للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكَلْبة الدَّيْسَم والدُّرَّاجة يَقَع على المذكَّر والمؤَنثِ والحَيْقُطَان - ذكَرُ الدُّرَّاج وَقَالَ الْفَارِسِي: إِلَّا أنَّ الدَّرَّاجة يُخَصُّ بهَا المؤنَّثُ والعَضْرَفُوط - الذَّكَر من العِظَاء والعِظَاءةُ تقَع على المذكَّر والمؤنث وَقيل العَضْرَفُوط - ضَرْب من العِظَاء وَلَا أعلم أَنه حُكِي لَهُ مؤنَّث من لَفظه

بابُ التَّاء الَّتِي تَلحَق الحروفَ وأسماءَ الْأَفْعَال

التاءُ الَّتِي تَلْحقُ الحُرُوف نَحْو رُبَّ فِي قَوْلك رُبَّتَ رجلٍ ضَرَبتُ وقُمتُ ثُمَّتَ قعَدْت قَالَ الشَّاعِر:

(مَا وِيَّ يَا رُبَّتَما غارَةٍ ... شَعْواءَ كاللَّذْعةِ بالمِيسَمِ)

وَقَالَ الآخر:

(ولقَدْ أمُرُّ على اللَّئِيم يُسَبُّنِي ... فمَضَيْت ثُمَّتَ قلتُ لَا يَعْنينِي)

