للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تاريخ ابن كثير (١): اجتمع نجم الدين عمارة الشاعر اليمني الفقيه الشافعي مع جماعة من رؤس الدولة الفاطمية الذين كانوا حكاما، فاتفقوا فيما بينهم أن يعيدوا الدولة الفاطمية، وكتبوا إلى الإفرنج يستدعونهم إليهم، وعينوا خليفة من ذرية الفاطميين، ووزيرا وأمراء في غيبة السلطان صلاح الدين ببلاد الكرك، ثم اتفق مجيؤه وحرض عمارة اليمني شمس الدولة توران شاه على المسير (٢) إلى اليمن؛ ليخف الجيش ويضعف عن مقاومة الفرنج إذا قدموا لنصرة الفاطميين. فخرج توران شاه ولم يخرج معه عمارة إلى اليمن، بل أقام بالقاهرة يفيض في هذا الحديث، [ويداخل] (٣) المتكلمين فيه، وكان من أكابر الدعاة إليه والمحرضين عليه. هذا وقد أدخلوا معهم في هذا الأمر بعض من ينسب إلى الملك الناصر؛ وذلك من قلة "عقلهم وكثرة جهلهم" (٤). فخانهم أحوج ما كانوا إليه، وهو الشيخ زين الدين علي بن نجا الواعظ (٥)، جاء إلى السلطان الملك الناصر، فأخبره بما تمالأ القوم عليه، وبما انتهى أمرهم إليه، فأطلق له السلطان أموالا جزيلة، وأفاض عليه حللا جميلة، ثم استدعاهم السلطان واحدًا واحدًا، فقررهم فأقروا له بذلك، فاعتقلهم، ثم استفتى الفقهاء في أمرهم فأفتوه بقتلهم (٦)، وتبدد شملهم. فعند ذلك أمر بصلب رؤوسهم وأعيانهم دون أتباعهم وغلمانهم، وأمر بنفي من بقي من جيش العبيديين إلى أقاصى البلاد، وأفرد ذرية العاضد وأهل بيته في دار، فلا يصل إليهم إصلاح ولا إفساد، وأجرى عليهم من الأرزاق كفايتهم (٧). وقد كان عمارة معاديا للقاضي الفاضل (٨) فلما أحضر بين يدي السلطان، قام القاضي الفاضل فاجتمع


(١) انظر: البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٩٤، حيث نقل العينى عنه بتصرف.
(٢) "المصير" في نسختى المخطوطة وهو خطأ. والمثبت من البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٩٤.
(٣) "ويتداخل" في نسختى المخطوطة أ، ب، والمثبت من البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٩٤، وهو أولى.
(٤) "عقولهم وتعجيل دمارهم" في البداية والنهاية ج ١٢، ص ٢٩٤.
(٥) هو: زين الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نجا بن غنايم الأنصاري. الفقيه الواعظ، المعروف بابن نجيّة. توفي سنة ٥٩٩ هـ/ ١٢٠٢ م بمصر. انظر: وفيات الأعيان، ج ٢، ص ٥٣٠؛ الذيل على الروضتين، ص ٣٤، طبقات الحنابلة، ج ١، ص ٤٣٦؛ الدارس، ج ٢، ص ٦٧.
(٦) عن هذه الحادثه انظر: الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٦٠ - ٥٦١.
(٧) "ما يليق بهم من الأرزاق والثياب" في البداية والنهاية: ج ١٢، ص ٢٩٥.
(٨) هو: أبو على عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن البيساني، المولى الأجل القاضي الفاضل. وقد عاصر فترتين من فترات الحكم في مصر، سقوط الفاطمي وقيام الأيوبي. كما كان صاحب ديوان الإنشاء في عهدي شيركوه وصلاح الدين وقد جعله صلاح الدين كاتبه وصاحبه ووزيره، واعتمد عليه في كل ما يتعلق بشئون دولته. توفي بالقاهرة، سنة ٥٩٦ هـ/ ١٢٠٠ م. انظر: خريدة القصر، قسم شعراء مصر، ج ١، ص ٣٥؛ وفيات الأعيان، ج ٣، ص ١٥٨؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٢٧ - ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>