للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب بذلك إلى أخيه الملك الناصر صلاح الدين، فأرسل إلى نور الدين يخبره بذلك، فأرسل نور الدين مهذب الدين أبا الحسن علي بن عيسى النقاش بالبشارة بذلك إلى بغداد. وذكر العماد الأمير مجد الدين سيف الدولة المبارك بن كامل بن منقذ المستناب بزَبِيدَ، ووصفه بأنه من الكفاة "الرماة" (١) والدُّهاة ذوي الآراء، وأنه فاضل من أهل بيت فضل، كتب العماد من شعره:

لما نزلتُ الدَّير قُلْتُ لصَاحبي … قُم فاخطُب الصَّهْباءَ من شَمّاسِه

فأتي وفي يُمناه كأسٌ خِلْتُها … مقبوسَةً في اللّيل من نبراسه

وكأنّ ما في كأسه من خَدّه … وكأنّ ما في خَدِّه من كَاسِه

وكأن لذَّةَ طَعْمها من رِيقِه … وأريجُها الفيَّاحُ من أنْفَاسِه

لم أنسَ ليلة شُرْبِها بغنائه … إذ بات يجْلُوها على جُلاسِه

إذ قام يَسْقِينَا المُدام وكُلَّما … عاتَبْتُه (٢) ردَّ الجوابَ بِراسِه

ومدحه أبو الحسن بن الذَّروى المصرى (٣) بقصيدة غراء ذالية، ما أظن أنه نُظِمَ على قافية الذال أرق منها لفظا وأروق (٤) معنى، أولُهَا:

لك الخيرُ عرِّج بي (٥) على رَبْعِهم فَذِي … رُبوعٌ يفوح المِسْكُ من عَرْفِها الشَّذِى

مَبَارِكُ عِيسِ الوَفد بَابُ مُباركٍ (٦) … وهل منقذُ القُصَّاد غيرُ ابن مُنْقذِ

وفي المرآة (٧): لما سار شمس الدولة إلى اليمن، وكان أعيانها قد كتبوا إلى صلاح الدين؛ يسألونه أن يبعث إليهم بعض أهله، فلما وصل شمس الدولة إلى مكة، صعد


(١) "الكرماء" في الروضتين الذي ينقل عن ابن أبي طي. انظر: ج ١ ق ٢، ص ٥٥٥.
(٢) "عابثته" في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٥٥.
(٣) هو: القاضي الوجيه رضي الدين أبو الحسن علي بن أبي الحسن يحيى بن الحسن بن أحمد المعروف بابن الذَّروي، وهو الأديب الشاعر. والذروي بفتح الذال المعجمة والراء وبعدها واو نسبة إلى ذَرَوَة، وهي قرية بصعيد مصر. انظر: خريدة القصر، قسم شعراء مصر، ج ١، ص ١٨٧ - ١٨٨؛ وفيات الأعيان، ج ٤، ص ١٤٥ - ١٤٦؛ فوات الوفيات، ج ٢، ص ١٨٨.
(٤) "أدق" في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٥٥.
(٥) "من على" في نسخة ب.
(٦) "مبارك وفد العيس" في وفيات الأعيان، ج ٤، ص ١٤٥.
(٧) انظر: مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٨٨، حيث ينقل العينى عنه بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>