للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وألفُ التَّأْنِيث المقصورةُ كحرف من حُرُوف الِاسْم أَلا ترى أَنَّهَا قد تعود فِي الْجمع المُكَسَّر كَقَوْلِك حُبْلَى وحَبَالى وسَكْرَى وسَكَارَى فَمن أجل ذَلِك لم نقل حُبَيِّرَى وكادوا لَا يصغرون مَا كَانَ على خَمْسَة أحرف من هَذَا الْبناء إِلَّا بِحَذْف وَمن قَالَ حُبَارَى حُبَيِّرَة فعَوَّضَ هَاء من الْألف قل فِي لُغَّيْزَى لُغَيْغيزةٌ لِأَن الْهَاء قد تلْحق مثلَ هَذَا الْبناء فِي التصغير أَلا ترى أَنا لَو صغرنا كِرْبَاسَةٌ وهِلْبَاجَةً لَقُلْنَا كُرَيبْبِيسَةٌ وهُلَيْبِيجِية وَاعْلَم أَن الْمُؤَنَّث قد يُوصف بِصفة الْمُذكر فَإِذا صغرت الصّفة جرت مجْرى الْمُذكر فِي التصغير وَإِن كَانَت صفة للمؤنث كَقَوْلِك هَذِه امْرَأَة رِضاً عَدْلٌ وناقة ضامِرٌ فَتَقول فِي تَصْغِير رضَا هَذِه امْرَأَة رَضِيٌ وعُدَيْلٌ وَهَذِه نَاقَة ضُوَيْمِرٌ وَإِن صغرتها تَصْغِير التَّرْخِيم فَقلت هَذِه نَاقَة ضُمَيْرٌ وَلم تقل ضُمَيْرَة وَقد حكى الْخَلِيل مَا يُصَدِّق ذَلِك من قَول الْعَرَب قَالُوا فِي الخَلَقِ خُلَيْقٌ وَإِن عَنَوا المؤنثَ يَقُولُونَ مِلْحَقةٌ خَلَقٌ كَمَا يَقُولُونَ رِدَاءٌ خَلَق فخَلق مُذَكّر يُوصف بِهِ الْمُذكر والمؤنث وَقد شذت أسماءٌ ثلاثيةٌ فصغروها بغر هَاء مِنْهَا ثلاثةُ أسماءٍ ذكرهَا سبيويه وَهِي: النَّابُ المُسِنَّةُ من الْإِبِل يُقَال فِي تصغيرها نُيَيْبٌ وَحكى أَبُو حَاتِم نُوَيْبٌ، وَفِي الحَرْبِ حُرَيْبٌ، وَفِي فَرَسٍ وَهُوَ يَقع على الْمُذكر والمؤنث فُرَيْسٌ فَأَما النابُ من الْإِبِل فَإِنَّمَا قَالُوا نُيَيْبٌ لِأَن النابَ من الْإِنْسَان مُذَكّر والمُسِنَّةٌ من الْإِبِل إِنَّمَا يُقَال لَهَا نابٌ لطول نابها فكأنهم جعلوها النابَ من الْإِنْسَان أَي هُوَ أَعْظَمُ مَا فِيهَا كَمَا يُقَال للْمَرْأَة إِنَّمَا أنتِ بَطِينٌ إِذا كَبِرَ بَطْنُهَا وَتقول أَنْتَ عَنْزُ القَوْمِ والعَنْزُ مؤنثٌ فقد يُخْبَر عَن الْمُؤَنَّث بالمذكر وَعَن الْمُذكر بالمؤنث وَأما الحَرْبُ فَهُوَ مصدر جعل نعتاً مثل العَدْلِ والرِّضا وكأَنَّ الأَصْل هَذِه مقاتلةُ حَرْبٍ أَي حاربةٌ تَحْرُبُ المالَ والنَّفْسَ كَمَا تَقول عَدْلٌ على معنى عادلة ثمَّ أُجْرِيَتْ مُجْرَى الِاسْم وأسقطوا المنعوتَ كَمَا قَالُوا الأَبْطَحُ والأَبْرَقُ والأَجْدَلُ وَأما الفَرَسُ فَهُوَ فِي الأَصْل اسْم مُذَكّر يَقع للمذكر فِي الْخَيل كَمَا وَقع إِنْسَان وبَشَرٌ للرجل