للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنصر الناس لإخوانه، فذكر ابن محيريز في مجلسه، فقال رجل: "كان رجلا بخيلا" (١)، فغضب ابن الديلمي وقال: كان جوادا حيث يحب الله، بخيلا حيث تحبون. وأما شعر ابن منقذ فلا اعتبار به، فهو القائل في ليلة الميلاد يمدح نور الدين:

في كلِّ عامٍ للبريَّة ليلةً … فيها [تُشَبُّ] (٢) النارُ بالإيقادِ

لكِنْ لنورِ الدّين مِن دُونِ الوَرى … نارينِ نارُ قِرًى ونارُ جهادِ

أبدًا يُصَرِّفُها نداهُ وبأسُه … فالعامُ أجمعُ ليلةَ الميلادِ

مَلكٌ له في كلِّ جِيدٍ مِنَّةٌ … أَبْهَي من الأَطْواقِ في الأَجْيادِ

أعلى الملوكَ يدًا وأمْنعُهم حِمًى … وأمَدُّهم كفًا ببَذْل تلادِ

يعْطِى الجَزيلَ من النوالِ تبرُّعًا … مِن غيرِ مَسْألةٍ ولا مِيعادِ

لازالَ في سَعْدٍ ومُلْكٍ دائمٍ … ما دامَت الدُّنيا بغيرِ نفادِ

ولقد أكثر ابن منير (٣)، وابن القيسراني (٤)، والعماد الكاتب وغيرهم من مدح نورَ الدين بالكرم والجود، "وذلك كله" (٥) يردّ قول الوهراني (٦) وابن منقذ. على أن ابن منقذ قد رددنا شعره لشعره كما تراه. وإنما الشعراء وأكثر الناس كما قال الله [تعالى] (٧) في وصف قوم: {فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا [مِنْهَا] (٨) إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ}.

وما كل وقت يتفق العطاء، ويفعل الله ما يشاء.


(١) "رجل كان بخيلًا" في الروضتين عن الحافظ ابن عساكر، ج ١ ق ٢، ص ٥٨٤.
(٢) "يشب" في نسخته المخطوطة أ، ب. والمثبت من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٨٤.
(٣) هو: أبو الحسين أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح الطرابلسي، الملقب مهذب الدين. كان شاعرا مجيدا مكثرا هجاءً معارضا للقيسراني في زمانه. توفي بحلب سنة ٥٤٨ هـ / ١١٥٣ م. انظر: الخريدة، قسم شعراء الشام، ج ١، ص ٧٦ - ٩٥؛ وفيات الأعيان، ج ١، ص ١٥٦.
(٤) ابن القيسراني: أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير بن داغر المخزومي الخالدي الحلبي، الملقب شرف الدين. كان هو وابن منير شاعرى الشام في ذلك العصر. توفي بدمشق سنة ٥٤٨ هـ. انظر: الخريدة، قسم شعراء الشام، ج ١، ص ٩٦ - ١٦٠. وقد ذكر أبو شامة أشعار كثيرة لهما وللعماد في مدح نور الدين انظر: الروضتين، ج ١ ق ١، ص ٤٤ - ٥٨؛ وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤٥٨.
(٥) "ما قليل منه" في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٨٥.
(٦) "المهراني" في نسخة ب.
(٧) ما بين الحاصرتين إضافة من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٨٥.
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت من سورة التوبة: آية (٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>