للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كتاب هُوَ، فِي أي ورقة هو، في أي مصفح هُوَ، فِي أي سطر هُوَ.

وَقَال عَبْد الرَّحْمَنِ بْن أَبي حاتم (١) : حضر عِنْدَ أَبِي زرعة مُحَمَّد بْن مُسْلِم، والفضل بْن الْعَبَّاس المعروف بالصائغ فجرى بينهم مذاكرة، فذكر مُحَمَّد بْن مُسْلِم حَدِيثا وأنكر فضلك الصائغ، فَقَالَ لَهُ يا أَبَا عَبد اللَّهِ لَيْسَ هكذا هُوَ. فَقَالَ: كَيْفَ هُوَ؟ فذكر رواية أُخْرَى. فَقَالَ مُحَمَّد بْن مُسْلِم: بَل الصحيح مَا قُلْت والخطأ مَا قُلْت. قال فضلك: فأبو زُرْعَة الحاكم بيننا.

فَقَالَ مُحَمَّد بْن مُسْلِم لأبي زرعة: أيش تقول أينا المخطئ؟ فسكت أَبُو زُرْعَة ولَمْ يجب. فَقَالَ مُحَمَّد بْن مُسْلِم: ما لك تسكت، تكلم فجعل أَبُو زُرْعَة يتغافل، فألح عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن مُسْلِم، وَقَال: لا أعرف لسكوتك معنى إِن كنت أنا المخطئ فأخبر، وإن كَانَ هُوَ المخطئ فأخبر.

فَقَالَ: هاتوا أبا القاسم ابْن أَخِي، فدعي بِهِ فَقَالَ: اذهب فادخل بَيْت الكتب فدع القمطر الأَوَّل، والقمطر الثَّانِي، والقمطر الثالث وعد ستة عشر جزءا وائتني بالجزء السابع عشر.

فَذَهَبَ فجاء بالدفتر فدفعه إِلَيْهِ، فأخذ أَبُو زُرْعَة فتصفح الأوراق فأخرج الحَدِيث ودفعه إِلَى مُحَمَّد بْن مُسْلِم فقرأه مُحَمَّد بْن مُسْلِم فَقَالَ: نعم غلطنا، فكان ماذا!

وَقَال عَبْد الرحمن (٢) : سمعت أبا زرعة يقول: يمعت من بَعْض المشايخ أحاديث، فسألني رجل من أَصْحَاب الحَدِيث فأعطيته كتابي فرد عَلِي الكتاب بَعْد ستة أشهر، فأنظر فِي الكتاب فَإذَا بِهِ قَدْ غَيْر فِي سبعة مواضع. قال أَبُو زُرْعَة: فأخذت الكتاب وصرت إِلَى عنده، فَقُلْتُ (٣) : ألا تتقي اللَّه تفعل مثل هَذَا؟ قال أَبُو زُرْعَة: وأوقفته على موضع


(١) تاريخ الخطيب ١٠ / ٣٣٠ - ٣٣١.
(٢) تاريخ الخطيب: ١٠ / ٣٣١.
(٣) في المطبوع من تاريخ الخطيب"فقلت له".