للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٥ - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بْنُ رَحْمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمِصْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْحَارِثِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ ⦗١١٩⦘ قَالَ: «قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُقَالَ لَهُ زِيَادٌ قَالَ: فَغَزَوْنَا صِقِلِّيَّةَ مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، فَحَاصَرْنَا مَدِينَةً قَالَ: وَكُنَّا ثَلَاثَةً مُتَرَافِقِينَ: أَنَا، وَزِيَادٌ، وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. قَالَ: فَإِنَّا لَمُحَاصِرُونَ يَوْمًا، وَقَدْ وَجَّهْنَا أَحَدَنَا الثَّالِثَ؛ لِيَأْتِيَنَا بِطَعَامٍ، إِذْ أَقْبَلَتْ مَنْجَنِيقَةٌ، فَوَقَعَتْ قَرِيبًا مِنْ زِيَادٍ، فَشَظِيَتْ مِنْهَا شَظِيَّةٌ، فَأَصَابَتْ رُكْبَةَ زِيَادٍ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَاجْتَرَرْتُهُ، وَأَقْبَلَ صَاحِبِي، فَنَادَيْتُهُ، فَجَاءَنِي فَبَرَزْنَا بِهِ حَيْثُ لَا يَنَالُهُ الْقَتْلُ وَالْمَنْجَنِيقُ، فَمَكَثْنَا طَوِيلًا مِنْ صَدْرِ نِهَارِنَا لَا يَتَحَرَّكُ مِنْهُ شَيْءٌ، ثُمَّ أَفْتَرَ ضَاحِكًا حَتَّى تَبَيَّنَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ خَمَدَ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهُ، ثُمَّ خَمَدَ، ثُمَّ ضَحِكَ مَرَّةً أُخْرَى، ثُمَّ مَكَثَ سَاعَةً، فَأَفَاقَ، فَاسْتَوَى جَالِسًا، فَقَالَ: مَا لِي هَاهُنَا؟ فَقُلْنَا: أَمَا عَلِمْتَ مَا أَمْرُكَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَمَا تَذْكُرُ الْمَنْجَنِيقَ حِينَ وَقَعَ إِلَى جَنْبِكَ؟ قَالَ: بَلَى. فَقُلْنَا: فَإِنَّهُ أَصَابَكَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَأُغْمِيَ عَلَيْكَ، وَرَأَيْنَاكَ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: نَعَمْ، أُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ أُفْضِيَ بِي إِلَى غُرْفَةٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ أَوْ زَبَرْجَدَةٍ، وَأُفْضِيَ بِي إِلَى فُرُشٍ مَوْضُونَةٍ ⦗١٢٠⦘ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ، فَبَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ سِمَاطَانِ مِنْ نَمَارِقَ، فَلَمَّا اسْتَوَيْتُ قَاعِدًا عَلَى الْفِرَاشِ، سَمِعْتُ صَلْصَلَةَ حُلِيٍّ عَنْ يَمِينِي، فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ، فَلَا أَدْرِي أَهِيَ أَحْسَنُ، أَوْ ثِيَابُهَا، أَوْ حُلِيُّهَا؟ فَأَخَذَتْ إِلَى طَرَفِ السِّمَاطِ، فَلَمَّا اسْتَقْبَلَتْنِي، رَحَّبَتْ، وَسَهَّلَتْ، وَقَالَتْ: مَرْحَبًا بِالْحَافِي، الَّذِي لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَسْنَا كَفُلَانَةَ امْرَأَتِهِ، فَلَمَّا ذَكَرَتْهَا بِمَا ذَكَرَتْهَا بِهِ ضَحِكْتُ، وَأَقْبَلَتْ حَتَّى جَلَسَتْ عَنْ يَمِينِي، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا خَوْدُ زَوْجَتُكَ. فَلَمَّا مَدَدْتُ يَدَيَّ، قَالَتْ: عَلَى رِسْلِكَ، إِنَّكَ سَتَأْتِينَا عِنْدَ الظُّهْرِ، فَبَكَيْتُ، فَحِينَ فَرَغَتْ مِنْ كَلَامِهَا، سَمِعْتُ صَلْصَلَةً عَنْ يَسَارِي، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ مِثْلِهَا فَوَصَفَ نَحْوَ ذَلِكَ فَصَنَعَتْ كَمَا صَنَعَتْ صَاحِبَتُهَا، فَضَحِكْتُ حِينَ ذَكَرْتُ الْمَرْأَةَ، وَقَعَدَتْ عَنْ يَسَارِي، فَمَدَدْتُ يَدَيَّ، فَقَالَتْ: عَلَى رِسْلِكَ، إِنَّكَ تَأْتِينَا عِنْدَ الظُّهْرِ فَبَكَيْتُ. قَالَ: فَكَانَ قَاعِدًا مَعَنَا يُحَدِّثُنَا، فَلَمَّا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ مَالَ، فَمَاتَ» قَالَ عَبْدُ الْكَرِيمِ: «كَانَ رَجُلٌ يُحَدِّثُنِي عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْمَدَنِيِّ، ثُمَّ قَدِمَ، فَقَالَ لِيَ الرَّجُلُ: هَلْ لَكَ فِي أَبِي إِدْرِيسَ الْمَدَنِيِّ تَسْمَعْهُ مِنْهُ؟ فَأَتَيْتُهُ فَسَمِعْتُهُ»

<<  <   >  >>