للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِك جرى فِي شَرِيعَة الْمُسلمين يُقَال عِنْد المأكل والمَذْبَحِ وَابْتِدَاء كُلِّ فعل خلافًا لمن كَانَ يذكر اسْم اللاتِ والعُزَّى من الْمُشْركين (الله) الأَصْل فِي قَوْلك الله الاْلَهُ حذفت الْهمزَة وَجعلت الْألف وَاللَّام عوضا لَازِما وَصَارَ الِاسْم بذلك كالعَلَم هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وحُذَّاقُ النَّحْوِيين وَقيل الاله هُوَ الْمُسْتَحق لِلْعِبَادَةِ وَقيل هُوَ الْقَادِر على مَا تَحِقُّ بِهِ العيادةُ وَمن زعم أَن معنى إِلَه معنى معبود فقد أَخطَأ وَشهد بخطئه الْقُرْآن وشريعةُ الْإِسْلَام لِأَن جَمِيع ذَلِك مُقِرٌ بِأَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَلَا شكّ أَن الْأَصْنَام كَانَت معبودةً فِي الْجَاهِلِيَّة على الْحَقِيقَة إِذا عبدوه وَلَيْسَ بإلهٍ لَهُم فقد تبين أَن الاِلَهَ هُوَ الَّذِي تِحِقُّ لَهُ العبادةُ وَتجب وَقيل فِي اسْم الله أَنه علم لَيْسَ أصلُه الاله على مَا بَينا أوّلاً وَهُوَ خطأ من وَجْهَيْن أَحدهمَا: أَن كُلَّ اسمٍ عَلَمٍ فَلَا بُدَّ من أَن يكون لَهُ أَصلٌ نُقِلَ مِنْهُ أَو غُيِّرَ عَنهُ والآخَرُ أَن أسماءَ اللهِ كُلَّها صِفَاتٌ إِلَّا شيءٌ فَإِنَّهُ صَحَّ لَهُ عز وَجل من حيثُ كَانَ أعَمَّ العمومِ لَا يجوز أَن يكون لَهُ اسْم على جِهَة التلقيب والأسماءُ الأعلامُ إِنَّمَا أجراها أهلُ اللُّغَة على ذَلِك فَسَمُّوا بكَلْبٍ وقِردٍ ومازِنٍ وظالِم لأَنهم ذَهَبُوا بِهِ مذهبَ التلقيب لَا مذهبَ الوصفِ قَالَ أَبُو أسْحَاق إِبْرَاهِيم ابْن السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ: وَإِذا ذكرنَا أَبَا إِسْحَاق فِي هَذَا الْكتاب فإياه نُرِيد أكره أَن أذكر مَا قَالَ النحويون فِي هَذَا الِاسْم تَنْزِيها الِاسْم الله هَذَا قَوْله فِي أول كِتَابه فِي مَعَاني الْقُرْآن وَإِعْرَابه ثمَّ قَالَ فِي سُورَة الْحَشْر فِي قَوْله تَعَالَى: {هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى} [الْحَشْر: ٢٤] جَاءَ فِي التَّنْزِيل أَنَّهَا تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما وَنحن نبين هَذِه الْأَسْمَاء واشتقاقَ مَا يَنْبَغِي أَن يُبَيِّن بهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَبَدَأَ بتفسير هَذَا الاسمِ فَقَالَ قَالَ سِيبَوَيْهٍ سألتُ الْخَلِيل عَن هَذَا الِاسْم فَقَالَ إلَهٌ فأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ الألفُ وَاللَّام [ ... .] فَهَذَا مُنْتَهى نَقله وحكايته عَن سِيبَوَيْهٍ قَالَ أَبُو عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن عبد الْغفار الْفَارِسِي النَّحْوِيّ: رادًّا على الزّجاج فِي سَهْوه مَا حَكَاهُ أَبُو إِسْحَاق عَن الْخَلِيل سَهْو وَلم يحك سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل فِي هَذَا الِاسْم إِن إلهٌ وَلَا قَالَ إِنَّه سَأَلَهُ عَنهُ لَكِن قَالَ إِن الْألف وَاللَّام بدل من الْهمزَة فِي حد النداء فِي الْبَاب المترجم هَذَا بابُ مَا ينْتَصب على الْمَدْح والتعظيم أَو الذَّم والشتم لِأَنَّهُ لَا يكون وَصفا للأوَّل وَلَا عطفا عَلَيْهِ قَالَ وأوَّلُ الْفَصْل اعْلَم أَنه لَا يجوز لَك أَن تُنَادِي اسْما فِيهِ الْألف وَاللَّام ألبتةَ إِلَّا أَنهم قَالُوا يَا اللهُ اغْفِر لي وَهُوَ فصل طَوِيل فِي هَذَا الْبَاب إِذا قرأتَه وقفتَ عَلَيْهِ مِنْهُ على مَا قُلْنَا قَالَ: والقولُ الآخر الَّذِي حَكَاهُ أَبُو إِسْحَاق فَقَالَ وَقَالَ مرّة أُخْرَى وَلم ينْسبهُ سِيبَوَيْهٍ أَيْضا إِلَى الْخَلِيل وَلَكِن ذكره فِي حد الْقسم فِي أوَّل بَاب مِنْهُ قَالَ وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله جلّ وَعز: {وَيَذَرَكُ وألِهَتَكَ} [الْأَعْرَاف: ١٢٧] قَالَ عِبَادَتَك فقلونا إلَهٌ من هَذَا كَأَنَّهُ ذُو الْعِبَادَة أَي إِلَيْهِ يُتَوَجَّهُ بهَا ويُقْصَدُ قَالَ أَبُو زيد تأَلَّهَ الرجلُ إِذا تَنَسَّكَ وَأنْشد:

(سَبَّحْنَ وَاسْتَرْجَعْنَ مِنْ تَأَلُّهِي ... )

ونظيرُ هَذَا فِي أَنه اسْم حَدَثٍ ثمَّ جرى صفة للقديم سُبْحَانَهُ قولُنا السَّلَامُ وَفِي التَّنْزِيل: {السَّلَامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ} [الْحَشْر: ٢٤] والسَّلَامُ من سَلَّمَ كَالْكَلَامِ من كَلَّمَ وَالْمعْنَى ذُو السَّلَامِ أَي يُسَلِّمُ من عَذَابه من لم يَسْتَحِقَّه كَمَا أَن الْمَعْنى فِي الأول أَن الْعِبَادَة تَجِبُ لَهُ فَإِن قلتَ فأَجِزِ الحالَ عَنهُ وتَعَلُّقَ الظرفِ بِهِ كَمَا يجوز ذَلِك فِي المصادر فَإِن ذَلِك لَا يلْزم أَلا ترى أَنهم قد أَجْرَوْا شَيْئا من الْمصدر واسمِ الْفَاعِل مُجْرَى الْأَسْمَاء الَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>