للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كلُّها أصُول فَتكون هَذِه الْكَلِمَة ملحَقَة بِهِ وَلَا يجوز أَن تكون الْألف منقلبة عَن الأَصْل لذَلِك أَيْضا وَلَا يجوز أَن تكون للتأنيث أَيْضا لِأَنَّهَا قد سُمِعَت منوَّنة فَإِذا لم يجُزْ أَن تكون من هَذِه الأنحاء ثبتَ أَنَّهَا قسمٌ آخر وَهَذَا قَلِيل جِدّاً، فَأَما المنقلبة فَلَا يَخْلُو انقلابها أَن يكون من واوٍ أَو ياءٍ، وَقد جَاءَت مبدَلَة من الْهمزَة وَذَلِكَ قَوْلهم أيْدي سَبا وأيادي سَبا وَقَوْلهمْ مِنْساة، فمثال الْألف المنقلبة عَن الْوَاو الْألف الَّتِي فِي عَصا قَالُوا فِي التَّثْنِيَة عَصَوان، والمنقلبة عَن يَاء كَالَّتِي فِي فَتى قَالُوا فِي التَّثْنِيَة فتَيانِ والملْحِقة نَحْو الَّتِي فِي أرْطىً، وَمعنى الْإِلْحَاق أَن تزيد على الْكَلِمَة حرفا زَائِدا لَيْسَ من اصل الْبناء ليَبْلُغَ بِنَاء من أبنية الْأُصُول أزْيَد مِنْهَا وَذَلِكَ كزيادتهم الْيَاء فِي حَيْدَر وجَيْأَل وكزيادتهم الْوَاو فِي حَوْقَلٍ وكوثر وَالنُّون فِي رَعْشَنٍ وَالْألف فِي أرْطىً، وَلَا تكون الْألف للإلحاق إِلَّا فِي أَوَاخِر الْأَسْمَاء، وَأما الْألف الَّتِي للتأنيث فنحو الَّتِي فِي بُشْرى والذِّكْرَى والدَّعْوى وَهَذَا الضَّرب لَا يلحقُه التَّنْوِين على حالٍ، وَهَذِه الألِفاتُ على اخْتِلَاف وجوهها إِذا كَانَت فِي آخر اسمٍ كَانَ فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة على صورةٍ واحدةٍ والأسماءُ الَّتِي تكون فِيهَا واحدةٌ من هَذِه الألفات تسمَّى مَقصورةً فَمَا كَانَ مِنْهَا لَا يلحَقُه التَّنْوِين وَهُوَ مَا ذكرنَا من التَّأْنِيث فَهُوَ فِي الوصْل مثله فِي الْوَقْف إِلَّا فِي قَول من أبدَل مِنْهَا الهمزةَ فِي الْوَقْف نَحْو رَجُلاءْ، وَمَا مِنْهَا يلْحقهُ التَّنْوِين فَإِنَّهَا تسْقط مَعَ التَّنْوِين لالتقاء السّاكنين فِي الدَّرْج وَذَلِكَ نَحْو هَذَا فَتى وَهَذِه رَحىً وَهُوَ رَجاً واحِدُ الأرْجاء، فَإِذا وقَفْت عَلَيْهَا فَقلت هَذَا رَجا ثَبَتَتْ فِي الآخر ألفٌ وَيخْتَلف النَّحويّون فِي هَذِه الْألف فَمنهمْ من يَقُول إِنَّهَا فِي مَوضِع النَّصْب بَدَل من التَّنْوِين وَفِي الرّفْع والجرِّ هِيَ المنقلبة عَن اللَّام اعْتِبَارا بالصّحيح. وَقَالَ أَبُو عُثْمَان: فِي رَحَىً ورَجاً وَنَحْو ذَلِك إِذا وقفْت عَلَيْهِ فالألف فِيهِ فِي الْأَحْوَال الثَّلَاث الرّفْع والنَّصب والجرّ الَّتِي هِيَ بدل من التَّنْوِين وَيُقَال للمقصور أَيْضا مَنْقُوص فَأَما قَصْره فَهُوَ حَبْسُه من الْهمزَة بعدَه، وَأما نقصانه فنُقصان الْهمزَة مِنْهُ. وَاعْلَم أَن الْمَقْصُور والممدود كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا على ضَرْبين فَأَما ضربا المقصورِ فأحدهما أَن تقع واوٌ أَو ياءٌ طَرَفَ الِاسْم وقبلَها فَتْحة فتُقلَب ألفا وَلَا يدخلهَا إِعْرَاب لِأَنَّهَا لَا تتحرَّك فَإِذا احتِيجَ إِلَى تحريكها فِي التَّثْنِيَة رُدَّت إِلَى الأَصْل الَّذِي مِنْهُ انقلبت الْألف إِن كَانَت واواً رُدَّت إِلَى الْوَاو وَإِن كَانَت يَاء رُدَّت إِلَى الْيَاء، فَأَما الْوَاو فنحو قَوْلك عَصاً وقَفاً ورَجَا الشيءِ: أَي جَانِبه إِذا ثَنَّيْت قلتَ رَجَوانِ وعَصَوانِ وقَفَوَانِ وَفِي مَنَا الْحَدِيد مَنَوانِ وَكَانَ أصل ذَلِك عَصَواً ومَنواً، أما الْيَاء فنحو رَحىً وفَتىً فَإِن زَاد على الثَّلَاثَة رُدَّت تثنيته إِلَى الْيَاء وَقد جَاءَ فِي حرفٍ نادرٍ التَّثْنِيَة بِالْوَاو مِمَّا زَاد على ثَلَاثَة أحرف وَذَلِكَ قَوْلهم مِذْرَوان وَكَانَ الْقيَاس أَن يُقَال مِذْرَيانِ كَمَا يُقَال مِقْلَيانِ ومِلْهَيانِ وَمَا أشبه ذَلِك وَإِنَّمَا جَاءَ بِالْوَاو لِأَنَّهُ لَا يفرَد لَهُ واحدٌ وبُنيَ على التَّثْنِيَة بِالْوَاو كَمَا يُبْنى على الْوَاو إِذا كَانَ بعدَها هاءُ التَّأْنِيث فِي قَوْلهم شَقاوَةٌ وغَباوَةٌ وقَلَنْسُوَةٌ وعَرْقُوَةٌ وَلَوْلَا الْهَاء لانقلبتِ الْوَاو فَجعلُوا لزومَ عَلامَة التَّأْنِيث فِي بَنَات الْوَاو كلُزومِ الْوَاو وَهَذَا قَول سِيبَوَيْهٍ، وَقد ذكر أَبُو عبيد واحِدَها فَقَالَ مِذْرىً فَهَذِهِ جملَة من تَثْنِيَة الْمَقْصُور وقدَّمتها لأُريكَ وجهَ الانقلابِ وسآتي على تفصيلها فِي بَاب تَثْنِيَة الْمَقْصُور إِن شَاءَ الله. وَأما الضَّرْب الآخر من الْمَقْصُور فَأن تكون أَلفه للتأنيث كشَرْوَى وذِكْرى وحُبْلَى، أَو للإلحاق كأَرْطىً ومِعْزىً وذِفْرىًفي لُغَة من نَوَّن. وَأما ضَرْبا الْمَمْدُود فأحدهما أَن تقع واوٌ أَو ياءٌ طَرَفاً وَقبلهَا ألفٌ فتنقلب همزَة والهمزة إِذا كَانَت طرفا وَقبلهَا ألفٌ فِي اسمٍ سُمِّيَ ممدوداً وَذَلِكَ قَوْلك عَطاءٌ وكِساءٌ ورِداءٌ وظِباءٌ وَالْأَصْل عَطاوٌ وكِساوٌ لِأَنَّهُ من عَطَوْت وكَسَوت، وأصل رداءٍ وظِباءٍ رِدايٌ وظِبايٌ لِأَنَّهُ من قَوْلك حَسَن الرِّدْية وَمن قَوْلك ظَبْيٌ، وَأما الضَّرب الآخر من الْمَمْدُود فَأن تقع ألفٌ للتأنيث وَقبلهَا ألفٌ زائدةٌ فَلَا يُمكن اجْتِمَاع الْأَلفَيْنِ فِي اللَّفْظ وَلَا يجوز حذف إِحْدَاهمَا فيَلْتَبِسَ المقصورُ بالممدود فتُقلَب الْألف الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ طَرَفٌ همزَة لِأَنَّهَا من مخرج الْألف فيصيرُ الِاسْم ممدوداً لوُقوع الهمزةِ طَرَفاً وَقبلهَا ألفٌ وَذَلِكَ نَحْو حمراءَ وصفراءَ وفُقَهاءَ وأغنياءَ وَمَا أشبه

<<  <  ج: ص:  >  >>