للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَكَذَلِك تثبت الْهمزَة فِي الإلِهِ وَقد قدَّمْتُ فِي هَذَا الْفَصْل مَا يُسْتَغْنَى بِهِ عَن الْإِعَادَة فِي هَذَا الْموضع وصحةَ مَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ من حذف الْهمزَة الَّتِي هِيَ فاءٌ وكونِ الْألف وَاللَّام عِوَضاً مِنْهَا أَلا ترى أَنَّك إِذا أثبت الْهمزَة فِي الْإِلَه وَلم تحذف لم تكن الألفُ واللامُ فِيهِ على حَدِّها فِي قَوْلنَا الله لِأَن قطع همزَة الْوَصْل لَا يجوز فِي الْإِلَه كَمَا جَازَ فِي قَوْلنَا ألله لِأَنَّهُمَا ليسَا بعوض من شَيْء كَمَا أَنَّهُمَا فِي اسْم الله عِوَضٌ بِالدّلَالَةِ الَّتِي أَرَيْنَا فَأَما قولُهم لَاهِ أبُوك فحذفوا لامَ الْإِضَافَة واللامَ الْأُخْرَى وَذكر أَبُو بكر عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ إِن بَعضهم قَالَ: الْمَحْذُوف من اللامين الزَّائِدَة، وَقَالَ آخَرُونَ: الْمَحْذُوف الأَصْل والمبقى الزَّائِدَة خلافَ سِيبَوَيْهٍ قَالَ: فَمن حجتهم أَن يَقُولُوا إِن الزَّائِد جَاءَ لِمَعْنى فَهُوَ أولى بِأَن يتْرك فَلَا يحذف إِذا الزَّائِد لِمَعْنى إِذا حذف زَالَت بحذفه دلَالَته الَّتِي لَهَا جَاءَ وَقد رَأَيْتهمْ يحذفون من نفس الْكَلِمَة فِي تحو لَمْ يَكُ وَلَا أَدْرِ وَلم أُبَلْ إِذا كَانَ مَا أُبْقِيَ يدل على مَا أُلْقِيَ فَكَذَلِك يكون المحذوفُ من هَذَا الِاسْم مَا هُوَ من نفس الحرفِ وَيكون المُبْقَى الزَّائِد وَأَيْضًا فَمَا يحذف من هَذِه المكررات إِنَّمَا يحذف للاستثقال فِيمَا يتَكَرَّر لَا فِي المبدوء بِهِ الأوّل فَالْأولى أَن يحذف الَّذِي بِهِ وَقَعَ الاستثقالُ وَهُوَ الْفَاء وَيبقى حرفُ الْجَرّ أَلا ترى أَنهم يُبْدِلون الثَّانِي من تَقَضَّيْتُ ونحوِه وآدَمَ وشِبْهِهِ وَكَذَلِكَ حذفُ النونِ الَّتِي تكون عَلامَة للمنصوب فِي كأَنِّي لما وَقعت بعد النُّون الثقلية، وَأَيْضًا فَإِن الحرفين إِذا تكررا فَكَانَ أحدُهما لِمَعْنى وَذَلِكَ نَحْو تُكَلَّمُ فالمحذوف تَاء تَفَعَّلُ لَا التَّاء الَّتِي فِيهَا دليلُ المضارعة فَكَذَلِك يكون قولُهم لاهِ أَبوك انْتَهَت الْحِكَايَة عَن أبي الْعَبَّاس الْجَواب عَن الْفَصْل الأول أَن حرف الْمَعْنى قد حذف حذفا مطرداً فِي نَحْو قَوْلهم واللهِ أَفْعَلُ إِذا أردتَ وَالله لَا أَفْعَلُ وَحذف أَيْضا فِي قَوْلهم لأَضْرِبَنَّهُ ذهَبَ ومَكَثَ وَحذف أَيْضا فِي قَول كثير من النَّحْوِيين فِي نَحْو هَذَا زيد قَامَ تُرِيدُ قد قَامَ و (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ) وَلَيْسَ فِي هَذِه الضروب المُطَّرِدةِ الْحَذف دلالةٌ تدل عَلَيْهَا من اللَّفْظ فَإِذا ساغَ هَذَا فحذفُ الَّذِي يَبْقَى فِي اللَّفْظ دلالةٌ عَلَيْهِ مِنْهُ أَسْوَغُ وَقد حذفتْ همزةُ الاستفهامِ فِي نَحْو قولِ عِمْرَانِ بْنِ حِطَّانَ:

(فَأَصْبَحْتُ فيهِمْ آمِناً لَا كَمَعْشَرٍ ... أَتْونِي فَقَالُوا من رَبِيعَةَ أَو مُضَرْ)

وحذفت اللامُ الجازمة فِي نَحْو قَول الشَّاعِر:

(مُحَمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ ... إِذا مَا خِفْتَ مِنْ شَيْءٍ تَبَالَا)

وَأنْشد أَبُو زيد:

(فَتُضْحِي صَرِيعاً مَا تَقُومُ لِحَاجَةٍ ... وَلَا تُسْمِعُ الدَّاعِي ويُسْمِعْكَ مَنْ دعَا)

وَأنْشد البغداديون:

(وَلَا تَسْتَطِلْ مِنِّي بَقَائِي وَمُدَّتِي ... وَلَكِن يَكُنْ للخَيْرِ مِنْكَ نَصِيبُ)

وأنشدوا أَيْضا:

(فقلتُ ادَّعِي وأَدْعُ فَإِنَّ أَنْدَى ... لِصَوْتٍ أَن يُنَادِي داعِيَانِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>