للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وحدثني مُحَمَّد بْن سلام - إن شاء اللَّه، عَن مسلمة بْن محارب، قال: تقدم إِلَى إياس رجل من عنزة أعيمش، تخاصمه امرأة كالقلعة، ومعها نفر فيهم فتى شاب لَهُ منظر ورواء، فأقبلت المرأة تكلم بلسان سليط، فَقَالَ لَهَا إياس: أجملي فِي منازعة بعلك. فقالت: لو كَانَ لذلك أهلا فعلت، ولكنه هلباجة (١) نؤوم، لكل معروف عدوم، فَقَالَ بعلها: أما إذ أبت، فوالله لا أكتم خبرها، ثم أنشده:

نبت عينها عني وراق فؤادها • • فتى من بني جلان رجو المكاشر

فتى لو أجاريه إِلَى المجد فته • • وفصر عن إدراك حر المآثر

رأته جميلا ذا رواء فأذعنت • • إليه ورامتني بإحدى القناطر (٢)

ودون الَّذِي رامت من الموت عارض • • على رأسها جم كثير الزماجر فرفع إياس رأسه، فنظر فِي وجوه القوم، فَقَالَ لفتى: ما اسمك؟ قال: روق بْن عَمْرو، فَقَالَ: أجلاني أنت، قال نعم. قال: أدنه، فدنا منه، فأخذ بأذنه وَقَال: والله لئن بلغني أنك دخلت بينهما لأطيلن حبسك. فَقَالَ البعل: أما إذ أظهرت ما كنت أخفي، فهي طالق ثلاثا، فَقَالَ لَهُ إياس: إنك لكريم، ثم قال للمرأة: انهضي فغير فقيدة ولا حميدة، قبحك اللَّه، وما تاقت إليه نفسك.

قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حميد، قال: حَدَّثَنَا جرير، عن صالح ابن مسلم، عن إياس بْن مُعَاوِيَة قال: لو جلست على باب واسط، لم يمر بي أحد إلا أخبرتكم بعمله، وصناعته.

وَقَال أيضا: حَدَّثَنَا موسى بْن إِسْمَاعِيل قال: حَدَّثَنَا القاسم بْن


(١) في الحواشي النسخ تعليق للمؤلف: الهلباجة: الاحمق.
(٢) في حواشي النسخ من قول المؤلف: القنطر: الداهية".