ الْأَصَابِع من الْكَفّ. قَالَ الْفَارِسِي: وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: (بلَى قَادِرين على أَن نُسَوِّيَ بَنانَه) . أَي نجعلهما مَعَ كَفه صَحِيحَة مستوية لَا شقوق فِيهَا كخف الْبَعِير ويعدم الارتفاق بِالْأَعْمَالِ اللطيفة كالخياطة وَالْكِتَابَة والخِرازة والصباغة وَنَحْو ذَلِك من لطيف الإِعمال التّي يستعان عَلَيْهَا بالأصابع، لَا وَالَّذِي وَجْهي زَمَمَ بَيته: أَي مُقَابل بَيته ومواجهته، يُقَال مُرَّ بهم فَإِنَّهُم على زَمَمٍ من طريقك، لَا وَالَّذِي هُوَ أقرب إليّ من حَبل الوَريد. لَا وَالَّذِي يراني من حَيْثُ مَا نظر، لَا وَالَّذِي رَقَصْن ببطحائه، لَا والراقصات لَهُ ببطنِ جمعٍ، لَا وَالَّذِي نَادَى الحجيج لَهُ، لَا وَالَّذِي أمدّ إِلَيْهِ بيدٍ قَصِيرَة، لَا وَالَّذِي يراني وَلَا أرَاهُ، لَا وَالَّذِي كل الشّعوب تَدينه. قَالَ عَليّ بن حَمْزَة: قَالَ السّيرافي: وإي مستعملة فِي ذَلِك كُله، يذهب إِلَى أَن كل وَاحِد من هَذِه الْأَقْسَام بِلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>