للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا إِن جعفرا قَدِ استشهد وجعل اللَّه لَهُ جناحين يطير بهما فِي الْجَنَّة.

ثُمَّ نزل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسَلَّمَ، فدخل بيته، وأدخلني مَعَهُ، وأمر بطعام، فصنع لأهلي، وأرسل إلى أخي، فتغدينا عنده غداء طيبا مباركا، عمدت سلمى خادمه إِلَى شعير فطحنته، ونسفته، ثُمَّ أنضجته، وأدمته بزيت، وجعلت عَلَيْهِ فلفلا، فتغديت أنا وأَخِي مَعَهُ، فأقمنا ثلاثة أَيَّام فِي بيته ندور مَعَهُ، كلما صار فِي بَيْت إحدى نسائه، ثُمَّ رجعنا إِلَى بيتنا.

قال الزُّبَيْر بْن بكار (١) : وكَانَ عَبد اللَّهِ بْن جَعْفَر جوادا، ممدحا، ولَهُ يَقُول عَبد اللَّهِ بْن قَيْس الرَّقِّيّات (٢) :

تقدت (٢) بي الشهباء نَحْو ابْن جَعْفَر • سواء عَلَيْهَا ليلها ونهارها

تزور امرءاً قَدْ يعلم اللَّه أَنَّهُ • تجود لَهُ كف قليل غرارها

فوالله لولا أَن تزور ابْن جَعْفَر • لكان قليلا فِي دمشق قرارها

أتيتك أثني بالذي أَنْتَ أهله • عليك كَمَا أثنى عَلَى الروض جارها

ذكرتك إذ فاض الفرات بأرضنا • وجلل عَلَى الرقتين بحارها

فَإِن مت لَمْ يوصل صديق ولَمْ تقم • طريق من المعروف أَنْتَ منارها

قال الزُّبَيْر: حَدَّثَنِي عمي مُصْعَب بْن عَبد اللَّهِ، قال لَهُ عَبد المَلِك بْن مَرْوَان: ويحك يا ابْن قَيْس، أما اتقيت اللَّه حِينَ تقول فِي ابْن جَعْفَر:

أَنْتَ رجلا قَدْ يعلم اللَّه أَنَّهُ • تجود لَهُ كف قليل غرارها


(١) تاريخ دمشق: ٤٢ - ٤٣.
(٢) تقدت: أي سارت سيرا بعجل ولا مبطئ.