للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأَصْل رَشِدَ أمْرُك ووَفِقَ وغَبِنَ رأيُك ثمَّ حُوِّل الْفِعْل إِلَى الرجل فانتَصَب مَا بعدهَ نَحْو قَوْلك ضِقْتُ ذَرْعَاً وطِبْتُ بِهِ نَفْسَاً الْمَعْنى ضاقَ بِهِ ذَرْعي وطابَتْ بِهِ نَفسِي. ابْن دُرَيْد: غَاَلَيْت السِّلْعة وغالَيْت بهَا وثَوَيْت بِالْبَصْرَةِ وثَوَيْتها وأَسْتَيقنْت الخبرَ وبالخبر وجَاَوَرْت فِي بني فلَان وجاوَرْتهم وكِلْتُ لَك وكِلْتُكَ ووَزَنْت لَك ووَزَنْتك ورَهَنْت عِنْده رَهْنَاً ورَهَنْته رَهْنَاً وخذلَ القومُ عني يَخْذُلون خَذْلاً وخِذْلاناً وخَذَلُوني خِذْلاناً وخَذْلاًَ وَيَأْتِي عليَّ اليومان لَا أذوقُهما طَعاماً: أَي لَا أَذُوق فيهمَا وكنتُ آتيكَ كلَّ يومٍ طَلَعْته الشَّمْس، وأنْشَد: يَا رُبَّ يومٍ فيهِ لَا أُظَلِّلُه أَي لَا أُظَلَّل فِيهِ، وَقَالَ بَعضهم: فِي ساعةٍ يُحِبُّها الطَّعامُ أَي يُحِبُّ فِيهَا وَهَذَا فِي المَواقيت جَائِز ثمَّ قَالَ رأيتُ العربَ قد أَلِفَت المَحالَّ حَتَّى جرى الكلامُ بالغائبِ المتَّصِل فَقَالُوا خَرَجْت الشامَ وذَهَبْت الكوفةَ وَاْنَطلقتُ الغَوْرَ فأنفذَتْ هَذِه الْحُرُوف فِي البُلدان كلِّها للمضمَر فِيهَا وَمن هَذَا لم تقُل ذَهَبْتَ عَبْدَ اللهِ وَلَا كَتَبْتُ زيدا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَاحِيَة وَلَا محَلِّ هَذَا قَول الْكُوفِيّين وَأما البَصْريون فأنكروا ذَلِك فِيمَا كَانَ مَخْصُوصًا وَإِنَّمَا يَفْعَلون مثلَ هَذَا فِي المُبْهَم كالمَذْهب وَالْمَكَان والطُّروف الَّتِي لَا حُدُود لَهَا وَلَا نِهَايَة وَهِي فِي الأقطار السِّتَّة خَلْفَ وأمام وفَوْق وأَسْفَل ويَمين وشِمال، فَأَما قَوْله تَعَالَى: (واقْعُدوا لهُمْ كلَّ مَرْصَدْ) . فَإِن أَبَا إِسْحَاق حكى أَن أَبُو عُبَيْدَة قَالَ: الْمَعْنى اقعُدوا لَهُم كلَّ طَرِيق، وأنْشَد: نُغالي اللَّحْمَ لِلأَضْيافِ نِيئاً أَي بِاللَّحْمِ فحذفَ الباءَ وَكَذَلِكَ حَذَفَ على ثمَّ قَالَ أَبُو إِسْحَاق كلَّ مَرْصَد ظَرْف كَقَوْلِك ذَهَبْت مَذْهَباً وذَهَبْت طَرِيقا وذَهَبْت كلَّ طَرِيق فلستَ تحتاجُ أَن تَقول فِي هَذَا إِلَّا مَا تَقوله فِي الظَّرف نَحْو خَلْف وقُدَّام. قَالَ أَبُو عَليّ: القولُ فِي هَذَا عِنْدِي كَمَا قَالَ وَلَيْسَ يُحتاج فِي هَذَا إِلَى تَقْدِير على إِذا كَانَ المَرْصَد اسْما للمكان كَمَا أَنَّك إِذا قلت ذَهَبْت مَذْهَباً ودَخَلْت مَدْخَلاً فَجعلت المذْهب والمَدْخل اسْمَيْنِ للمكان لم تَحْتَج إِلَى على وَلَا إِلَى تَقْدِير حرفِ جرِّ إِلَّا أنّ أَبَا الْحسن ذهب إِلَى أَن المرْصَد اسمٌ للطريق كَمَا فسره أَبُو عُبَيْدَة وَإِذا كَانَ اسْما للطريق كَانَ مخْصوصاً وَإِذا كَانَ مَخْصُوصًا وَجب أَن لَا يصل الْفِعْل الَّذِي لَا يتعدّى إِلَيْهِ إِلَّا بِحرف نَحْو ذَهَبْت إِلَى زيد ودَخَلْت بِهِ وخَرَجْت بِهِ وقَعَدْت على الطَّرِيق إِلَّا أَن يَجِيء فِي شيءٍ من ذَلِك اتساعٌ فَيكون الحرفُ مَعَه محذوفاً كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم ذَهَبْت الشامَ ودَخَلْت البيتَ فالأسماءُ المخصوصةُ إِذا تعدَّت إِلَيْهَا الْأَفْعَال الَّتِي لَا تتعدّى فَإِنَّمَا هُوَ على الاتساع والحُكْمُ فِي تعدِّيها إِلَيْهَا والأصلُ أَن يكونَ بالحرف وَقد غَلِطَ أَبُو إسحاقَ فِي قَوْله كلُّ مَرْصَد ظَرْف كَقَوْلِك ذَهَبْت مَذْهَباً وذَهَبْت طَريقاً وذَهَبْت كلَّ طَرِيق فِي أَن جعلَ كلَّ طَرِيق ظَرْفَاً كالمَذْهب وَلَيْسَ الطريقُ بظرف أَلا ترى أَنه مكانٌ مخصوصٌ كَمَا أَن البيتَ والمسجدَ مخصوصان وَقد نصَّ سِيبَوَيْهٍ على اختصاصِه والنصُّ بِهِ لَيْسَ كالمَذْهب والمكانِ أَلا ترى أَنه حَمَلَ قَول سَاعِدَة: لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُه فِيهِ كَمَا عَسَلَ الطريقَ الثَّعْلَبُ على أَنه قد حُذف الحرفُ مَعَه اتساعاً كَمَا حُذف عِنْده من ذَهَبْت الشامَ وَقد قَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي هَذَا الْمَعْنى خلافَ مَا قَالَ هُنَا أَلا ترى أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: (لأَقْعُدَنَّ لهُم صِراطَكَ المُستَقيم) أَي على طريقك. قَالَ: وَلَا اختلافَ بَيْنَ النَّحْوِيين أَن على محذوفةٌ وَمثل ذَلِك ضُرِبَ زيدٌ الظَّهرَ والبَطْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>