للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّسْمِيَة فَقَالُوا والِدٌ ووالِدُون ووالِدَةٌ ووالِدَاتٌ وَلم يَقُولُوا أَوَالِدٌ فِي الوالدة وَإِن كَانُوا يَقُولُونَ قاتلة وقَوَاتِل وجالسة وَجَوالس لِأَن الأَصْل ووالِدُ قلب إِحْدَى الواوين فاقتصروا فِيهِ على السَّلامَة وَلَو سميتَ رجلا بفَعَالٍ نَحْو جَلَالٍ لَقلت أَجِلَّةٌ على حدِّ قَوْلك أَجْوِبة فَإِذا جاوزتَ قلتَ جِلَاّنٌ كَقَوْلِك غِرْبَانٌ وغِلْمَانٌ وَاعْلَم أَن الْعَرَب تجمع شجاعاً على خَمْسَة أوجه مِنْهَا ثَلَاثَة من جَمِيع الْأَسْمَاء وَهِي شُجْعَانٌ مثل قَوْلنَا زُقاقٌ وزُقَّانٌ وشِجعان مثل غُراب وغِربان وشِجْعَة مثل غُلَام وغِلْمَةفإذا سميت رجلا بشُجَاع جَازَ أَن تجمعه على هَذِه الْوُجُوه الثَّلَاثَة وَقد يجمع شُجَاع على شِجَاع وشُجْعَاء نَحْو كريم وكِرَام وكُرَماء وظَرِيف وظِرَافٍ وظُرَفَاء فَإِذا سميت بِشُجَاع لم يجز جمعه على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَرُبمَا جمعت العربُ الاسمَ الَّذِي أصلُه صفة على لفظ الصِّفَةِ كَأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ بِهِ إِلَى أَنه صفة غَلَبَتْ كَمَا سَمَّوْا بِمَا فِيهِ الألفُ واللامُ وَتركُوا لألفَ وَاللَّام بعد التَّسْمِيَة كالحَسَنِ وَالْعَبَّاس والْحَارث كَأَنَّهُمْ قَدَّرُوا فِيهِ الصِّفَةَ وَقَالُوا فِي بني الأَشْعَرِ الأَشاعِرُ على مَا تَوْجِيه الاسمية وَقَالُوا الشَّقْر والشُّقْران على الوَصْف وَلَو جمع إنسانٌ الحارثَ على مَا تُوجبه الصفةُ فَقَالَ الحُرَّاثُ لجازَ لِأَنَّهُ صفة غلبت وَمن قَالَ الحَوَارِث فعلى مَا ذكرنَا من جَمْع الْأَسْمَاء وَلَو سميتَ رجلا بفَعِيلَةٍ ثمَّ كَسَّرْتَهُ قلتَ فَعَائِل كَرجل سميته بِكَتِيبَةٍ أَو قَبِيحَةٍ أَو ظَرِيفَةٍ لَقلت فَعائِل لَا غير وَقد جمعت الرعبُ فَعِيلَة على فُعُل فِي الْأَسْمَاء وَلَيْسَ بِقِيَاس مُطَّرِد فَقَالُوا سَفِينة وسُفُنٌ وصَحِيفَةٌ وصُحُفٌ وَلَيْسَ بالكثير فَإِن سميتَ رجلا بسفينة أَو صحيفَة جَازَ جمعه على سُفُن وصُحُف وَإِن سميت رجلا بِعَجُوز فَكَسَّرْتَهُ قلتَ فِيهِ العُجُز وَلم تقل العَجَائِز وَكَذَلِكَ لَو سميته بقَلُوص قلت فِيهِ القُلُص وَلم تقل القَلَائِص وَإِنَّمَا جمعت العربُ عَجُزاً وقَلُوصاً على عَجَائِز وَكَذَلِكَ لَو سميته بقَلُوص قلت فِيهِ القُلُص وَلم تقل القَلَائِص لِأَنَّهُمَا مؤنثان فَإِذا سميتَ بهما رجلا زَالَ التأنيثُ وَصَارَ بِمَنْزِلَة عَمُود وعُمُد وجَزُور وجُزُر قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَسَأَلته عَن أَبٍ فَقَالَ إِن أَلْحَقْتَ فِيهِ النُّونَ والزيادةَ الَّتِي قبلهَا قلتَ أَبُونَ وَكَذَلِكَ أَخٌ تَقول أَخُونَ وَلَا تُغَيِّر البناءَ إِلأَّ أَن تُحْدِثَ العربُ شَيْئا كَمَا تَقول بَنُونَ وَلَا تُغَيِّر بناءَ الْأَب على حَال الحرفين إِلَّا أَن تُحَدِثَ شَيْئا كَمَا بَنَوْهُ على بناءِ الحرفين قَالَ الشَّاعِر:

