للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمنهن المسَرْوَلَاتِ الضِّخَام يَتَّخِذهُنَّ النساءُ أكثرَ ذَلِك وَلَا يُطَيِّرْنها ولِكِنَّهُنَّ مَقَاصِيصُ ومنهن الراعِبيِيَّاتِ وهنَّ أَلْوانٌ نَقْنَقَةً وبعضُهن أطولُ نَفَساً وأكثَرُ نَقْنَقَةً تَنُقُّ ثَلثَمِائة وأَرْبَعَمِائة وأَكْثَرَ وأَقَلَّ حَتَّى تَسْقُطُ ويُغْشَى عَلَيْهَا قَالَ غَيره سُمِّيَ بذلك لِأَنَّهُ يُرَعِّب فِي هَدِيلِهِ أَي يَرْفَعُه وَقيل هِيَ منسوبةٌ إِلَى موضِع صَاحب الْعين زَجَل الحَمَامُ يَزْجُلهَا زَجْلاً أرسلها على بُعْد وَهِي حَمامُ الزَّاجِل الْفَارِسِي والزَّجَّال أَبُو حَاتِم ومنهن النَّقَّازات وهنَّ السَّماوِيَّات يَذْهِبْنَ فِي الْهَوَاء صُعُداً كأنهن يُرِدْن السَّمَاء من المواضِع الَّتِي يَرْتَفِعْنَ مِنْهَا فيرتَفِعْن فِي الحَوِّ نَهَارا طَويلا حَتَّى يَغِبْنَ عَن العُيُون ورُبَّما حَال السَّحاب دُنَهُنَّ وأَمْرَهُنَّ عَجِيب ومنهُنَّ الجَرَادِيَّات الحِسَانُ الغُرَّ يَخْرُجْنَ من بَين فَقِيع وفَقِيعة وسَوْدَاء وأَسْوَدَ فربَّما خَرَجْنَ كالآباءِ والأُمَّهَاتِ ورُبَّما خَرَجْنَ مُصَوَّرات حُسْناً لَهُنَّ غُرَر وحَبَائِكُ حُمْر وَكَمَال ومنهن المُطَوَّقات والقُنْبَرِيَّاتُ والنَّبِيذِيَّاتِ والخُلْس المُثَمَّرات والفَهْدِيَّات القِصَارُ المَنَاقِير حَتَّى رُبَّما عَجِزْنَ عَن فِرَاخِهِنَّ وَمِنْه المَرَاعِيش ومنهن الهُدَّاة الْوَاحِد الهادِي وهنَّ اللَاّتِي يُدَرَّبْنَ ويُرْفَعْنَ من مَرْحَل إِلَى مَرْحَل حَتَّى يَجِئْنَ من البُعْج من بِلاد الرّوم وعَرِيش مِصْرَ ودُون ذَلِك من مواضِع كَثِيرَة مسمَّاة وَهِي محفوظةٌ أنسابُهُنَّ وربَّما كَانَ مَا لم يعرفوها لَهُ نَسَباً يُسَاوِيهُنَّ فِي الرُّجوع من البُعْد وَلَا يكونُ ذَلِك إِلَّا بالتَّدْرِيج والتَّوْطِئَة من موضِع إِلَى موضِع وَلَيْسَ كل هادٍ يَقْوَى على الرُّجُوع من حيثُ أُرْسِل وَلَكِن على قدر احْتِمَاله للمراحل الَّتِي يُرْفَع إِلَيْهَا فَإِن مِنْهَا القَوِيَّ والضعيفَ والسريعَ والخفيفَ والبطيءَ والثقيلَ وَكلهَا لَا تَعْدَمَها الصَّرَامَةُ وذَكَاءُ الفُؤَاد والشُّهُومة وَلَا بدَّ لِكُلِّها من التوطئة والتعليم وَرُبمَا أُرْسِلَ بعضُها من البُعْد فيَحْتَبِس الأَشْهُرَ ثمَّ يَجِيء وَذَلِكَ أَنه ذهَب يَلْقُطُ فيتوَحَّش فَيبقى فِي الصحارى ثمَّ يتذكَّر فَيَحِنُّ ويرجِع والعَجَبُ لما يَرْجَع مِنْهَا مَعَ البُزاة والصُّقور والعِقْبان الَّتِي فِي الجبَال وَقد تَفَرَّس فِي الهُدَّاة مِنْهَا العلماءُ والقدَمَاء ذَوُو الفِرَاسَاتِ كَمَا