كتاب عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان [565 - 628 هـ]

فصل فيما وقع من الحوادث في السنة التاسعة والستين بعد الخمسمائة *

استهلت هذه السنة والخليفة هو المستضيء بأمر الله (١)، وصاحب مصر السلطان الملك الناصر يوسف بن أيوب، وصاحب الشام وحلب وغيرهما الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، غير أنه توفي إلى رحمة الله في هذه السنة على ما نذكره عن قريب إن شاء الله تعالى. فلنذكر أولا ماجريات صلاح الدين، ثم ماجريات نور الدين، ثم نذكر وفاته إن شاء الله.

[ذكر ماجريات صلاح الدين]

منها أنه أرسل أخاه شمس الدولة تورانشاه بن أيوب إلى اليمن (٢)، وكان صلاح الدين قد أقطعه قوص وأعمالها، وارتفاعها مائة ألف دينار، ثم تجهز منها، وسافر، ووصل زَبيد (٣)، وقتل ابن المهدي (٤) صاحبها، وكان يلقب أمير المؤمنين، فلما قتله سيّر نواب الحصون مفاتيحها إليه، وهي أحد وأربعون حصنًا.

وقال العماد (٥): وفي رجب توجه توران شاه (٦) -أكبر أخوة صلاح الدين- إلى اليمن فملكها، وكان يحثه على المسير إليها عمارة اليمنى (٧)، شاعر القصر، وكان كثير المدح

* يوافق أولها ١٢ أغسطس ١١٧٣ م.
(١) الخليفة المستضيء بأمر الله هو الحسن بن يوسف بن محمد بن أحمد بن عبد الله أمير المؤمنين المستضيء بالله، توفي عام ٥٧٥ هـ/ ١١٧٩ م. انظر: فوات الوفيات، ج ١، ص ٢٦٩ - ٢٧١.
(٢) ورد النص بتصرف في النوادر السلطانية، ص ٤٦؛ الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٥١.
(٣) زَبيد: مدينة في اليمن أحدثت في أيام المأمون وبإزائها ساحل غلافقة وساحل المندب. انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٩١٥.
(٤) هو: عبد النبي بن على بن مهدي بن محمد ثالث حكام الدولة المهدية باليمن "زبيد" حكم من (٥٥٨ هـ - ٥٦٩ هـ/ ١١٦٢ م - ١١٧٣ م). وقد هزمه المعظم توران شاه بن أيوب. انظر: زامباور معجم الأنساب والأسرات الحاكمة، ج ١، ص ١٨٢؛ شذرات الذهب، ج ٤، ص ٢٣٤.
(٥) انظر قول العماد بالروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٥١، حيث ينقل أبو شامة عن العماد من كتاب البرق الشامي وهو غير موجود بين أيدينا الآن.
(٦) هو الملك المعظم شمس الدولة توران شاه بن أيوب بن شاذي بن مروان الملقب فخر الدين، سيرة أخوه فغزا النوبة، ثم بعثه فافتتح اليمن، وتحول من الشام إلى مصر سنة ٥٧٤ هـ/ ١١٧٨ م، ثم مات بالإسكندرية سنة ٥٧٦ هـ/ ١١٨٠ م. انظر: وفيات الأعيان ج ١، ص ٣٠٦؛ شذرات الذهب، ج ٤، ص ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٧) عمارة اليمني: هو أبو محمد عمارة بن أبي الحسن علي بن زيدان بن أحمد بن محمد الحكمي اليمني، وسيذكره العيني بالتفصيل في وفيات هذه السنة ٥٦٩ هـ/ ١١٧٣ م. انظر ما يلي ص ١٨٤ وما بعدها. انظر: وفيات الأعيان، ج ٣، ص ٤٣١؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٩٤؛ النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ٧٠؛ الشذرات، ج ٤، ص ٢٣٤.