وَقَالَ الْفراء: التَّاء فِي رُبَّتَ تُشْبِه التأنِيثَ وليستْ بِتأنيثٍ حقِيقيٍّ ومثلُ ذَلِك التاءُ الَّتِي فِي هَيْهاتَ وَفِي قَوْلهم وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ وَأَنا آخِذٌ فِي إشباع القولِ على هَيْهات بأقْصَى نِهاية التَّعْلِيل ثمَّ آخِذٌ فِي لات حِينَ مَناصٍ بذلك ومبَيِّن لمَواضِع الاختِلافِ وفاصِلٌ بَين المختلِفِيْنِ بِمَا يَسْبِق إليَّ من سابِقَة الصَّوَاب بعد اتَّهام بادِي الرأيِ ومعانَدَتهِ قَالَ الْفَارِسِي: فِي هَيْهاتَ أربعُ لُغاتٍ: هَيْهات هَيْهاتَ وَهِي لُغَة التَّنْزِيل وهَيْهات هَيْهاتِ وهَيْهاتٍ هَيْهاتٍ وهَيْهاتاً هَيْهاتاً فَمن قَالَ هَيْهاتَ قَالَ: العرَبُ تفْتضح أواخِرَ الأدوات مَيْلاً إِلَى التخفيفِ كَمَا فَتَحُوا ثُمَّتَ ورُبَّتْ ويُوقَف من هَذَا الوَجْهِ على الْهَاء وَهَذَا كلامٌ عبارتهُ كُوفِيَّة لَا أدْرِي من ين خالَفَ عِبارَتَه المُعتادة قَالَ: وَمن قَالَ هَيْهاتِ كسَرَه لالتِقاءِ الساكنَيْنِ كَمَا قَالُوا نَزَالِ ونَظَارِ وَمن قَالَ هَيْهاتٍ شَبَّهه بالأصْواتِ كَقَوْلِهِم غاقٍ فِي حِكَايَة صوتِ الغُرَاب وَمن قَالَ هَيْهاتاً هَيْهاتاً نصَبه على التَّشْبِيه بالمصدَر وَلَا أظُنُّ هَذَا لفظَ أبي عَليّ قَالَ: وَمن العربِ مَنْ يقُول أيْهاتَ أيْهاتَ وَأَنا مُورِدٌ مَا صَحَّ عَن أبي عليٍّ فِي تَعْلِيل هَذِه الكلمةِ ورَدِّه فِيهَا على أبِي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بَنِ السَّرِيَّ ونبدأ بقول أبِي إسحاقَ أوَّلاً فِي قَوْله تَعَالَى: {هَيْهاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُون} [الْمُؤْمِنُونَ: ٣٦] مَنْ قَرَأَ هَيْهاتَ هَيْهاتَ وموضعُها الرفعُ وتأويلها البُعْدُ لما تُوعَدُون فَلِأَنَّهَا بمنْزِلة الأصواتِ وَلَيْسَت مُشْتَقَّة من فِعْل فبُنِيَتْ هَيْهات كَمَا يُنِيَتْ رُبَّتَ فَإِذا كَسَرت جعَلْتها جمعا فَهِيَ بِمَنْزِلَة قولِ العرَب استْأَصَل اللهُ عِرْقاتهم وعِرْقاتِهم وَإِنَّمَا كُسِر فِي الجمْع لِأَن بِنَاءَ الفتْح فِي الْجمع كَسْر تَقول مَرَرْت بالهِنْداتِ وَرَأَيْت الهِنْداتِ وَيُقَال هَيْهاتَ مَا قُلْتَ فَمن قَالَ هَيْهات مَا قلْتَ فَمَعْنَاه البُعْدُ قولُكَ وَمن قَالَ هَيْهاتَ لِمَا قُلت فَمَعْنَاه البُعْد لقولِك فأمَّا مَن نَوَّنَ هَيْهَات فجعَلها نَكِرةٌ فَمَعْنَاه بُعْدٌ لما تُوعَدون انْتهى كَلَام أبي إِسْحَاق قَالَ الْفَارِسِي: أَقُول إِن قولَه فِي هَيْهات إنَّ موضِعَه رَفْع وأجراءه إيَّاه مُجْرَى البُعْد فِي أَن موضِعَه رَفْع كَمَا أَن البُعْدَ رَفْعٌ من قَوْلك البُعْدُ لزيد خَطَأٌ وَذَلِكَ أنَّ هَيْهاتَ اسمٌ سمِّي بِهِ الفِعْل فَهُوَ اسْم لبَعْد كَمَا أَن شَتَّانَ كَذَلِك وَلَو كَانَ هَيهاتَ موضِعُه رَفْع لوَجَبَ أَن يكون شَتَّانَ أَيْضا مَرْفُوعاً وَكَانَ أوْلَى بذلك من هَيْهاتَ لِأَنَّهُ مأخوذٌ من التَّشْتِيت والشَّتُّ تَفْرِيق وبُعْد وهَيْهاتَ أشبَهُ بالأصواتِ نَحْو صَهْ ومَهْ وَمَا لَا حَظَّ لَهُ فِي الْإِعْرَاب فَإِذا لم يكُنْ شَتَّانَ مُرْتَفِعاً كَانَ ارتِفَاع هَيْهاتَ أبْعَدَ لما أعلمتك وكما لَا يجُوز أَن يُحْكَم لشَتَّانَ بموضِع من الْإِعْرَاب كَمَا لَا موضِعَ لِقامَ من قَوْلنَا قامَ زيدٌ وَمَا أشبهه كَذَلِك لَا يَجُوز أَن يحكم لهَيْهاتَ بأنَّ موضعَه رَفْع وَلَو جَازَ أَن يكون موضعُه رَفْعاً لدلالته على البُعْد لَكَانَ شَتَّانَ أَيْضا مُرْتفِعاً لِدلالته على ذَلِك فَلَيْسَ للاسْمِ الَّذِي يُسَمَّى بِهِ الفِعْل موضعٌ من الْإِعْرَاب كَمَا لم يكُنْ للفِعْل الَّذِي جُعِل اسْما لَهُ مَوضِع لوُقُوعه أوَّلاً فِي غير مَوضِع المُفْرَد فَلَا مَوضِع مرفُوعٌ لهيهاتَ لما أعلمتك كَمَا لم يكُن لشَتَّانَ إِلَّا أنَّ هيهاتَ تُخَالِف شَتَّان من جِهَة وَإِن وافَقَتها من

<<  <  ج: ص:  >  >>