للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَخْفيف الْهَمْز بإلقاء الْحَرَكَة على مَا قبلُ من أجل ذَلِك قَالُوا ثلاثةَ آربعة لِأَن النِّيَّة أَنَّهَا سَاكِنة وَإِنَّمَا استعيرت الْهَاء لحركة الْهمزَة وَذكر عَن الْأَخْفَش إِنَّه كَانَ لَا يُشِمُّ فِي وَاحِد اثْنَان وَذكر أَبُو الْعَبَّاس وَنسبه إِلَى الْمَازِني أَنه لَا يُحَرِّك الْهَاء من ثَلَاثَة بإلقاء حَرَكَة الْهمزَة عَلَيْهَا من أَرْبَعَة قَالَ الْفَارِسِي: وَهَذَا إِن كَانَ صَحِيحا عَنهُ فَهُوَ بَيِّنُ الفسَاد لِأَن سِيبَوَيْهٍ حكى عَن الْعَرَب ثلاثةَ أَرْبَعَة وَأنْشد:

(فِي الطَّرِيق لَامَ ألِفْ ... )

وَقد ألْقى حَرَكَة الْهمزَة على مَا قبلهَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَأما زَاي فَفِيهَا لُغَتَانِ مِنْهُم من يَجْعَلهَا فِي التهجي ككَيْ فَيَقُول زَيْ وَمِنْهُم من يَقُول زايٌ فيجعلها بِمَنْزِلَة وَاو قَالَ أَبُو عَليّ: أما من قَالَ زَيْ فَهُوَ إِذا جعلهَا اسْما شَدَّدَ فَقَالَ زَيُّ وَإِذا جعلهَا حرفا قَالَ زَيْ على حرفين مثل كَيْ وَأما زايٌ فَلَا تَتَغَيَّر صيغته وَأما مَنْ ومِنْ وأنْ وإنْ ومُذْ وَعَن وَلم ونحوُهن إِذا كنَّ أَسمَاء لم تغير لِأَنَّهَا تشبه الْأَسْمَاء كيَدٍ ودَم تَقول فِي رجل سميناه مِنْ هَذَا مِنْ وَلم ومُذْ وَلَا تزيد فِيهَا شَيْئا لِأَن فِي الْأَسْمَاء المتمكنة مَا يكون على حرفين كيدٍ ودَم وَمَا كَانَ على ثَلَاثَة فَهُوَ أولى أَن لَا يُزَاد فِيهَا نَحْو نَعَمْ وأَجَلْ وَكَذَلِكَ الْفِعْل الَّذِي لَا يتَمَكَّن نَحْو نِعْمَ وَبئسَ

١ - هَذَا بَاب تسميتك الْحُرُوف بالظروف وَغَيرهَا من الْأَسْمَاء

اعْلَم أَنَّك إِذا سميت كلمة بِخَلْفَ أَو فَوْقَ أَو تَحْتَ لم تصرفها لِأَنَّهَا مذكرات وجملةُ هَذَا أَن الظروف وَغَيرهَا فِيهَا مذكرات ومؤنثات وَقد يجوز أَن يُذْهَب بِكُل كلمة مِنْهَا إِلَى معنى التَّأْنِيث بِأَن تَتَأَوَّلَ أَنَّهَا كلمة وَإِلَى معنى التَّذْكِير بِأَن تُتَأَوَّلَ أَنَّهَا حرف فَإِن ذهبتَ إِلَى أَنَّهَا كلمةٌ فسميتها باسم مُذَكّر على أَكثر من ثَلَاثَة أحرف أَو ثَلَاثَة أحرف أوسطها متحرّك لم تَصْرف كَمَا لَا تصرف امْرَأَة سميتها بذلك وَإِن سميتها بِشَيْء مُذَكّر على ثَلَاثَة أحرف أوسطُها ساكنٌ وَقد جَعلتهَا كلمة فحكمُها حكمُ امْرَأَة سميتها بزيد فَلَا تصرفها على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَمَا كَانَ على حرفين فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف أوسطُها ساكنٌ فَمن الْمُذكر تَحْتُ وَخَلْفُ وقَبْلُ وَبَعْدُ وأينَ وكيلَ وثَمَّ وَهُنَا وَحَيْثُ وكُلُّ وأَيُّ ومُنْذُ وَمُذْ وَقَطُّ وقَطْ وعِنْدَ ولَدَي ولَدُنْ وجميعُ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ دلالةٌ للتأنيث بعلامة أَو فِعْل لَهُ مؤنث وَمن الظروف المؤنثة قُدَّام ووراء لِأَنَّهُ يُقَال فِي تصغيرها قُدَيْدِيمَة وَوُرَيِّئَة مثلُ وُرِيَّعَةٍ وَمِنْهُم من يَقُول وُرَيِّة مِثْل جُرَيَّة فَلَمَّا أدخلُوا الْهَاء فِي هذَيْن الحرفين وَلم يُدْخلوا فِي تُحَيْتَ وخُلَيْف ودُوَيْن وقُبَيْل وبُعَيْد علمنَا أَن مَا دخل عَلَيْهِ الهاءُ مؤنث وَالْبَاقِي مُذَكّر إِن قَالَ قَائِل فيكف جَازَ دُخُول الْهَاء فِي التصغير على مَا هُوَ أَكثر من ثَلَاثَة أحرف قيل لَهُ الْمُؤَنَّث قد يدل فعله على التَّأْنِيث وَإِن لم يصغر وَلم يتكن فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث كَقَوْلِنَا لَسَبَتِ العقربُ وطارتِ العُقَابُ والظروف لَا يخبر عَنْهَا بِإِخْبَار يدل على التَّأْنِيث فَلَو لم يدخلُوا عَلَيْهَا الْهَاء فِي التصغي لم يكن على تأنيثها دلَالَة وَإِن أخبرنَا عَن خَلْف وفَوْقَ وَسَائِر مَا ذكرنَا من الْمُذكر وَقد جعلناها كلمة لم نصرفها على قَول سِيبَوَيْهٍ وعَلى قَول عِيسَى بن عمر مَا كَانَ أوسطُه سَاكِنا وَهُوَ على ثَلَاثَة أحرف جَازَ فِيهِ الصرفُ وتَرْكُ الصرفِ كهندٍ فعلى مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ نقُول: هَذِه خُلْفُ وفوقُ وثَمُّ وقَطُّ وأَيْنُ وجِئْتُهُ من خَلْفَ وَمن تَحْتَ وَمن فَوْقَ وَذَلِكَ أَنَّهَا معارفُ ومؤنثاتٌ وَإِن جعلنَا هَذِه الْأَشْيَاء حروفاً وَقد سميناها بِهَذِهِ الْأَسْمَاء المذكرة الَّتِي ذَكرنَاهَا فَإِنَّهَا مصروفة لِأَن كل وَاحِد مِنْهَا مُذَكّر سمي بمذكر وَأما قُدَّام ووَرَاء فسواءٌ جعلتهما اسْمَيْنِ لكلمتين أَو لحرفين فَإِنَّهُمَا لَا ينصرفان لِأَنَّهُمَا مؤنثان فِي أَنفسهمَا وهما على أَكثر من ثَلَاثَة أحرف فَإِن جعلناهما اسْمَيْنِ لمذكرين أَو لمؤنثين لم ينصرفا وصارا بِمَنْزِلَة عَناق وعَقْرَب إِن سمينا بهما رجلَيْنِ أَو امْرَأتَيْنِ لم ينصرفا هَذَا قَول جَمِيع النَّحْوِيين فِي الظروف فَأَما أَبُو حَاتِم فَقَالَ: الظروف كلهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>