للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتُورَان شاه، فتجهَز وسَار إلى مكة، ثم إلى زبيد فملكها، وقبض على الخارجي (١) بها، وأهلكهـ نائبه سيف الدولة مبارك بن منقذ (٢). ومضى إلى عدن فأخذها واستناب فيها عز الدين عثمان الزنجيلي (٣)، وفتح حصن تعزّ (٤) وغيره من القلاع.

وقال ابن شداد (٥): ولما [كانت] (٦) سنة تسع وستين رأي صلاح الدين قوة عسكره وكثرة عدد إخوته وقوّة بأسهم. وكان بلغه أن باليمن إنسانا استولى عليها وملك حصونها، وهو يخطب لنفسه، يسَمَّى عبد النبي بن مهدي، ويزعم أنه ينتشر ملكه إلى الأرض كلها، واستَتبَ أمره، فرأى أن يسيّر إليها أخاه الأكبر الملك المعظم توران شاه، وكان كريما أريحيًا حسن الأخلاق (٧)، فمضى إليها، وفتح الله على يديه، وقتل الخارجي الذي كان بها. وكان أخو هذا الخارجي [قد خرج] (٨) باليمن قبله.

وقال ابن أبي طيّ (٩): وكان سبب خروج شمس الدولة إلى اليمن أنه كان كريما جوادا، وكان إقطاعه بمصر لا يقوم بفتوَّته، ولا [ينهض] (١٠) بمروَّته. وكان قد انتظم في سلكه عمارة الشاعر، وكان من أهل اليمن، وكان ورد إلى مصر، ومدح أصحابها. فلما


(١) الخارجي: هو عبد النبي بن على بن مهدي، ثالث حكام الدولة المهدية. انظر ما سبق ص ١٣٥، حاشية (٤).
(٢) هو: المبارك بن كامل بن علي بن مقلد بن نصر من منقذ الكناني، الملقب سيف الدولة مجد الدين. كان من أمراء الدولة الصلاحية، ولما سير صلاح الدين أخاه توران شاه إلى بلاد اليمن وتملكها، رتب ابن منقذ هذا نائبًا عنه في زبيد. وكانت وفاة المبارك هذا سنة ٥٨٩ هـ/ ١١٩٣ م بالقاهرة. انظر: وفيات الأعيان، ج ٤، ص ١٤٤.
(٣) هو: "عز الدين أبو عُمر عثمان بن على الزنجاري - كان صاحب اليمن، وانتقل إلى الشام في زمن الملك العادل سيف الدين أبي بكر". هكذا ورد اسمه في الأعلاق الخطيرة لابن شداد، ص ٢٢٢. وورد اسمه في الدارس، ج ١، ص ٥٢٦. "أبو عمرو عثمان بن على الزنجيلي".
(٤) حصن تَعِزُّ: بالفتح ثم الكسر والزاي مشددة، قلعة عظيمة من قلاع اليمن المشهورات. انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ٨٥٤.
(٥) انظر: النوادر السلطانية، ص ٤٦، حيث ينقل العينى عنه بتصرف.
(٦) "كان" في نسختي أ، ب. والمثبت بين الحاصرتين من النوادر السلطانية، ص ٤٦، حيث ينقل العينى عنه.
(٧) ذكر في الروضتين أنه سمع من صلاح الدين ما نصه "الثناء على كرمه ومحاسن أخلاقه وترجيحه إياه على نفسه".
انظر: الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٥٢.
(٨) ما بين الحاصرتين إضافة للتوضيح من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٥٢.
(٩) انظر قول ابن أبي طى في الروضتين، المصدر السابق حيث أن الروضتين هو المصدر المتاح لدينا لأقوال ابن أبي طي، ج ١ ق ٢، ص ٥٥٢.
(١٠) "تنهض" في نسختى المخطوطة أ، ب، والمثبت من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>