للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برسول اللَّه، شيئا، لا أرى أحدا منهم إلا أكرمته.

وَقَال أَبُو كريب (١) ، عَن أبي بكر بْن عياش، عن الأعمش: شكونا الحجاج بْن يوسف، فكتب أَنَس إِلَى عَبد المَلِك: إني خدمت النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تسع سنين، والله لو أن اليهود والنصارى أدركوا رجلا خدم نبيهم لأكرموه.

وَقَال جعفر بْن سُلَيْمان (٢) ، عن علي بْن زيد: كنت بالقصر مع الحجاج وهُوَ يعرض الناس ليالي ابن الأشعث، فجاء أَنَس بْن مالك، فَقَالَ الحجاج: هي يَا خبيث، جوال فِي الفتن، مرة مع علي بْن أَبي طالب، ومرة مع ابْن الزبير، ومرة مع ابْن الأشعث، أما والذي نفس الحجاج بيده، لأستأصلنك كما تستأصل الصمغة (٣) ، ولأجردنك كما يجرد الضب (٤) ، قال: يقول أَنَس: من يعني الأمير؟ قال: إياك أعني، أصم اللَّه سمعك.

قال: فاسترجع أَنَس، وشغل الحجاج، وخرج أَنَس فتبعناه إِلَى الرحبة، فَقَالَ: لولا أني ذكرت ولدي وخشيته عليهم بعدي لكلمة بكلام فِي مقامي، لا يستحييني (٥) بعده أبدا.


(١) رواه ابن عساكر أيضا (٣ / الورقة: ٨٧) .
(٢) أخرجه الطبراني (٧٠٤) ، وابن عساكر في تاريخه (٣ / الورقة: ٨٧) ، وعلي بن زيد هو ابن جدعان، وهو ضعيف، فأعله به الهيثمي في "المجمع: ٧ / ٢٧٤.
(٣) إنما قال ذلك لان الصمغ إذا قلع انقلع كله ولم يبق له أثر، وكذلك يقال: تركتهم على مثل مقلع الصمغة.
(٤) هكذا ورد في الاصل الذي نقل منه المزي، ثم علق عليه في الحاشية - كما يظهر في جميع حواشي النسخ - بقوله: المعروف الضرب وهو العسل الابيض الغليظ". قلت: وقد نص عليه ابن منظور في "ضرب"من اللسان، قال: والضرب بالتحريك: العسل الابيض الغليظ، يذكر يؤنث ... وعسل ضريب: مستضرب. وفي حديث الحجاج: لاجزرنك جزر الضرب". وأما ما أورده هنا من قوله: لاجردنك كما يجرد"، فهو جيد أيضا. وانظر تهذيب ابن عساكر أيضا (٣ / ١٥٢) .
(٥) أي لا يتركني حيا.