وَالْمَرْأَة فصغر على التَّذْكِير الَّذِي هُوَ لَهُ فِي الأَصْل وَأما قَوْلهم امْرَأَة فُوَيْتٌ للمنفردة برأيها فعلى الْمصدر كعُدَيلٍ ورُضَيٍّ وَقد قَالُوا فِي الْمُذكر فَأَما خَمْسٌ وسِتٌ وسَبْعٌ وتِسْعٌ وعَشْرٌ فِي عدد الْمُؤَنَّث فتصغيره بِغَيْر هَاء لِئَلَّا يلتبس بِعَدَد الْمُذكر إِذا صغرته وَمَا كَانَ من صِفَات الْمُؤَنَّث بِغَيْر هَاء فَهُوَ يجْرِي هَذَا المجرى كَقَوْلِنَا امْرَأَة حَائِض وطامِثٌ وعازِبٌ وحَرَضٌ ووَجِلٌ لَو صغرت شَيْئا من ذَلِك تَصْغِير التَّرْخِيم لَقلت حُرَيْضٌ وطُمَيْثٌ وَنَحْو ذَلِك وَقد ذكر أَبُو عمر الجَرْمِيُّ من الْأَسْمَاء الثلاثية دِرْعُ الحديدِ والعُرْس والقَوْسِ أَنَّهَا تصغر بِغَيْر هَاء وَهِي أَسمَاء مؤنثات قَالَ الشَّاعِر:

(إِنَّا وَجَدْنَا عُرُسَ الحَنَّاطِ ... لَئِيمَةً مَذْمُومَةَ الحُوَّاطِ)

والمذهبُ فِيهِنَّ كمذهب مَا ذَكرْنَاهُ من المصادر وَذكر غَيره الذَّوْدَ والعَرَبَ وهما مِمَّا يصغر بِغَيْر الْهَاء وَكَذَلِكَ الضُّحَى لِئَلَّا يُشْبِهَ ضَحْوَةً فَإِن قَالَ قَائِل: إِذا سميت امْرَأَة بحَجَر أَو جَبَل أَو جَمَل أَو مَا أشبه ذَلِك من الْمُذكر ثمَّ صغرته أدخلتَ الْهَاء فقلتَ حُجَيْرَة وجُبَيْلَة فَهَلَاّ فعلتَ ذَلِك بالنُّعُوتِ قيل لَهُ: الأسماءُ لَا يُرَاد بهَا حقائقُ الْأَشْيَاء أَو التشبيهُ بحقائق الْأَشْيَاء أَلا تَرى أَنا إِذا سمينا شَيْئا بحَجَر أَو رجلا سميناه بحَجَرَ فَلَيْسَ الْغَرَض أَن نجعله حجرا وَإِنَّمَا أردنَا إبانته كَمَا سمينا بإبراهيم وَإِسْمَاعِيل ونوح وَمَا أشبه ذَلِك وَإِذا وَصفنَا بِهِ وأخْبَرْنَا بِهِ غيرَه فَإِنَّمَا نُرِيد الشيءَ بِعَيْنِه والتشبيهَ فَصَارَ كأنَّهُ المذكرَ لم يَزُلْ أَلا ترى أَنا إِذا قُلْنَا امرأةٌ عَدْلٌ فَفِيهَا عدالةٌ وَإِذا قُلْنَا للْمَرْأَة مَا أَنْت إِلَّا رجل فَإِنَّمَا نُرِيد مثل رجل وَكَذَلِكَ تَقول أنتِ حَجر إِذا لم يكن اسْما لَهَا تريدُ مثلَ حَجَر فِي الصلابة والشدة فَإِن سميت رجلا باسم مؤنث على ثَلَاثَة أحرف وَلَيْسَ فِي آخِره هَا التَّأْنِيث ثمَّ صغرته لم تُلْحِق الهاءَ كَرجل سميته باُذُنٍ أَو عَيْنٍ أَو رِجْلٍ ثمَّ صغرته تَقول أُذَيْنٌ وعُيَيْن ورُجَيْل هَذَا قَول سِيبَوَيْهٍ وَعَامة الْبَصرِيين، وَيُونُس يُدْخِلُ الهاءَ ويحتج بأُذَيْنَة اسْم رجل وَهَذَا عِنْد النَّحْوِيين إِنَّمَا سمي بالصمغر وَكَذَلِكَ عُيَيْنَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>