للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرج ربحها عشرة آلاف درهم، فأردت حملها إليه، ثم قلت: حَتَّى أذهب إليه فأنظر كيف الأمر عنده، فذهبت إليه، فسلمت عَلَيْهِ، فقلت: فلان، فعرفه، فقلت: إنه أبضع بضاعة، وجعل ربحها لك، وهو عشرة آلاف درهم، فَقَالَ: جزاه الله عَنِ العناية خيرا، نحن فِي غنى وسعة. وأبي أن يأخذها.

وَقَال الْحَافِظ أَبُو نعيم فيما أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن أَبي الخير عَن أَبِي المكارم اللبان إذنا، عَن أَبِي على الحداد عَنْهُ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد الغطريفى، حدثني زكريا الساجي، حدثني مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن صَالِح الأزدي، حدثني إسحاق بْن مُوسَى الأَنْصارِيّ، قال: دفع المأمون مالا، فَقَالَ: اقسمه على أصحاب الحديث، فإن فيهم ضعفا، فما بقي أحد إلا أخذ إلا أَحْمَد بْن حنبل، فإنه أبى.

قال: وحَدَّثَنَا سُلَيْمان هو ابْن أَحْمَد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُوسَى بْن حَمَّاد البربري، قال: حمل إِلَى الْحَسَن بْن عَبْد الْعَزِيزِ الجروي ميراثه من مصر (١) مئة ألف دينار، فحمل إِلَى أَحْمَد بْن حنبل ثلاثة أكياس كل كيس ألف دينار، فَقَالَ: يا أَبَا عَبد اللَّهِ هذه من ميراث حلال، فخذها، فاستعن بِهَا على عيلتك، قال: لا حاجة لي بِهَا، أنا فِي كفاية، فردها، ولم يقبل منها شيئا.

وَقَال الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد الدوري: سمعت أَبَا جَعْفَر الأَنْبارِيّ يَقُول: لما حمل أَحْمَد بْن حنبل يراد به المأمون، أخبرت فعبرت الفرات إليه، فإذا هو فِي الخان، فسلمت عَلَيْهِ، فَقَالَ: يا أَبَا جَعْفَر تعنيت! فقلت: ليس هذا عناء، قال: فقلت لَهُ: يا هذا أنت اليوم رأس والناس يقتدون بك، فوالله إن أجبت إِلَى خلق القرآن ليجيبن بإجابتك


(١) تحول أبو علي الحسن بْن عَبْد العزيز الجروي من مصر إلى بغداد بعد قتل أخيه عَلِيّ بْن عبد العزيز، وبقي بها إلى حين وفاته بها سنة ٢٥٧، وسيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب.