للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفضلها لكم فضل وغيركم • من قومكم لهم في فضلها قسم

إني لأعلم أو ظنا كعالمه • والظن يصدق أحيانا فينتظم

أن سوف يترككم ما تدعون بها • قتلى تهاداكم العقبان والرخم (١)

يا قوما لا تشبوا الحرب إذ سكنت • وأمسكوا بحبال السلم واعتصموا

قد غرت الحرب من قد كَانَ قبلكم • من القرون وقد بادت بها الأمم

فأنصفوا قومكم لا يهلكوا بذخا • فرب ذي بذخ زلت بِهِ القدم (٢)

قال: فكتب إليه عَبد اللَّه بْن عَبَّاس: إني لأرجو أن لا يكون خروج الحسين (٣) لأمر تكرهه، ولست أدع النصيحة له في كل ما يجمع اللَّه بِهِ الألفة ويطفئ بِهِ الثائرة. ودخل عَبد اللَّه بْن عَبَّاس على الحسين فكلمه ليلا طويلا، وَقَال: أنشدك اللَّه أن تهلك غدا بحال مضيعة، لا تأت العراق، وإن كنت لا بد فاعلا فأقم حتى ينقضي الموسم، وتلقى الناس، وتعلم على ما يصدرون، ثم ترى رأيك - وذلك في عشر ذي الحجة سنة ستين فأبى الحسين إلا أن يمضي إلى العراق، فقال له ابْن عَبَّاس: والله إني لأظنك ستقتل غدا بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان بين نسائه وبناته، والله إني لأخاف أن تكون الذي يقاد بِهِ عثمان، فإنا لله وإنا إليه راجعون. فقال: أبا العباس إنك شيخ قد كبرت. فقال ابْن عَبَّاس: لولا أن يزرى ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك، ولو أعلم أنا إذا تناحينا أقمت، لفعلت، ولكن لا أخال ذلك نافعي. فقال له الحسين: لأن أقتل


(١) جمع رخمة، وهو طائر أبقع يشبه النسر.
(٢) جاء في حواشي النسخ من تعليق المؤلف: البذخ: تطاول الرجل في كلامه وافتخاره.
(٣) في م: أن يكون الحسين"، ولا تؤدي المعنى.