(فَلَمَّا تَبَيَّنَ أَصْوَاتَنَا ... بَكَيْنَ وَفَدَّيْنَنَا بِالأَبِينَا)

أنشدناه مَنْ نَثِقُ بِهِ وَزعم أَنه جاهليّ وَإِن شئتَ كَسَّرْتَ فقلتَ آبَاء وآخاء فَأَما عُثْمَانُ ونحوُه فَإنَّك تعتبره بِالتَّصْغِيرِ فَمَا كَانَ فِي آخِره ألفٌ وَنون زائدتان وَكَانَت الْعَرَب تصغره بقلب الْألف يَاء كَسَّرْتَهُ وقلبتَ الألفَ يَاء وَإِن شئتَ جمعتَ جمع السَّلَامَةِ وَمَا كَانَ من ذَلِك تُصَغِّرُ العربُ الصَّدْرَ مِنْهُ وتُبْقِي الألفَ والنونَ لم يَجُزْ فِي جمعه التكسيرُ وجمعتَه جمعَ السَّلامَة بِالْوَاو وَالنُّون فَأَما مَا صَغَّرَتْهُ العربُ وقلبت الْألف فِيهِ يَاء نَحْو سِرْحَانٍ وضِبْعانٍ وسُلْطانٍ إِذا سميتَ بِشَيْء من ذَلِك رجلا جَازَ أَن تجمعه جمع السَّلامَة فَتَقول سُلْطانُون وسِرْحَانُونَ وضِبْعَانُون وَجَاز أَن تكسر فَتَقول: ضَبَاعِينَ وسَلَاطِينَ وسَرَاحِينَ وَإِن سميته بعُثْمَانَ أَو غَضْبَانَ أَو نَحوه قلت فِي جمعه عُثْمَانُونَ وغَضْبَانُونَ لِأَنَّهُ يُقَال فِي صغيره عُثَيْمَانُ وغُضَيْبَان وَكَذَلِكَ تَقول فِي جمع عُرْيَان وسَعْدَان ومَرْوَانَ عُرْبَانُونَ وسَعْدَانُونَ ومَرْوَانُون وَإِذا ورد شيءٌ من ذَلِك وَلَا يُعْرَف هَل تقلب العربُ الألفَ يَاء فِي التصغير أم لَا حَمَلْتَه على بَاب عُثْمَان وغضبان لِأَنَّهُ الْأَكْثَر فَإِن كَانَ فُعْلَان جمعا لم يكن سبيلُه سبيلَ الْوَاحِد لِأَن فُعْلاناً فِي الْجمع رُبمَا كُسِّرَ فَقيل فَعَالِينُ كَقَوْلِهِم مُصْرَانٌ ومَصَارين وَيُقَال فِي التصغير مُصَيْران لِأَن الْألف للْجمع وَإِذا كانتْ ألفا حَادِثَة للْجمع لم تغير فِي التصغير كَقَوْلِهِم أَجْمَالٌ وأُجِيمال وعَلى هَذَا لَو سيمت رجلا بمُصْران أَو بأنعام أَو بأقوال ثمَّ صغرته لقلتَ مُصَيْران لقلتَ مُصَيْران وأُنَيْعَام وأُقَيَّال وَلم تلْتَفت إِلَى قَوْلهم فِي الْجمع مَصَارين

<<  <  ج: ص:  >  >>