للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَخَذته من رَبَا يَرْبُو إِذا ارْتَفع لِأَنَّهُ عُضْو مُرْتَفع فِي النِّصْبَةِ والخِلْقةِ فاللفظانِ متفقانِ والمعنيانِ مختلفانِ وَهَذَا كثير جدا تتفق الألفاظُ فِيهِ وَيخْتَلف الْمَعْنى وَالتَّقْدِير فَكَذَلِك هَذَا الِاسْم الَّذِي تَقول لَهْيَ عِنْد سيبوه تَقْدِيره مقلوباً من لَاهِ ولَاهِ على هَذَا الألفُ فِيهِ عينُ الْفِعْل وَهِي غير الَّتِي فِي الله إِذا قَدَّرْتَهُ محذوفاً مِنْهُ الْهمزَة الَّتِي هِيَ فاءُ الْفِعْل فَحكم بِزِيَادَة الْألف من غير الْموضع الَّذِي حكم فِيهِ بِأَنَّهَا أصل فَإِذا كَانَ كَذَلِك سَلِمَ قولُه من النَّقْضِ وَلم يجز فِيهِ دَخَلٌ فَإِن قَالَ قَائِل: مَا تُنْكِرُ أَن يكون لَاهِ فِي قَول من قَالَ لَهْيَ أَبوك هُوَ أَيْضا من قَوْلك إِلَه وَلَا يكون كَمَا قدّره سيبوه من أَن الْعين يَاء لكَي تكون الْألف فِي لهي منقلبة عَن الْألف الزَّائِدَة فِي إِلَه قيل الَّذِي يمْتَنع لَهُ ذَلِك ويَبْعُدُ أَن الْيَاء لَا تنْقَلب عَن الْألف الزَّائِدَة على هَذَا الْحَد إِنَّمَا تنْقَلب واواً فِي ضَوَاربَ وهمزة فِي كنائن وياء فِي دَنَانِير فَأَما أَن تنْقَلب ياءٌ على هَذَا الحدّ فبعيد لم يَجِيء فِي شَيْء علماه فَإِن قَالَ قَائِل: فقد قَالُوا زَبَانِيّ وطائي فأبدلوا الْألف من ياءين زائدتين فَكَذَلِك تبدل الْيَاء من الْألف الزَّائِدَة فِي لَهْيَ فَالْجَوَاب أَن إبدالهم الْألف من الْيَاء فِي زَبَانِي لَيْسَ بإبدال يَاء من الْألف فِي نَحْو قَوْله:

(لَنَضْرِباً بِسَيْفِنَا قَفِيْكا ... )

لم يَنْبع لَك أَن تجيز هَذَا قِيَاسا عَلَيْهِ لِأَن ذَلِك لُغَة لَيست بالكثيرة وَلِأَن مَا قبل الْمُبدل قد اخْتلف أَلا ترى أَن الْعين فِي قفيكا متحركة وَمَا قبل الْيَاء فِي لهي سَاكن وَمِمَّا يبعد ذَلِك أَن القَلْبَ ضَرْبٌ من التصريف تُرَدُّ فِيهِ الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا أَلا ترى أَنَّك لَا تكَاد تَجِد مقلوباً محذوفاً مِنْهُ بل قد يُرَدُّ فِي بعض المقلوب مَا كَانَ محذوفاً قبل الْقلب كَقَوْلِهِم هارٍ وَذَلِكَ أَنه لما أزيلت حُرُوف الْكَلِمَة فِيهِ عَن نظمها وقصدها كَمَا فعل ذَلِك بالتكسير والتصغير أشبههما فَإِذا أشبههما فِيمَا ذكرنَا وَجب من أجل هَذَا الشّبَه ردّ الْمَحْذُوف إِلَيْهِ كَمَا ردّ إِلَيْهِمَا فلهذه المضارعة الَّتِي فِي الْقلب بالتحقير والتكسير يرجح عندنَا قولُ من قَالَ فِي أَيْنُق إِنَّهَا أَعْفُل قلبت الْعين فِيهَا يَاء على غير قِيَاس على قَول من قَالَ إِنَّهَا أيفل فَذهب إِلَى الْحَذف وتعويض الْيَاء مِنْهَا ويُقَوَّي الوجهَ الأول ثباته فِي التكسير فِي قَوْلهم أيانق أنْشد أَبُو زيد:

(لَقَدْ تَعَلَّلْتُ عَلَى أَيَانِقِ ... صُهْبٍ قَلِيلَاتِ القُرَادِ اللازِقِ)

فَإِن قلت فَإِذا كَانَ الِاسْم على هَذَا التَّفْسِير فَعَلاً بِدلَالَة انقلاب الْعين ألفا فَهَلا كَانَ فِي الْقلب أَيْضا على زنته قبل الْقلب قيل: إِن المقلوب قد جَاءَ فِي غير هَذَا الْموضع غير زنة المقلوب عَنهُ أَلا ترى أَنهم قَالُوا لَهُ جاهٌ عِنْد السُّلْطَان فجاءَ على فَعَلٍ وَهُوَ مقلوب من الوَجْهِ فَهَذَا وَإِن كَانَ عكسَ مَا ذَكرْنَاهُ من الْقلب الَّذِي ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فِي الِاسْم والزنة فَإِنَّهُ مثله فِي اخْتِصَاص المقلوب ببناءٍ غير بناءِ المقلوب عَنهُ وَهَذَا يُؤَكد مَا ذَكرْنَاهُ من مشابهةِ الْقلب والتحقير والتكسير أَلا ترى أَن البناءين اخْتلفَا كَمَا اخْتلف التكسير والتصغير فَأَما بناءُ الِاسْم فَإِنَّهُ تَضَمَّنَ معنَى لامِ المعرفةِ كَمَا تضمنها أَمْسِ فَبُنِيَ كَمَا بُنِيَ وَلم يَجْعَل فِي الْقلب على حدّ مَا كَانَ قبل الْقلب فَكَمَا اخْتلف البنااآن كَذَلِك اخْتلف الحذفان فَكَانَ فِي الْقلب على حَده فِي أَمْسِ دون سَحَرَ وقبْلَ الْقلب على حد الْحَذف من اللَّفْظ للتَّخْفِيف لِاجْتِمَاع الْأَمْثَال وَتَقْدِير الثَّبَات فِي اللَّفْظ نَحْو تذكرُونَ فِيمَن خفف ويَسْطِيعَ وَمَا أشبهه وَحكى أَبُو بكر أَن أَبَا الْعَبَّاس اخْتَار فِي هَذَا الِاسْم أَن يكون أصلُه لَاهاً وَأَن يكون لَهْيَ مقلوباً وَأَن القَوْل الآخر الَّذِي لسيبويه فِيهِ من أَنه من قَوْلهم إِلَهٌ وتشبيه سِيبَوَيْهٍ إِيَّاه بأناس لَيْسَ كَذَلِك وَذَلِكَ أَنه يُقَال أنَاس فَإِذا دخل الْألف وَاللَّام بقيت الْهمزَة أَيْضا قَالَ وَأنْشد أَبُو عُثْمَان:

(إِنَّ المَنَايَا يَطَّلِعْنَ ... على الأُنَاسِ الآمِنِينَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>