للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ بَعضهم سُدْت يُرِيد فَعُلْت تَحْصِيل هَذَا أَنه يُقَال اسوادَدْت واسْوَدَدْت وسَوِدْت وسُدْت بِمَعْنى واحدٍ وَلَك كُله غير متعَدٍّ يُقَال من لَفْظَة سُدْت سَاد يسود فِي معنى اسوَدَّ يسْوَدُّ فَإِذا أردْت المتعدِّي جَازَ أَن تَقول سُدْته وسَوَّدْته فَأَما سُدْته فَجعلت فِيهِ سواداً وَأما سَوَّدْته فَجَعَلته أسودَ. قَالَ أَبُو عَليّ: وَقد رُوي بيتُ نُصيب سُدْت على احْتِمَال الثَّرْم وَقَالُوا عوَّرْته كَمَا قَالُوا فرَّحته وَقَالُوا جَبَرت يدُه وجَبَرْتها، وركَضَت الدّابَّة ورَكَضْتها ونزَحَت الرَّكِيَّة ونَزَحتها وسارَ الدّابَّةُ وسِرتُه، وَقَالُوا رَجُسَ الرجل ورَجَسْته، وَبَعض يَقُول رَجُسَ: إِذا صَار نَجِساً، ونَقَص الدِّرْهَم ونَقَصْته وغاضَ الماءُ وغِضْته وَقد ذكر نَحْو هَذَا وسأُفرد لهَذَا بَابا إِن شَاءَ الله تَعَالَى، والمتعدّي مِنْهُ لَيْسَ على طَرِيق النّقل والتغيير لما لَا يتعدّى وَلَكِن على معنى جعلْت ذَلِك الفعلَ فِيهِ، وَقد جَاءَ فعَّلته إِذا أردْت أَن تَجْعَلهُ مُفْعِلاً وَذَلِكَ فطَّرْته فأَفطَرَ وبشَّرْته فأبشَرَ وَهَذَا النَّحْو قَلِيل وَمعنى ذَلِك أَنه جعل فعَّلْته نقْلا لأفعلتُ وَالْبَاب أَن يكون نقلا لفَعَلْت كَمَا يُقَال عَرَفَ وعرَّفته ونبُلَ ونبَّلته وفَرِح وفرَّحته وَأما خطَّأْته فَإِنَّمَا أردتَ سمَّيته مُخْطِئاً، كَمَا أَنَّك حَيْثُ قلتَ فسَّقته وزَنَّيْته: أَي سمَّيته بالزِّنا والفِسق، كَمَا تَقول حيَّيْته أَي استقبلته بحَيَّاك الله كَقَوْلِك سقَّيته ورَعَّيته أَي قلت لَهُ سقاك الله ورعاك، وَالْبَاب فِيمَا نسبته إِلَى الشَّيْء أَن يكون على فعَّلت كَقَوْلِك لحَّنته وخطَّأته وصوَّبْته وجَهَّلْته وَمثله مَا يدعى بِهِ لَهُ أَو عَلَيْهِ كَقَوْلِك جدَّعته وعقَّرته: أَي قلت لَهُ جدَعَك الله وعقَرَك الله، وأَفَّفْت بِهِ: أَي قلت لَهُ أُفّ، وَقَالُوا أَسْقيتُه فِي معنى سقَّيْته يَعْنِي بِهِ الدّعاء لَهُ فدخلَتْ أفْعَلْت على فعَّلْت كَمَا تدخل فعَّلْت عَلَيْهَا لِأَن الْبَاب فِي نقل الْفِعْل وتغييره أفْعَلْتُ وَقد استعملوا فِيهِ فَعَّلت كفَرَّحت وفزَّعت، وَالْبَاب فِي الدُّعَاء وَالتَّسْمِيَة فَعَّلت وَقد أدخلُوا عَلَيْهِ أفعَلْت فَقَالُوا أَسْقَيْت لَهُ فِي معنى دَعَوْت لَهُ بالسُّقيا قَالَ ذُو الرّمّة: وقفْتُ على رَبْعٍ لِمَيَّةَ نَاقَتي فَمَا زِلتُ أبْكِي حَولَه وأُخاطِبُهُ وأُسقِيهِ حَتَّى كَاد مِمَّا أُبِثُّه تُكلِّمُني أحجارُهُ وملاعِبُهُ وَيَجِيء أفْعَلتهُ على أَن تُعَرِّضهُ لأمر وَذَلِكَ أقتَلْتُهُ: أَي عَرَّضته للْقَتْل وَيَجِيء مثل قَبَرتُهُ وأقْبرتُهُ فَقَبَرتُهُ: دفَنتُهُ وأقْبَرتُه: جعلتُ لَهُ قبراً ويُقال سَقَيتُهُ فَشَرِبَ وأسقَيتُهُ: جعلت لَهُ مَاء وسُقياً. قَالَ الْخَلِيل: سَقَيتُهُ مثل كَسَوتُهُ وسَقَّيتُهُ مثل ألبَستُهُ وَقَالَ بعض أهل الُّلغة لَا فرقَ بَينهمَا، وَأنْشد للبيد: سَقَى قَوميِ بنيِ مَجدِ وأسْقَى نُمَيراً والقَبَائِلَ من هِلَالِ قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتقول أَجْرَب الرجلُ وأَنْحَزَ وأحال: أَي صَار صَاحب جَرَب وحِيالٍ ونُحازٍ فِي مَاله، وَهَذَا الْبَاب يَجِيء على أربعةِ أوجهٍ مِنْهَا أَن يكونَ الرجلُ صاحبَ شَيْء بتلكَ الصّفة كَقَوْلِنَا رجلٌ مُشِدٌّ ومُقْطِف ومُقْوٍ: أَي صاحبُ إبلٍ قَوِيَّة وخَيْلٍ تَقطُفُ وإبلٍ شَدَّاد وعَلى هَذَا يُقَال امرأةٌ مُطْفِل: أَي لَهَا أَطْفَال، وظَبيةٌ مُشْدِنٌ ومُغْزِل: أَي ولَدُها غَزال وشادِنٌ وَمن ذَلِك يُقَال فلانٌ خبيثٌ مُخْبِث: أَي هُوَ خَبِيث فِي نَفْسه وَله أصحابٌ خُبثاء وعَلى هَذَا قِرَاءَة من قَرَأَ لِتُرْبوا أَي لتصيروا ذَوي رِباً وَمِنْهَا أَن يُقَال لمن يُصادف الشيءَ على صفةٍ أَفْعَلْته: أَي صادَفْته كَذَلِك كَقَوْلِك أَبْخَلْت الرجلَ: أَي وجدتُه بَخِيلًا وَرُوِيَ أَن عَمْرو بنَ معدي كَرِبَ سَأَلَ مُجاشع بنَ مَسْعُود السًّلَميَّ بِالْبَصْرَةِ فَأعْطَاهُ فمدحَ بني سُلَيْم فَقَالَ: سألْناكم فَمَا أَبْخَلْناكم وقاتَلْناكم فَمَا أجْبَنَّاكم وهاجَيْناكم فَمَا أَفْحَمناكم: أَي مَا وَجَدْناكم بُخلاءَ وَلَا جبناءَ وَلَا مُفْحَمين وَمِنْهَا أَن يأتيَ وقتٌ يُستَحقُّ فِيهِ شيءٌ فَيُقَال لمستحقِّه ذَلِك كَقَوْلِك أَصْرَم النخلُ وأَمْضَغ وأَحْصَد الزرعُ وأجَزَّ النخلُ وأَقْطَعَ: أَي قد استحقَّ أَن يُصرَم ويُمضغ ويُحصد وَيُقَال فِي قَوْلهم أَلامَ الرجلُ: أَي صَار صاحبَ لائمةٍ وألامَ: أَي صاحَبَ من يلُومه فَإِذا صَار لَهُ لُوَّام قيل مُليم كَمَا يُقَال لصَاحب الإبلِ الجَرْباء مُجْرِب وَيُقَال إِنَّه قيلَ لَهُ أَلامَ لِأَنَّهُ استحقَّ أَن يُلام

<<  <  ج: ص:  >  >>