للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أنه وصل الإمام الكبير الفقيه قطب الدين النيسابوري (١)، وهو فقيه عصره ونسيج وحده، فسر به نور الدين، وأنزله بحلب بمدرسته بباب العراق، ثم أرسله إلى دمشق، فدرس بزاوية الجامع الغربية، المعروفة بالشيخ نصر المقدسى، ونزل بمدرسة الجاروق (٢)، وشرع نور الدين في إنشاء مدرسة كبيرة للشافعية، فأدركه الأجل قبل ذلك (٣). قال أبو شامة (٤): هي العادلية (٥) الكبيرة التي عمرها بعده الملك العادل أبو بكر ابن أيوب أخو صلاح الدين.

ومنها أن أبا يعقوب يوسف بن عبد المؤمن (٦) سير عساكره، وسار من إشبيلية إلى الغزو، فقصد بلاد الإفرنج، ونزل على مدينة رُندَة -وهي بالقرب من طليطلة شرقا منها- وحصرها، فاجتمعت الفرنج على ابن ألفونش -ملك طليطلة- في جمع كثير، فلم يقدموا على لقاء المسلمين، واتفق أن الغلاء اشتد على المسلمين، وعدمت الأقوات عندهم، وهم في جمع كثير، فاضطروا إلى مفارقة بلاد الإفرنج، فعادوا إلى أشبيلية، وأقام أبو يعقوب بها إلى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وهو في ذلك يجهز العساكر، ويسيرها إلى بلاد الإفرنج في كل وقت. وكان فيها عدة وقائع وغزوات، وظهر فيها من العرب من الشجاعة ما لا يوصف، حتى صار الفارس منهم يبرز بين الصفين، ويطلب مبارزة الفارس المشهور من الفرنج، فلا يبرز إليه أحد (٧).


(١) القطب النيسابوري: هو أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود الطريثيثى، نسبة إلى طرثيث بنيسابور. ولد سنة ٥٠٥ هـ/١١١١ م، وتوفي سنة ٥٧٨ هـ/ ١١١٢ م بدمشق، انظر: وفيات الأعيان، ج ٥، ص ١٩٦؛ الدارس، ج ١، ص ١٨٣ - ١٨٤؛ شذرات الذهب، ج ٤، ص ٢٦٣.
(٢) مدرسة الجاروق: هي الجاروخية، وكانت داخل باب الفرج والفراديس شمال الجامع الأموي، بناها سيف الدين جاروخ التركماني. انظر: الدارس، ج ١، ص ٢٢٥ وما بعدها.
(٣) انظر هذا الخبر في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٤٥؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٨٤.
(٤) انظر: الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٤٥.
(٥) المدرسة العادلية: هي المدرسة التي أنشأها العادل داخل دمشق شمالى الجامع. انظر: الدارس، ج ٣، ص ١٥٩ وما بعدها، انظر أيضا: خطط الشام، ج ٦، ص ٨٥ - ٨٦.
(٦) أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن: صاحب المغرب، دخل الأندلس سنة ٥٦٦ هـ/ ١١٧١ م، ونزل أشبيلية، وتوفى سنة ٥٨٠ هـ/ ١١٨٤ م، انظر: وفيات الأعيان، ج ٧، ص ١٣٠ - ١٣٧.
(٧) ورد هذا النص بتصرف في، الكامل، ج ١٠، ص ٤٧ - ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>