للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنَّمَا تنْقَلب هَذِه الْهَاء تَاء إِذا وُصِلَت فَلَمَّا كَانَت مقدَّرة على الْوَقْف بقيتْ هَاء، وَإِن أُلقيتْ عَلَيْهَا حَرَكَة مَا بعْدهَا كَمَا تكون هَاء إِذا لم يكن بعْدهَا شيءٌ، فَإِن قَالَ قَائِل لم قَالُوا اثْنَان فأثبتوا النُّون فِي الْعدَد وَمن قَوْلكُم إِنَّمَا تدخل النُّون عوضا من الْحَرَكَة والتنوينِ وَهَذَا مَوضِع يُسَكَّن فِيهِ العددُ فإنَّ الجوابَ فِي ذَلِك أنَّ اثْنَان لفظٌ صِيغَ تَثْبُتُ النُّون على مَعْنَاهُ وَلم يقصِد إِلَى لفظ اثْنٍ يضُمُّه إِلَى مثله إِذْ كَانَ لَا ينطَقُ باثْنٍ وَلكنه لما كَانَ حكم التَّثْنِيَة فِي الْأَشْيَاء الَّتِي يُنطَقُ بواحدها مَتى ثُنِّيَت أَن تُزاد النُّون فِيهَا عوضا من الْحَرَكَة والتنوين وَقد جَاءَ اثْنَان وَإِن لم يُنطَق باثْنٍ حُملَ على مَا يَجِيء عَلَيْهِ الشيءُ الْمَنْطُوق بواحده وَإِن لم يكن لَهُ وَاحِد فِيهِ حركةٌ وتنوينٌ وثبتتْ هَذِه النونُ على كل حَال إلاّ أَن تعاقِبَها الإضافةُ. وَمن ذَلِك حُرُوف التَّهَجِّي إِذا تهجَّيت تَقول ألف كَمَا تَقول وَلَو بواو بعد ألِفٍ وَمِنْهُم من يَقُول زيْ وَإِنَّمَا وُقِفَت هَذِه الْحُرُوف إِذا قطَّعتها على هَذَا النَّحْو لِأَنَّهَا تشبه الأصواتَ ولأنَّك لم تحدِّث عَنْهَا وَلم تحدِّث بهَا وَلَا جعلتَ لَهَا حَالَة تستحقُّ الإعرابَ بهَا كَمَا فعلنَا فِي الْعدَد، وَإِن تهجَّيْتَ اسْما فإنَّك تُقطِّع حُرُوفه وتبنيها على الْوَقْف كَقَوْلِك إِذا تهجَّيت عَمْرا عينْ ميمْ راءْ وَإِن كَانَ شيءٌ من هَذِه الْحُرُوف بعد همزةٍ جازَ أَن تُلقِيَ حَرَكَة الْهمزَة عَلَيْهِ وتحذفها كَقَوْلِك فِي هجاء عامِرٍ عَيْنْ ألِفْ مِيم راءْ وَيجوز أَن تَقول عينْ ألفْ مِيم راءْ فتحذف الْهمزَة وتحرِّك النُّون من عين قَالَ الراجز: أقبلْتُ من عندِ زيادٍ كالخَرِفْ تَخُطُّ رِجلايَ بخَطٍّ مختلِفْ تُكَتِّبان فِي الطَّرِيق لامَ ألِفْ ويروى تَكَتَّبانِ فَألْقى حَرَكَة الْهمزَة من ألف على الْمِيم من لَام وَحذف الْهمزَة فَمن روى تُكَتِبان أَرَادَ تَكتبان: يَعْنِي تُؤَثِّرانِ لَام ألف، وَمن روى تُكَتَّبان أَرَادَ تَتَكَتَّبان: أَي تصيران هما كَلَام ألف. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: إِذا قلت فِي بَاب الْعدَد وَاحِد اثْنَان جَازَ أَن تُشِمَّ الْوَاحِد الضمَّ فَتَقول وَاحِد اثْنَان وَلَا يجوز فِي الْحُرُوف إِذا قلت لامْ ألف أَو نَحْوهمَا. قَالَ: والفصل بَينهمَا أَن الْوَاحِد متمكِّن فِي أَصله والحروف أصواتٌ متقطِّعةٌ فَاحْتمل الْوَاحِد من إشمام الْحَرَكَة لما لَهُ من تمكُّن الأَصْل مَا لم يحْتَملهُ الحرفُ فَإِذا جعلت هَذِه الحروفَ أَسمَاء وأخبرتَ عَنْهَا وعَطَفْت بَعْضهَا على بعضٍ أعرَبْتَها ومدَدت مِنْهَا مَا كَانَ مَقْصُورا وشدَّدت الياءَ من زَيْ فِي قَول من لَا يثبت الألفَ قَالَ الشَّاعِر يذكر النَّحويين: إِذا اجْتَمعُوا على ألِفٍ وباءٍ وتاءٍ هاجَ بينهمُ قِتالُ وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك من قِبل أَنَّهَا إِذا صُيِّرت أَسمَاء فَلَا بدَّ من أَن تجريَ مجْراهَا وتُعطَى حكمَها وَلَيْسَ فِي الْأَسْمَاء المعربة الَّتِي يدخلهَا الْإِعْرَاب اسمٌ على حرفين الثَّانِي من حُرُوف المَدِّ والّلينِ وَاو أَو يَاء أَو ألف لِأَن التَّنْوِين إِذا دخله أبطلَهُ لالتقاء الساكنين فَيبقى الِاسْم على حرف وَاحِد وَهُوَ إجحافٌ شديدٌ، وَقد جَاءَ من الْأَسْمَاء المعربة مَا هُوَ على حرفين وَالثَّانِي من حُرُوف المَدِّ والّلين غير أنّ الإضافةَ تلزمُه هَذَا فُو زيدٍ وَرَأَيْت فا زيدٍ وربَّما اضطرَّ الشَّاعِر فَيَجِيء بِهِ غير مُضَاف قَالَ العجاج: خالَطَ من سَلْمى خَياشيمَ وفَا فَلَمَّا كَانَ الْأَمر على مَا وَصفنَا وجُعلت هَذِه الْحُرُوف أَسمَاء زِيدَ فِي كل واحدٍ مِنْهَا مَا يكمُل بِهِ اسْما وَجعلت الزِّيَادَة مشاكلةً لآخر الْمَزِيد فِيهِ تَقول فِي يَا ياءٌ وَتَكون الْهمزَة مشاكلةً الْألف وَفِي زَيْ زَيٌّ وَمِمَّا يدل على صِحَة هَذَا الْمَعْنى قَول الشَّاعِر فِي لَوِ الَّتِي هِيَ حرف حينَ جعلهَا اسْما:

<<  <  ج: ص:  >  >>