تَفَرَّسُوا فِي الْخَيل وَالنَّاس والجواهِر فأدركوا كلُّهم أَو بعضُهم ذَلِك وَجَمِيع الفِرَاسة الَّتِي لَا تخطِيء فِي حمام الْأَمْصَار أَرْبَعَة أوجه فَالْوَجْه الأول التَّقْطِيعُ وَالثَّانِي المَجَسَّة وَالثَّالِث الشمائِل وَالرَّابِع الْحَرَكَة فالمحمُود من التقطيع عِنْد الْعلمَاء ذَوِي التَّجَارِب انتصابُ الخِلْقة واستِدارة الرَّأْس فِي غير عِظَمٍ وَلَا صِغَر وعظمُ القِرْطِمَتَيْنِ ونَقَاؤُهما واتساعُ المنخرين وانْهِرات الشِّدْقَيْن وسَعَةُ الجَوْفِ وحُسْن خِلْقة العينينِ وقِصَرُ المِنْقَارِ فِي غير دِقَّة واتِّساعُ الصَّدْر وامتلاءُ الجُؤْجُؤ وطُول العُنُق وإشْرَافُ المنكبَيْنِ وانْكِماش الجَنَاحَيْنِ وطُول القَوادم فِي غير إفْرَاط ولَحَاق بعض الخَوَافِي بِبَعْض فِي غير تَفْنِين وصَلَابَةُ العَصَبِ فِي غير انْتِفَاحْ وَلَا يُبْس واجْتِماعُ الخَلْق فِي غير تَكْزِيم وعِظَمُ الفَخِذَيْنِ والساقين واقْتِدَار الْأَصَابِع وقِصَرُ الذنَب وخِفَّتُهُ فِي غير تَفْرِيق من الرِّيش وَلَا تَفْنِين وتوقُّد الحَدَقَتَيْنِ وصَفَاءُ اللَّوْن فَهَذِهِ أَعْلَام الفِرَاسة فِي التقطيع وَأما أعلامُ المَجَسَّة فَوَثَاقَة الخَلْق وشِدَّة اللَّحْمِ ومَتَانِةِ العَصَبِ وصَلَابَةُ القَصَب ولِين الرِّيش فِي غير رِقَّة وصَلَابَةُ المِنْقَار فِي غير دِقَّة وَأما أعلامُ الشمائِل فَصَفَاءُ البَصَر وثَبَات النَّظَرِ وشِدَّة الحَذَر وحُسْن التلفُّت وقِلَّة التخيُّل وذَكَاء الفُؤَاد وظُهُور الشُّهُومَةِ والسكُونُ عَن فعل النازع إِلَى السمو مَدَارُه لموقع الفَزَع وقِلَّةُ الرِّعْدَة عِنْد الذَّعْر وخِفَّة إِذا نَهَضَ والمُبَادَرة إِذا لَقَط وَأما أَعْلَام الحَرَكَةِ فالطيران فِي عُلُو ومَدُّ العُنُق فِي سُمُوّ وقله الِاضْطِرَاب فِي جَوِّ السَّمَاء وَضم الجناحين فِي الهَوَاء وتدافُع الرَّكْض فِي غير اخْتَلَاط وحُسْنُ الأّمِّ فِي غير دَوَرَانِ وشِدَّة المَرِّ فِي الطَّيَرَانِ فَإِذا أصبته جَامعا لهَذِهِ الصِّفَات فَهُوَ الطَّائِر الكامِل وَإِلَّا فَبَقَدْرِ مَا فِيهِ من هَذِه المَحاَسن تكون هِدَايته وفَرَاهتُه صَاحب الْعين حمامةٌ سَفْعَاءُ سوداءُ فوقَ الطَّوْقِ وأصلُ السُّفْعَة السَّواد والعَلَاطَان والعُلْطَتَانِ الرَّقْمتَانِ فِي أعْنَاق الطَّيْرِ من القَمَارِيِّ وَأنْشد

(من الوُرْقِ حَمِّاءُ العَلَاطِيْنِ بَاكَرَتْ ... عِسٍيبَ أَشَاءٍ مَطْلَعَ الشَّمْسِ أَسْحَمَا)

والعَفْد الحمامُ وَقد تقدَّم أَنه ضَرْب من الطير يُشبِه الحمامَ والعِرْنَاس والعُرْنُوس طائِر يُشْبِه الْحمام

<<  <  ج: ص:  >  >>